الخميس 23 شوال 1445 ﻫ - 2 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

المصالحة السورية التركية آمال تتضاءل على وقع التطورات الإقليمية

كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، صراحةً، عن فشل مساعي بلاده في تحقيق اختراق على صعيد المصالحة السورية التركية، بعد أكثر من عام على استضافة موسكو لاجتماعات بين الطرفين، كان المأمول منها أن تفتح صفحة جديدة بين الجارين “اللدودين”.

وخلال مشاركته في منتدى أنطاليا الدبلوماسي في 3 آذار الحالي، تحدث لافروف عن “استحالة” اتخاذ خطوات عملية لتطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، معللًا هذا الانسداد بالتطورات في غزة، وانشغال الأطراف الدولية فيها.

تصريحات وزير الخارجية الروسي جاءت معاكسةً تماماً لتصريحاته التي أطلقها قبل عام؛ إذ كانت تتضمن نوعًا من التفاؤل فيما يتعلق بعملية التطبيع بين البلدين، وقد عدّها لافروف، آنذاك، أنها ستكون بمثابة “تحوّل كبير في المنطقة”.

ودفعت موسكو بشكل كبير باتجاه إنجاح مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق، واستضافت مباحثات عسكرية وأمنية، أواخر عام 2022.

ولم يُغفل لافروف الإشارة إلى التأثير المباشر للأحداث في مناطق أخرى على العملية الدبلوماسية، مُلمحاً إلى القصف الأمريكي الذي استهدف ميليشيات تدعمها إيران في العراق، وسوريا، واليمن، الذي عدّه “تصرفاً يُشتت الانتباه عن الجهود الرامية لتحسين العلاقات بين البلدين”.

ويعتقد الصحفي والكاتب السوري المختص بالشأن التركي، سركيس قصارجيان، أن “الظروف السياسية والتباين في الأولويات بين دمشق وأنقرة قد أفقدا المصالحة التركية السورية بريقها بالنسبة لكلا البلدين، وبنسبة أقل بالنسبة للوسطاء أيضاً”. في تصريح لـ”إرم نيوز”.

ويوضح قصارجيان أن “اللقاءات الأمنية بين الجانبين ضرورة يفرضها الأمر الواقع. لكن اللقاءات الدبلوماسية التي استضافتها موسكو في أبريل العام الماضي كان مردّها الرغبة الروسية الكبيرة بإتمام هذه الصفقة التي تلاقت مع رغبة الرئيس التركي بدخوله هو وحزبه، السباقين الرئاسي والبرلماني، في مايو الماضي، بانتصار دبلوماسي آخر متمثل بالتطبيع مع دمشق مرفقاً بشعارات عن محاربة الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال وشرق سوريا”.

كما يشير الكاتب السوري، إلى أنه “بالنسبة لدمشق فإن إنهاء ملف إدلب يعد أولوية لخطورة المجموعات المسلحة المتشددة المسيطرة على الأرض هناك، تليها منطقة الشمال التي تسيطر عليها أنقرة فعليًّا من خلال التشكيل الذي أسسته تحت مسمى “الجيش الوطني”، ومن ثم المنطقة الشرقية التي تحكمها عدة تعقيدات لناحية الوجود الأمريكي فيها”.

ويعتقد قصارجيان، أن “مطالبات دمشق من أنقرة بضرورة وضع خارطة طريق لخروج قوّاتها من الأراضي السورية هدفها منع تكريس أمر واقع تركي شبيه بذلك الموجود في العراق لناحية الوجود العسكري التركي بدون اتّفاق مع الحكومة المركزية، وهو يتضمن أيضاً تراجع أنقرة عن دعم المجموعات المسلّحة المنضوية تحت مظلة “الجيش الوطني”.

ويختم الكاتب، بالقول: “بتقديري حتى الروس الذين كانوا مُصرين سابقاً على إتمام المصالحة التركية السورية لم يعد لهم الحماس ذاته، بعد ظهور صدوع في العلاقات بين موسكو وأنقرة، بالإضافة إلى أن دمشق من الواضح أنها تعطي الأولوية لإتمام المصالحة العربية التي تفتح لها باباً للحوار مع الغرب” .

بدوره الباحث والمحلل السياسي السوري كمال الجفا، يعتقد من جانبه، أن “الصفقة” منذ البداية كانت لأهداف انتخابية تركية، أي أنها ليست نابعة من رغبة حقيقية بين دمشق وأنقرة لتصحيح العلاقات وإعادتها إلى سابق عهدها، كما هو الحاصل في مصالحات تركيا مع بقية الدول الأخرى.

ويلفت إلى أنه “في مقابل التصريحات التركية المتكررة عن المصالحة مع دمشق، أبقت الحكومة السورية على موقف متشكك من النوايا التركية، ولم تصدر دمشق أي بيانات رسمية في هذا الشأن”.

الجفا أشار إلى أن تركيا أظهرت تمسكًا بسياستها من دون تغيير؛ فهي ما زالت مُستمرة في دعم المجموعات المسلحة والحفاظ على وجودها العسكري في الشمال السوري، كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يُظهر أية إشارة حقيقية للتقارب مع سوريا، حتى بعد جلسات المفاوضات المتعددة وعودة سوريا إلى الجامعة العربية.

وأضاف أن روسيا، التي تُعد لاعباً رئيسًا في المنطقة، ترى اليوم أن الطريق مسدود أمام أي تقدم في التطبيع بين البلدين، خاصةً في ظل الحرب في غزة، والتنسيق الإسرائيلي الأمريكي والتحضير لمخططات أكبر في المنطقة.

ويوضح الباحث السياسي أن المخططات الجديدة قد تشمل تهديدات إسرائيلية للضفة الغربية وعملية عسكرية محتملة في الجنوب اللبناني؛ ما يشير إلى أن الأولويات الإقليمية قد تُعيق أي تقدم نحو اتفاق سوري تركي، إن توفرت الأرضية المشتركة.

يضاف إلى كل العوامل السابقة، حالة الترقب العالمي لنتائج الانتخابات الأمريكية، أواخر العام الحالي، وخاصة في موسكو وأنقرة؛ لأن ما ستحمله صناديق الاقتراع من إدارة جديدة للبيت الأبيض في تشرين الثاني 2024 سيسهم إلى حد كبير بتحديد العديد من العواصم لسياساتها الخارجية.

وعن ذلك، يقول الجفا، إن أنقرة تنظر بعين الرضى إلى عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى إدارة البيت الأبيض، ما يزيد من فرص إحراز تفاهمات في ملفات حساسة للأمن القومي التركي مثل مستقبل انتشار حزب العمال الكردستاني شمالي العراق، ومصير “قسد” في سوريا، وعندئذ سيكون الجانب التركي أكثر تمسكاً بمقاربته في الملف السوري، وأقل استعداداً لتقديم التنازلات على طاولة المفاوضات مع دمشق.

و”سيتعزز هذا التوجه أكثر في حال أظهرت الإدارة الأمريكية الجديدة تشدداً تجاه نفوذ إيران في المنطقة وعملت بشكل جدي على تقليصه، فهذا السيناريو سيسهم إلى حد كبير بتمهيد الأرضية أمام تركيا للعمل بشكل مريح في ملفي العراق وسوريا”، وفقا لحديث المحلل السياسي السوري.

    المصدر :
  • إرم نيوز