الخميس 23 شوال 1445 ﻫ - 2 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بات قريبا.. "تقارب لافت" بين المغرب وإسبانيا

كشف خبراء أن مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا عبر نفق بحري عن طريق مضيق جبل طارق، بات قريباً من التحقق، في ظل التقارب السياسي الكبير بين الرباط ومدريد.

وأكدت قراءات عديدة، أن إحياء هذه الفكرة التي برزت في أواخر السبعينيات؛ تعِد بمستقبل اقتصادي واعد لأوروبا والقارة السمراء.

وبعد إعلان اختيار الملف المشترك لـ”مونديال 2030″ بين كل من المغرب وإسبانيا والبرتغال، برز من جديد الحديث عن هذا المشروع بقوة في الأوساط الإعلامية المغربية وكذا في الدولة الإيبيرية.

وحيال ذلك، أفادت صحيفة “إل فارو” الإسبانية، قبل أيام، بأن مشروع النفق البحري بين المغرب وإسبانيا، يمكن أن يتحول إلى حقيقة واقعية خلال نهائيات كأس العالم 2030.

وخصصت الحكومة الإسبانية، في وقت سابق، ما يزيد على مليوني يورو، لدراسة تصميم نفق للسكك الحديدية سيربط أراضيها بالمغرب عبر مضيق جبل طارق.

من جهتها، قالت وزيرة النقل الإسبانية، راكيل سانشيز، في تصريحات صحفية، إن المشروع يعد ذا أهمية جيواستراتيجية قصوى، كما أنه قادر على أن يحسن العلاقات بين كل من إسبانيا والمغرب وأوروبا وأفريقيا.

ويُتوقع أن ينجز مشروع الربط القاري بطول 28 كيلومتراً، وسيربط مدينة طنجة بمدينة طريفة الإسبانية.

ظروف مواتية
وقال المحلل السياسي الدكتور محمد شقير، إن المشروع تبلور في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، حيث تم الاتفاق على إنشاء شركة لدراسته، لكن لعوامل متعددة توقفت الدراسات.

وأضاف شقير: أن استئناف دراسة هذا المشروع من جديد بعد سنوات طويلة من التوقف، جاء بعد أن تهيأت له عدة ظروف لإنجازه؛ منها اقتناع قيادتي البلدين بأهمية تحقيقه، نظرًا للشراكة الاقتصادية الإستراتيجية التي أصبحت تجمع بين البلدين، وتزايد مستوى العلاقات التجارية والاستثمارية التي فاقت العلاقات الاقتصادية مع فرنسا.

ورأى المتحدث، أن وعي السلطات الإسبانية بأن المغرب أصبح يشكل نقطة الربط بين أوروبا وأفريقيا يشجع على الإسراع للتقدم بدراسة آليات إنجاز المشروع، مشيراً إلى أن إنجاز نفق بحري بين البلدين سيُسهل انسياب الحركتين السياحية والتجارية بين البلدين.

وأكد شقير، أن نجاح البلدين مع البرتغال بتنظيم كأس العالم لسنة 2030 “سيزيد الدفع إلى تحقيق هذا المشروع، خاصة بعدما اتفق المغرب مع نيجيريا ودول أفريقية أخرى على إنجاز مشروع أنبوب الغاز النيجيري”، والذي في اعتقاده “سيقوي بالدفع في هذا الاتجاه”.

وشدد الخبير السياسي على أن التحدي المطروح “يتمثل بالتمويل، الذي يمكن توفيره من خلال إقناع مؤسسات مالية دولية وإقليمية لتمويل هذا المشروع الضخم”.

“المونديال المشترك”
ورأى الباحث والخبير في قانون الأعمال والاقتصاد بدر الزاهر الأزرق، أن الربط القاري حلم يراود المغرب وإسبانيا منذ سبعينيات القرن الماضي، إذ أنشئت لجان دراسات وشركة خاصة بهذا الأمر في المغرب وأيضاً بإسبانيا، ودائما ما كان هذا الحلم قاب قوسين أو أدنى من التحقق، ولكن الأسباب السياسية حالت دون ذلك.

