السبت 10 ذو القعدة 1445 ﻫ - 18 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

إسقاط الطائرة الأوكرانية ربما يكون متعمدا.. تسجيل صوتي يفضح إيران

بعد عام من قيام الحرس الثوري الإيراني بإسقاط رحلة الخطوط الأوكرانية، تتواصل الروايات المختلفة التي تسردها السلطات الإيرانية حول حقيقة ما حصل بالفعل ليلة الثامن من يناير عام 2020، والتي ضمت نهاية مأساوية لأكثر من 176 شخصا من المسافرين الأبرياء الذين كانوا على متن الطائرة الأوكرانية “752”.

وقد واصلت طهران كذبها على المجتمع الدولي، فبعد صمت طويل تلا الحادثة، ادعت طهران أن الطائرة أسقطت “عن طريق الخطأ”، لكن تسجيلا سريا، كشفت عنه هيئة الإذاعة الكندية “سي بي سي”، استعرض رواية مغايرة تماما.

ففي تقرير نشرته الهيئة، الثلاثاء، أكدت أن الحكومة الكندية والوكالات الأمنية، بصدد مراجعة تسجيل صوتي يتحدث فيه رجل، حدّدته مصادر على أنه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، عن احتمال أن يكون تدمير الطائرة الأوكرانية “عملاً متعمداً”.

وذكرت الهيئة أنها استمعت للتسجيل الصوتي وأنه يمكن سماع شخص، رجّحت مصادر بأنه وزير الخارجية الإيراني، وهو يقول إن هناك “ألف احتمال” لتفسير إسقاط الطائرة ، بما في ذلك هجوم متعمد شارك فيه اثنان أو ثلاثة “متسللين”، وهو السيناريو الذي قال إنه “ليس مستبعدًا على الإطلاق”.

وفي التسجيل باللغة الفارسية الذي استعرضته قناة “سي بي سي نيوز” سُمع الشخص الذي تم تحديده على أنه ظريف يشير إلى أن الإسقاط كان عرضيًا لكنه قال لاحقًا إنه من المحتمل أن “متسللين” أسقطوا الطائرة عمدًا.

ثم يضيف “حتى لو افترضت أنه كان عملا مقصودا ومنظما، فلن يخبرونا أو يخبروا أي شخص آخر” ثم تابع “كان من الممكن أن يكون هناك شخصان أو ثلاثة أشخاص فعلوا هذا، الأمر ليس مستبعدًا على الإطلاق”.

ثم عاد مجددا وقال: “من الممكن أن يكونوا متسللين، هناك ألف احتمال، ربما كان ذلك حقًا بسبب الحرب”.

ويمضي بالقول إن “هذه الأشياء لن يتم الكشف عنها بسهولة”، من قبل الحرس الثوري أو من هم في أعلى مرتبة في الحكومة.

والحرس الثوري الإيراني هو جناح النخبة في الجيش الإيراني الذي يشرف عليه، علي خامنئي، المرشد والقائد الأعلى للبلاد.

وتم تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والبحرين والمملكة العربية السعودية.

وفي التسجيل، يشير الرجل الذي تم تحديده على أنه ظريف إلى روسيا كمثال لدولة اتُهمت بالتورط في إسقاط طائرة رحلة الخطوط الجوية الماليزية، سنة 2014، لكنها لم تعترف بذلك مطلقًا.

وخصصت الهيئة الكندية ثلاثة أشخاص لترجمة التسجيل من الفارسية إلى الإنكليزية لالتقاط الفروق الدقيقة في اللغة.

وكشفت “سي بي سي” أن المحادثة جرت في الأشهر التي أعقبت إسقاط الطائرة بصاروخين أرض – جو أطلقتهما قوات الحرس الثوري الإيراني خلال استهدافها قوات أميركية في قواعد عسكرية بالعراق، ردا على مقتل جنرالها، قاسم سليماني بغارة أميركية في الثالث من يناير عام 2020.

وأسفر تحطم الطائرة عن مقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 176 شخصًا، بمن فيهم 138 شخصًا على صلة بكندا (مواطنون ومقيمون).

وأوضحت “سي بي سي” أنها لن تكشف عن مصادر التسجيل من أجل حماية هوياتهم وخوفا من ملاحقتهم أمنيا.

وقال رالف غودال، المستشار الخاص لرئيس الوزراء الكندي بشأن ملف الرحلة الأوكرانية، إن “الحكومة الكندية على علم بالتسجيل” وأوضح أن فريق فحص وتقييم الطب الشرعي الكندي حصل على نسخة في نوفمبر الماضي.

وكشف أن الملف الصوتي يحتوي على “معلومات حسّاسة”، وأن التعليق علنا على تفاصيله “قد يعرض أرواحا للخطر”.

وقال كذلك إن الشرطة الملكية الكندية، وأجهزة الاستخبارات ومؤسسة أمن الاتصالات، تقوم بتقييم صحة التسجيل.

ومضى يقول: “نحن نتعامل مع كل الأدلة المحتملة بالجدية التي تستحقها”.

