الجمعة 10 شوال 1445 ﻫ - 19 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

"القطاع المالي".. استراتيجية أوروبا لمعاقبة روسيا بعد غزو أوكرانيا

أعلنت فرنسا، السبت، عن اعتراض سفينة تجارية تنقل مركبات إلى سانت بطرسبرغ ويعتقد أنها مرتبطة بشركة روسية مستهدفة بالعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو.

وحولت السفينة مسارها إلى بولونيه سور مير في شمال فرنسا، على ما أفادت الإدارة البحرية لوكالة فرانس برس.

وهذه السفينة البالغ طولها 127 مترا والتي اعترضتها الجمارك قبالة أونفلور، “يشتبه في ارتباطها بمصالح روسية مستهدفة بالعقوبات” كما أوضحت فيرونيك مانيان مسؤولة الاتصالات الإقليمية في الإدارة البحرية.

وأوضحت أن زورق دورية تابعا للجمارك يدعمه زورق دورية تابع للدرك وزورق دورية تابع للبحرية، رافق سفينة “بالتيك ليدر” التي كانت ترفع العلم الروسي، لمغادرة روان.

وتقوم الجمارك حاليا بتحقيقات على متن السفينة لتأكيد هذه الروابط.

وأقر الاتحاد الأوروبي، الخميس، حزمة غير مسبوقة من العقوبات ضد روسيا ردا على غزوها أوكرانيا، قبل وقت قصير من تعزيز لندن وواشنطن قيودهما لكن دون اتخاذ إجراءات جذرية.

وقال ناطق باسم السفارة الروسية في باريس لوكالة “تاس” للأنباء إن قبطان السفينة اتصل بالسفارة التي اتصلت بعدها بالسلطات الفرنسية لطلب توضيح للحادث.

وتركز الدول الغربية في استراتيجيتها لمعاقبة روسيا على غزوها الأراضي الأوكرانية، على القطاع المالي، إذ فرضت عليه عقوبات مباشرة، إضافة الى تجميد أصول الرئيس فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف.

ما هي الإجراءات المتخذة حتى الآن؟

أعلن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة تجميد أصول بوتين ولافروف.

وأكد البيت الأبيض الجمعة، أن الولايات المتحدة ستحذو حذو حلفائها وتفرض عقوبات على الرئيس ووزير خارجيته، بما يشمل منعهما من دخول أراضيها.

وأدرج الاتحاد الأوروبي على لائحته السوداء، أعضاء مجلس النواب الروسي (الدوما)، و26 من رجال الأعمال الروس.

كما تلزم العقوبات المصارف الأوروبية رفض أي ايداع مالي من مواطنين روس تفوق قيمته 100 ألف يورو. وسيتم منع العديد من الشركات الروسية المرتبطة بالدولة، من نيل تمويل أوروبي.

من جهتها، أعلنت كندا أنها ستفرض عقوبات على “58 شخصية وكيانا” روسيا بمن فيهم “أشخاص من النخبة الروسية” و”مصارف روسية كبيرة” و”أعضاء في مجلس الأمن القومي الروسي”، على أن تشمل هذه العقوبات بوتين ولافروف.

كما أعلنت اليابان “تجميد الأصول وتعليق منح تأشيرات الدخول لأشخاص ومنظمات روسية”، إضافة الى تجميد أصول مؤسسات مالية روسية.

وتستهدف أستراليا على وجه التحديد المتموّلين الروس وكل أعضاء الدوما، وتستعد لفرض عقوبات على بوتين ولافروف.

وركزت عقوبات واشنطن ولندن على عدد من المصارف الروسية أبرزها “في تي بي” (VTB) الذي أعلن أن استخدام زبائنه لبطاقات “فيزا” و”ماستركارد” الصادرة عنه، بات “غير ممكن”.

وقال ستيفان لو فسكونت، المحامي في مكتب “لينكلاترز”، لوكالة فرانس برس إن “استبعاد مصرف من النظام المصرفي الأميركي هدفه الحؤول دون تمكنه من سداد مدفوعات بالدولار”.

واستبعد أن يتم فرض إجراءات مماثلة مرتبطة باليورو (العملة الأوروبية الموحدة) “نظرا لوجود مسائل مرتبطة بالإعفاءات المتعلقة بمدفوعات (مصادر) الطاقة” التي تستوردها دول أوروبية عدة من روسيا، خصوصا الغاز والنفط.

