الخميس 23 شوال 1445 ﻫ - 2 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بالفيديو: الأقمار الصناعية توثق الدمار في إدلب

قالت ثلاث منظمات غير حكومية، الأربعاء، أن القتال في أجزاء واسعة من شمال غربي سوريا، حوّلها إلى مناطق غير صالحة للسكن من قبل المدنيين الذين يضيق عليهم الخناق في ظل ظروف معيشية بائسة.

 

واستند التقرير الصادر عن منظمتي “سيف ذي تشيلدرن” (أنقذوا الأطفال) و”الرؤية العالمية” وجامعة “هارفرد” إلى تحليل صور ملتقطة بالأقمار الاصطناعية لمدن ومخيمات في محافظة إدلب أجراه برنامج تابع لمبادرة “هارفرد” الإنسانية.

وتشن قوات النظام بدعم روسي منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي هجوماً واسعاً ضد مناطق تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى، تمكنت بموجبه من إحراز تقدم كبير في جنوب إدلب وغرب حلب، حسبما أفادت وكالة “فرانس برس”.

وبحسب التقرير، يقدر الباحثون أن نحو ثلث المباني تعرض لأضرار كبيرة أو دمرت، في المناطق التي تمت معاينتها. ومع فرار غالبية سكان هذه المناطق قبل أو خلال الهجوم، فإن دمار المنازل والبنى التحتية الحيوية سيجعل من المستحيل تقريباً عودة العائلات في المستقبل القريب.

وتظهر الصور التي تم تحليلها، حقولاً زراعية امتلأت بمخيمات النازحين خلال أشهر، وقرى وبلدات سويت بالأرض. كما تظهر مجموعة أخرى من الصور معسكرين للنازحين شمال إدلب تضاعفت مساحتهما أكثر من الضعف منذ العام 2017. ويمكن مشاهدة المخيمات الرسمية وغير وهي تنتشر على ما كان في السابق أراض زراعية، ويبدو أن الكثافة السكانية في تلك المخيمات ازدادت بشكل حاد بين العامين 2018 و 2019، مع زيادة ملحوظة خلال العام الماضي.

وضمن التقرير، قال عثمان، وهو طفل سوري يبلغ من العمر 9 سنوات فقط، وتعيش عائلته الآن في مخيم للنازحين: “لقد غادرنا منزلنا بسبب الهجمات. غادرنا في سيارة وجئنا إلى هنا. لم نتمكن من العثور على أي مكان للاستقرار فيه. مكثنا أولاً في مسجد ثم أحضرونا إلى هنا. رحل كل أصدقائي ولم يتبق أحد في مدينتي. لقد قتلوا الجميع هناك”.

 

ودفع الهجوم، خلال ثلاثة أشهر، نحو مليون شخص للفرار بحسب الأمم المتحدة، في موجة نزوح غير مسبوقة منذ اندلاع النزاع قبل تسع سنوات. وغادر هؤلاء منازلهم تدريجياً مع تقدم قوات النظام وتعرض المدارس والمستشفيات في مناطقهم للقصف بشكل دوري. وتوجه القسم الأكبر منهم نحو مناطق لا يشملها التصعيد قرب الحدود التركية شمالاً.

في ضوء ذلك، قالت كايتلين هوارث من برنامج الإشارة في مبادرة “هارفرد” الإنسانية: “لقد استعرضنا الصور من العام 2017 إلى 26 شباط/فبراير 2020 ، وقمنا بتقييم التغييرات في المناطق المستهدفة وغيرها من المناطق التي تستقبل السكان النازحين. خلال تلك الفترة، يبدو أن بعض المناطق أصبحت غير صالحة للسكن إلى حد كبير، حيث تأثرت البنية التحتية الرئيسية والمناطق المأهولة بشدة بالقصف الجوي والقتال البري. لا يمكننا حساب المناطق الصالحة للأراضي والأراضي الفارغة بالكامل وبدقة من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية، لكن رغم ذلك، فإن النزوح الجماعي وتدمير المناطق التي كانت مأهولة سابقاً يعني أن الأزمة الإنسانية قد تضاعفت فعلياً. مازال عدد السكان هناك أكثر من 3 ملايين، وقد نزح ثلثهم خلال ثلاثة أشهر”.

من جهاتها، قالت المتحدّثة باسم منظمة “أنقذوا الأطفال” جويل بسول: “في أفضل السيناريوهات، أي وقف فوري لاطلاق النار، سيستغرق الأمر أشهراً إن لم يكن سنوات لإعادة بناء البنية التحتية المدنية ومن ثم إعادة بناء ثقة هؤلاء الناس للعودة إلى منازلهم”.

 

 

إلى ذلك، قالت سونيا خوش ، المديرة القطرية لمنظمة “أنقذوا الأطفال” في سوريا: “لقد أفرغ القصف المتواصل أجزاء كبيرة من إدلب في غضون أسابيع، ما أدى إلى عواقب وخيمة على مئات الآلاف من الأطفال والنساء. يحشر نصف مليون طفل في المخيمات والملاجئ على الحدود مع تركيا من دون إمكانية الوصول إلى أساسيات الحياة الكريمة: مكان دافئ للنوم والمياه النظيفة والطعام المغذي والتعليم. يتم الضغط على العائلات إلى ما بعد نقطة الانهيار وشركاؤنا على الأرض عاجزون أمام حجم الاحتياجات. إذا لم نشهد خفضاً دراماتيكياً للتصعيد، فقد تكون السنة العاشرة لهذا الصراع واحدة من أكثر فتراته دموية. لا يمكن للعالم أن يستمر في المراقبة والانتظار بينما يقتل الأطفال ويجرحون وينزحون على هذا النطاق الهائل”.

وذكرت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول سوريا في أحدث تقاريرها، الاثنين، أن قوات النظام تعمّدت استهداف البنى التحتية المدنية لإخافة السكان وتسهيل تقدمها العسكري، ما جعل “المناطق المدنية غير صالحة للسكن”. وأشارت على وجه التحديد إلى مدينتي خان شيخون ومعرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي واللتين استعادتهما قوات النظام، معتبرة أن تسوية هذه المناطق بالأرض جاء في “محاولة واضحة لتسريع عملية السيطرة على طرق استراتيجية” في إشارة الى طريق حلب دمشق الدولي.

ولم يترك القصف الجوي على جنوب إدلب، وفق لجنة التحقيق، “للمدنيين أي خيار سوى الفرار” واصفة أزمة إدلب بـ”كارثة إنسانية، بينما تواصل الأسر الهرب ويتجمد الأطفال حتى الموت”، علماً أن الأطفال يشكلون أكثر من نصف النازحين خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ويعيش عشرات الآلاف من النازحين في العراء.