ثم تابع “نحن نتفهم تعطش العائلات للحقيقة الكاملة، وهو ما سنبذل قصارى جهدنا للحصول عليه”.

التعويض لإسكات أسر الضحايا

كما أشار الرجل أكثر من مرة أثناء التسجيل إلى التعويض كوسيلة لإغلاق “القضية” وقال إن إيران تريد تعويض عائلات الضحايا لمنع دول أخرى من تحويل الكارثة إلى “جريمة دولية”.

وقال إنه في حين أن إيران ستسلم مسجلات رحلة الطائرة إلى فرنسا لتحليلها، فإن البيانات التي تم الحصول عليها لن تُظهر ما إذا كان شخص ما أطلق النار عمدًا على الطائرة أم لا.

وعلى الرغم من الالتزامات الدولية التي تنص على ضرورة تحليل الصناديق السوداء “دون تأخير” فإن إيران لم تمض قدمًا في هذه العملية إلا بعد ستة أشهر من تحطم الطائرة.

واقترحت إيران تعويضًا قدره 150 ألف دولار لكل أسرة من أسر الضحايا، لكن كندا رفضت هذا العرض، وقال جودال إن إيران ليس لها الحق في تقديم تعويضات لعائلات الضحايا من جانب واحد.

المدعي العام السابق للأمم المتحدة وعضو محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي، بايام أخافان، قال إن التسجيل الآن في أيدي وكالات المخابرات الكندية وهو دليل جديد “مهم للغاية”.

وقال إن ظريف يعرف جيدا أنشطة الحرس الثوري الإيراني وهو “عضو مؤثر للغاية ومطّلع على أعلى مستوى في الحكومة الإيرانية”، مضيفًا أن التسجيل يشير إلى أن إيران لم تجر تحقيقًا مناسبًا.

وقال أخافان: “حيثية قوله إنه ليس من المستبعد على الإطلاق أن يكون تدمير الطائرة منظمًا ومتعمدًا هو أمر بالغ الأهمية”.

ثم تابع “أعتقد أنه يجب أن يجعلنا ذلك نتوقف قليلاً ونفكر حقًا فيما إذا كان هناك شيء أكثر شيطانية في القضية”.

بينما قال سفير أوكرانيا لدى كندا، أندريه شيفتشينكو، لـ “سي بي سي” إن هذه هي المرة الأولى التي تسمع فيها أوكرانيا عن هذا التسجيل، على الرغم من أن الشرطة الملكية الكندية تساعد أوكرانيا في التحقيق الجنائي الخاص بها، وقال إنه يريد من أوكرانيا دراسة هذه المعلومات بعناية.

وأضاف “هذا سبب آخر يدفعنا لعدم قبول أي شيء أقل من الحقيقة”، وتابع “نحن لا نريد أن نرى أي كبش فداء بدلاً من الظالمين الحقيقيين، لا نريد أن نرى الحقيقة مخفية وراء أسرار الدولة، نريد أن نصل إلى جوهر هذا”.

وعندما سُئل عما إذا كان يعتقد أن إسقاط الطائرة كان متعمدًا، لم يستبعد شيفتشينكو ذلك، وقال: “في هذه المرحلة، لا يمكننا استبعاد أي احتمالات”.

وتلقت أوكرانيا التقرير النهائي من إيران حول تحقيقها لسلامة الطيران ولديها، حتى نهاية شهر فبراير، لتقديم الملاحظات، ولا يزال من غير الواضح متى ستنشر إيران التقرير علنًا.

وقال شيفتشينكو: “أعتقد أننا يجب أن ندرك جميعًا أن هذا التقرير يمكن أن يؤكد أن الطائرة أصيبت بصاروخ، لكنه لن يخبرنا من ضغط على الزر”.

ويبدو أن المحادثة المسجلة جرت قبل تسليم سجلات الرحلة (الصندوق الأسود)، وفقا للهيئة.

وظريف، هو المفاوض الرئيسي لإيران مع الدول التي فقدت مواطنيها على متن الطائرة الأوكرانية، وهو صوت جمهورية إيران على المسرح العالمي.

وخلال العام الماضي، دعم ظريف الادعاء الرسمي للحكومة بأن “الخطأ البشري” هو المسؤول عن الكارثة، وبعد وقت قصير من تحطم الطائرة، قال إن اعتراف الجيش “شجاع”، لكنه أضاف أن المسؤولين العسكريين أبقوه والرئيس في الظلام لأيام، في إشارة إلى المغالطة التي وقع فيها سابقا.

ونفت إيران في الأصل أي تورط لها في تدمير الطائرة، لكن وبعد ثلاثة أيام من الحادث، وفي مواجهة أدلة الأقمار الصناعية المتزايدة، اعترف الرئيس الإيراني، حسن روحاني، أن جيشه أسقط الطائرة “عن طريق الخطأ”.

بينما قال وزير الخارجية الكندي السابق، فرانسوا فيليب شامبين، إنه لا يعتقد أن تدمير الطائرة يمكن أن يُعزى إلى خطأ بشري.