هل العقوبات كافية؟

بالنسبة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي، تبقى العقوبات المعلنة حتى الآن ما دون المطلوب، وهو دعا عبر تويتر إلى “زيادة الضغط على روسيا”.

واحتفظت الدول الغربية الحليفة بخيار استبعاد روسيا من منظومة “سويفت” للتعاملات بين المصارف، إحدى أبرز الأدوات في النظام المالي العالمي.

وسيكون استبعاد موسكو من هذه المنظومة من أقسى العقوبات التي يمكن للدول الغربية فرضها. لكن الخطوة لم تحظَ بعد بالإجماع خصوصا في ظل تخوف عدة دول أوروبية من أن تؤثر على إمداداتها في مجال الطاقة من روسيا.

من جهته، اعتبر لو فسكونت أن العقوبات حتى الآن “غير ضعيفة وغير قوية”، وهي ثمرة “تسوية” تتيح للدول الغربية أن “توجع” روسيا، من دون أن تضرّ في الوقت عينه بمصالحها الذاتية.

وتشير التقديرات الى أن احتياط روسيا من العملات الصعبة ناهز 640 مليار دولار في 18 فبراير، نحو ضعف ما كان عليه في 2014 مع بدء التوتر بين موسكو والغرب بسبب أوكرانيا.

كما يقدّر بأن أصول الصندوق السيادي الروسي تصل الى 175 مليار دولار، ما قد يتيح لموسكو تمويل الشركات الاستراتيجية، والمملوكة بجزء كبير منها للدولة.

أي تبعات على المصارف الأجنبية؟

لدى العديد من المصارف الأوروبية فروع أو شركات تابعة في روسيا، أبرزها “سوسييته جنرال” الفرنسي و”أونيكريدي” الإيطالي و”ريفشن بنك انترناشونال” النمسوي.

وأوضح لو فسكونت أن هذه المصارف “لا تواجه الى الآن تبعات قانونية”، إلا أنها “ستعمل في بلد حيث ستتراجع قيمة العملة المحلية (الروبل)، وتواجه خطر زيادة التضخم بشكل حاد”.

كما سيكون عليها الاستغناء عن بعض زبائنها في حال تم تجميد أصولهم.

وأكد “سوسييتيه جنرال” و”أونيكريدي” لفرانس برس، عبر متحدث باسم كل منهما، أنهما يتابعان الوضع عن كثب، مؤكدين أن نشاطهما في روسيا يشكّل نسبة ضئيلة من أعمالهما الاجمالية.

وأوضح “ريفشن بنك انترناشونال” أن لفروعه في روسيا وأوكرانيا ما يكفي من رأس المال “وتموّل نفسها ذاتيا”.

هل يمكن التحايل على العقوبات؟

قال المحامي لدى “سويفت ليتيغايشن” جوليان مارتينيه، إن التحايل على العقوبات هو أمر ممكن عمليا، مشيرا على سبيل المثال إلى إيران التي تعاني من عقوبات أميركية صارمة تفوق بدرجة كبيرة تلك المفروضة على روسيا.

وأوضح أن التحايل قد يتم عبر طرف ثالث “لكنه ليس رسميا وليس مقبولا من المؤسسات المصرفية الكبيرة” التي تفرض قيودا صارمة في مجال “مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب”.

لذلك، تواجه المؤسسات المالية خطر عقوبات وخيمة بحال التحايل على العقوبات. وعلى سبيل المثال، دين مصرف “بي أن بي باريبا” الفرنسي بدفع غرامة قدرها 8,9 مليارات دولار لقيامه بين عامي 2004 و2012، بتحويل أموال عبر النظام المصرفي الأميركي لصالح عملاء سودانيين وإيرانيين وكوبيين.

وأشار المحلل في “ميرابو” جون بلاسارد الى أن الشركات النفطية الروسية مثل “روسنفت” و”غازبروم نفت” سبق لها أن أعلنت “أن خيار الدفع بعملات بديلة (عن الدولار) مدرج في العديد من عقود التزويد” المبرمة مع أطراف آخرين.

وبحسب نيكولا فلوريه، المتخصص بالصناعة المالية في شركة “ديلويت”، يمكن أن تلجأ روسيا الى استخدام العملات الرقمية “كوسيلة للدفع”، مشيرا إلى أن موسكو تزيد إنتاجها من هذه العملات.