وافق طرفا الصراع في السودان (الاثنين 29-5-2023) على تمديد اتفاق وقف إطلاق النار لخمسة أيام، بعد الشكوك التي أثيرت مجددا إزاء فعالية هدنة تستهدف تخفيف الأزمة الإنسانية جراء الاشتباكات العنيفة والضربات الجوية التي شهدتها أجزاء من العاصمة الخرطوم.
وأعلنت السعودية والولايات المتحدة، اللتان توسطتا في اتفاق وقف إطلاق النار لمدة أسبوع ومراقبته عن بعد، موافقة الطرفين على تمديده قبل قليل من الموعد المقرر لانتهاء سريانه.
وقال البلدان في بيان مشترك إنه على الرغم من عدم الالتزام التام بوقف إطلاق النار، فقد أتاح توصيل المساعدات إلى نحو مليوني شخص.
وورد في البيان “التمديد سيتيح الوقت لتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية ومناقشة احتمال التمديد لفترة أطول”.
في غضون ذلك، ذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه تسنى له اعتبارا من يوم السبت القيام بأول عملية توزيع للمواد الغذائية في الخرطوم منذ بداية الصراع.
وقالت مصادر مطلعة على الاتفاق الجديد إن المباحثات مستمرة على تعديلات لجعل الهدنة أكثر فعالية.
وقبل ساعات، أفاد سكان باندلاع معارك في مدن الخرطوم وأم درمان وبحري. وقالوا إن حدة القتال أشد مما كانت عليه في الأيام الثلاثة الماضية.
واندلع الصراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في 15 أبريل نيسان، ما أدى إلى مقتل المئات وفرار ما يقرب من 1.4 مليون شخص من ديارهم.
وقال سكان إنه أمكن سماع دوي الضربات الجوية، التي يستخدمها الجيش لاستهداف قوات الدعم السريع المنتشرة في أحياء بالعاصمة، في أم درمان ظهيرة اليوم الاثنين.
وقال حسن عثمان (55 عاما)، وهو من سكان أم درمان، لرويترز عبر الهاتف إنه منذ مساء أمس تقع ضربات باستخدام جميع أنواع الأسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأضاف أن هناك حالة خوف كبير بين السكان، متسائلا “أين الهدنة؟”.
وتوقف القتال العنيف مؤقتا في الأيام المنصرمة في ظل الهدنة، غير أنه استمرت الاشتباكات والضربات الجوية على نحو متفرق.
وقالت السعودية والولايات المتحدة أمس الأحد إن كلا من الجيش وقوات الدعم السريع انتهك الهدنة مرارا وعرقل وصول المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية.
وفيات الأيتام
قالت وزارة الصحة إن القتال تسبب في مقتل أكثر من 700، لكن من المرجح أن يكون العدد الحقيقي أعلى بكثير بسبب صعوبة وصول عاملي الصحة والمساعدات إلى مناطق الصراع.
وسجلت الحكومة بشكل منفصل ما يصل إلى 510 وفيات في الجنينة، إحدى المدن الرئيسية في إقليم دارفور غرب البلاد والذي كان يعاني بالفعل من الصراع والنزوح.
طالت عمليات نهب وتدمير مصانع ومكاتب ومنازل وبنوكا في الخرطوم. وكثيرا ما تشهد العاصمة السودانية انقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات، كما تعاني من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية وكذلك نفاد الإمدادات الغذائية.
وأعدت رويترز تقريرا عن وفاة عشرات الأطفال في أكبر دار للأيتام بالخرطوم منذ بدء الصراع، وعزا أحد المسؤولين هذه الوفيات بشكل رئيسي إلى نقص العاملين على الرعاية وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر بسبب القتال.
وتقول الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة إنه على الرغم من الهدنة فإنها تكابد للحصول على موافقات وضمانات أمنية لتوصيل المساعدات وفرق الإغاثة إلى الخرطوم وغيرها من الأماكن التي تحتاج إليها.
وقال برنامج الأغذية العالمي إنه بدأ عمليات التوزيع على مدى ثلاثة أيام في العاصمة يوم السبت ووصل إلى أكثر من 12 ألف شخص في المناطق التي يسيطر عليها الجيش وقوات الدعم السريع في أم درمان. وأضاف أنه يخطط للوصول إلى ما لا يقل عن 500 ألف شخص في الخرطوم.
ويتوقع البرنامج أن يقع ما يصل إلى 2.5 مليون شخص في السودان في براثن الجوع في الأشهر المقبلة، مما يرفع عدد المتضررين من نقص الغذاء الحاد إلى أكثر من 19 مليونا، أو 40 بالمئة من السكان.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي لرويترز إن التوقعات التي تشير إلى احتمال فرار مليون شخص من السودان بحلول أكتوبر تشرين الأول ربما تكون متحفظة مشيرا إلى أن العدد قد يكون أكبر من ذلك.
وفر أكثر من 350 ألف شخص بالفعل إلى دول مجاورة وتوجه أغلبهم إلى مصر وتشاد وجنوب السودان.