وأوضح الأزرق أن الأمور تغيرت اليوم، بحيث أن هناك تقاربًا سياسيّا كبيرًا بين المملكتين يوازيه تعاون اقتصادي مهم، باعتبار أن إسبانيا هي الشريك الأكبر للمغرب على المستوى الاقتصادي، وهناك حضور كبير للمقاولات الإسبانية بالمغرب، وأيضاً حضور المغاربة بقوة في المشهد الاقتصادي الإسباني.

كل هذه العناصر – يستطرد الخبير الاقتصادي – تُوجت بالتنظيم المشترك لكأس العالم 2030 بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، مشيراً إلى أن التعاون لإنجاح هذا العرس الكروي سوف يُحيي العمل بهذا المشروع المهم.

وزاد “مسألة الربط القاري بين المغرب وإسبانيا، سوف تعطي دفعة قوية لإنجاح التنظيم المشترك لكأس العالم 2030”.

وفي سياق آخر، أكد الأزرق، أن مجموعة من الدول “ترنو إلى خلق جسور للتواصل والربط بين اقتصاديات المنطقة”. لافتاً إلى أن العائد المرجو من هذا الربط “سيتجاوز تسهيل مرور المسافرين في كلا الاتجاهين بحلول العام 2030؛ إذ سيربط بين تجارة القارتين، وهو يوازي مشروع قناة السويس، وبالتالي هو مشروع للقارة الأوروبية وكذلك الأفريقية”.

وأكد الأزرق أن “المونديال المشترك”، فرصة تاريخية للخروج بهذا المشروع إلى النور، خاصة أن الدراسات التقنية كلها أثبتت أنه يمكن إنجازه في ظرف قياسي”.

وشدد على أن التمويلات “يمكن تعبئتها من طرف المغرب وإسبانيا وعدد من الدول الأوروبية والمشرق العربي”، مبرزاً أن “العائد التجاري والاقتصادي لا غبار عليه، ولهذا فكل المؤشرات تؤكد أن هذا المشروع قد يرى النور في المستقبل القريب”.

معيقات وتحديات
من جهته، قال الخبير الاقتصادي، المهدي لحلو، إن هناك معيقات حقيقية تقف عائقاً أمام ميلاد مشروع الربط القاري بين المغرب وإسبانيا خلال الأمد القريب.

وأوضح لحلو، أن أولى هذه المعيقات: تقنية، بحيث الدراسات التقنية لم تحسم بعد، شكل هذا الربط، هل سيكون عبر قنطرة أم نفق، ومن أين سيبدأ وإلى أين سينتهي بالتحديد، هل من طريفة إلى طنجة، أو من الجزيرة الخضراء إلى ميناء طنجة المتوسط.

التحدي الثاني – يضيف لحلو- يتمثل بالتمويل، فنظريا المغرب يجب عليه أن يسهم بـ50% وإسبانيا بالنسبة ذاتها، لكن الرباط ليس لديها حاليًا الإمكانيات الذاتية لتمويل هذا المشروع الضخم، كما لا يمكن للمملكة أن تقترض لإنجازه في ظل اشتغالها على مشاريع كبرى وفي مقدمتها أنبوب الغاز بينها ونيجيريا.

تحدي التمويل “مطروح”، لكنه يستدرك “لا أرى أن الاتحاد الأوروبي سيساعد إسبانيا والمغرب بمسألة التمويل، بحيث لا توجد هناك نقاشات عمومية بشأن هذا المشروع داخل دواليب الاتحاد الأوروبي”. لافتاً إلى أنه “يجب على إسبانيا أن تقدم للاتحاد الأوروبي هذا المشروع لتشجيعه ودعمه ماديا”.

ومن المعيقات التي قد تمنع خروج المشروع إلى حيز الوجود -يوضح لحلو- غياب حرية تنقل الأشخاص والبضائع بين المغرب وإسبانيا؛ فهي ليست موجودة كما هي الحال بين فرنسا وبريطانيا عبر نفق بحر المانش، رغم خروج هذه الأخيرة من الاتحاد الأوروبي.

وأكد الخبير الاقتصادي، أن هذا الوضع لا يوجد بين المغرب وإسبانيا وأيضا بين أفريقيا وأوروبا، بل بالعكس الاتجاه هو تحديد وتقليل حرية التنقل، مشيرًا إلى أنه “لا توجد لحدود الساعة ميزانية محددة للمشروع، ولكنها ستكون مرتفعة من دون شك”.

    المصدر :
  • إرم نيوز