السبت 11 شوال 1445 ﻫ - 20 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الليرة السورية: الانهيار مستمر

في مؤشر على عمق أزمة النظام الاقتصادية، وفشل سياساته النقدية، خسرت الليرة السورية المزيد من قيمتها خلال الأسبوع الحالي، بوتيرة أسرع من الأسابيع الماضية. ووصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى 681 ليرة سورية، بحسب مراسل “المدن” فادي خوري.

كما ارتفع سعر الذهب إلى أرقام لم يصلها سابقاً، وبلغ سعر غرام الذهب عيار 21 27800 ليرة، وارتفعت أسعار جميع السلع في السوق، ومن بينها المواد الغذائية. ووصل سعر ليتر الزيت النباتي إلى 850 ليرة، بعدما كان بحدود 650 ليرة في تشرين أول.

ويسود الجمود والتخبط معظم الأسواق السورية التي تعاني من تقلبات سعر الصرف وعدم استقرار الليرة، بالتزامن مع انهيار القوة الشرائية لمعظم شرائح المجتمع السوري الذي يبلغ فيه متوسط الأجور 40 ألف ليرة، ما يعادل 58 دولاراً. ويرجح أن تنخفض هذه القدرة الشرائية أكثر، تبعاً لانهيار الليرة السورية المتواصل.

وكان سعر صرف الدولار قد وصل في أيلول/سبتمبر إلى 691 ليرة، قبل أن يتدخل النظام بإجراءات أمنية مشددة عمدت إلى إغلاق مكاتب صرافة واعتقال صرافين، وإجبار البقية على عدم شراء الدولار ليهبط السعر خلال يومين إلى حدود 620 ليرة.

ورافقت تلك الإجراءات الأمنية المشددة حملة إعلامية استهدفت معظم رموز النظام الاقتصاديين ضمن أجواء أوحت بمساءلتهم مالياً. وتحدثت أنباء مسربة عن حجز احتياطي يطال ممتلكات البعض منهم، في مسعى لإجبارهم على التدخل والوقوف بوجه الانهيار النقدي، ودعم البنك المركزي بالعملة الصعبة. وتمخض عن جو الترهيب ذلك إنشاء ما يسمى “صندوق رجال الأعمال” بالتعاون مع غرف التجارة والصناعة، بهدف تأمين القطع الأجنبي اللازم للاستيراد “وفق سعر مناسب”، على أن يتحمل رجال الأعمال المساهمين في الصندوق بعض الخسارات الناتجة عن الفارق في سعر الصرف.

ورغم الإعلان عن وصول موجودات الصندوق إلى مليار دولار، منتصف تشرين الأول، بحسب احد أعضاء غرفة التجارة، إلا أن مبادرة “الصندوق” فشلت عملياً في كبح انهيار الليرة، واقتصرت مفاعيلها على تخفيف سرعة الانهيار، مع أخبار لاحقة عن تجميد المبادرة، بسبب تقييد استفادة المستوردين منها بشروط تعجيزية.

وفي الوقت الذي يتهرب فيه النظام من الاعتراف بالأسباب الحقيقية للانهيار الاقتصادي وهبوط الليرة، ويحيلها كالعادة إلى المؤامرات والعقوبات والحصار، أو للعمليات العسكرية الجارية في الشمال كما يرى مركز “مداد” البحثي التابع للنظام، في تقريره الأسبوعي، وما “تخلقه العمليات العسكرية من طلب شديد على الدولار”، فإن عوامل إضافية تُعمّق أزمة النظام المالية وتحرمه من واردات أساسية تنعكس سلباً على سعر الصرف.

ومن أهم تلك العوامل الثورة في لبنان التي أدت إلى انخفاض حركة تنقل الشاحنات بين البلدين إلى 10% من حجمها العادي. ويصح القول ذاته على معبر نصيب مع الأردن، شبه المتوقف أيضاً، بسبب انتهاء المواسم الزراعية في الأردن، بالإضافة إلى الخيبة من مردود معبر البوكمال الذي عول عليه النظام كثيراً، مع الأوضاع الثورية الجديدة في العراق. وأعلن النظام مؤخراً أن الخسارة الناجمة عن كلفة معبر البوكمال التشغيلية تبلغ 100 مليون ليرة شهرياً.

ولا تقتصر مفاعيل ثورتي لبنان والعراق على توقف حركة الترانزيت والتبادل التجاري، وإنما تجلت بحرمان النظام السوري ورجال أعماله من السحوبات البنكية في لبنان طيلة فترة إغلاق البنوك، وانخفاض كمية المبالغ المسموح بسحبها من العملة الصعبة بعد عودة تلك المصارف إلى العمل.

وكانت وسائل إعلام مرتبطة بالنظام، وشخصيات اقتصادية ومنهم حاكم مصرف سوريا السابق دريد درغام، قد حرضت السوريين على سحب أرصدتهم وودائعهم من البنوك اللبنانية مع بداية الحديث عن أزمة مالية في القطاع المصرفي اللبناني، قبل اندلاع الثورة، محذرة أصحاب الحسابات من تقييدها أو حتى خسارتها بالكامل مع استمرار الأزمة المالية في لبنان.

ومع صعوبة التنبؤ بمدى الانهيار الممكن مستقبلاً لليرة السورية والعتبات السعرية اللاحقة مقابل الدولار، إلا أن عودة انهيار سعر الليرة السورية ووصولها من جديد إلى قاعها الأدنى في تاريخها، في غضون شهرين فقط، مؤشر واضح على عجز النظام عن التدخل أو تقديم أية حلول حقيقية، ما يعني توقع المزيد من الهبوط في قيمة الليرة السورية، وهبوط القوة الشرائية لعموم السوريين.