السبت 24 شوال 1445 ﻫ - 4 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بشار الأسد يطلب إعادة الإعمار.. ولو من الصين!

في مقابلة مع قناة “فينيكس” الصينية، بذل بشار الأسد، كامل قاموسه اللغوي والفكري لإغراء المستثمرين الصينيين بدخول السوق السورية من بوابة إعادة الإعمار، غامزاً من قناة الأرباح، لا المساعدات.
“فلسفة” إعادة الإعمار
بشار واصل هوايته المفضلة في فلسفة البديهيات وإعادة رصف الكلمات كمعلم المدرسة الإبتدائية، وقال :”في الواقع لم ننتظر انتهاء أو تجاوز أي مرحلة من مراحل الحرب، لكي نبدأ إعادة الإعمار. فعلياً تبدأ إعادة الإعمار مباشرة بعد تحرير أي منطقة سواءً كانت هذه المنطقة كبيرة أو صغيرة، قرية أو مدينة.. إعادة الإعمار تبدأ على مراحل.. المرحلة الأولى هي إيجاد البنية التحتية أو إعادة بناء البنية التحتية وخاصة في مجال المياه والكهرباء، ولاحقاً تنتقل الدولة لإعادة إعمار المدارس والمراكز الصحية والمشافي، لكن المرحلة الأهم في إعادة الإعمار والتي تأتي لاحقاً وتشكل التحدي الأكبر بالنسبة لنا في هذا الموضوع هي إعادة نمط الحياة وخاصة في الجانب الاقتصادي.. هذا يحتاج إلى الكثير من الجهد، وإلى ظروف بيئة داخلية، وبيئة خارجية تؤثر فيه بشكل سلبي وتجعله بطيئاً، هي عملية الحصار الذي تقوم به الدول الغربية تجاه سوريا”.

إعادة الإعمار كـ”بزنس”

يروج بشار لإعادة الإعمار في سوريا، من منطق ربحي، عساه يجذب المستثمرين ولو من الصين: “لا بد الآن من البدء ببحث فرص الاستثمار، فمن المعروف أن إعادة الإعمار لبلدان دمرتها الحرب جزئياً أو كلياً هي مجال استثماري رابح جداً.. هي ليست فقط عملية قروض أو مساعدات من دون مقابل.. إنها عملية استثمارية رابحة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى. الآن بدأنا بالحديث مع عدد من الشركات الصينية لتلافي العقوبات من أجل الدخول إلى السوق السورية، لأن الرغبة موجودة لديها باعتبار أن العملية رابحة، ولكن يبقى هناك تخوفات لدى الشركات الاستثمارية والمستثمرين من تأثير العقوبات عليهم. الآن وجدنا صيغاً محددة، لن تعلن طبعاً، للدخول إلى السوق السورية بأمان، وبالتالي المساهمة بعملية إعادة الإعمار في سوريا. أريد أن أؤكد على أن هذه المساعدة هي ليست فقط اقتصادا.. فعندما نتحدث عن إعادة الإعمار، هذا يعني المساهمة بالاستقرار في سوريا لسببين: أولاً، عودة الملايين من الخارج خلال العامين الماضيين، إلى مناطقهم وفرص العمل غير متوافرة بشكل كاف.. وهذا بحد ذاته عامل مساعد للتدخل الخارجي وعامل مساعد للإرهابيين. والنقطة الثانية، هي أن التسويات التي حصلت في سوريا كانت في جزء منها مع القوى العاملة التي ذهبت للعمل مع المسلحين أو الإرهابيين في فترة ما، وعندما ألقوا السلاح، قرروا العودة إلى الحياة الطبيعية، هذه العودة بحاجة لفرص عمل. فإذاً أهمية المساهمة الصينية في هذا المجال ومساهمة الدول الصديقة كأهمية المساهمة العسكرية في إعادة الاستقرار إلى سوريا وفي ضرب الإرهاب ومكافحة الإرهابيين”.

الأمن والأمان والبيئة الإستثمارية

“في ما يتعلق ببيئة الاستثمار، فهناك البيئة الآمنة للاستثمار التي يحتاجها المستثمر في دولة فيها حرب أو في دولة ليس فيها حرب. هنا نقوم بشيئين: أولاً، شيء عاجل وهو تحسين هذه البيئة الاستثمارية من خلال التعامل مع الإجراءات المتعلقة ببيئة الاستثمار أولاً كوجود شفافية.. وضوح ما هي حقوق المستثمر وما هي واجباته في هذا البلد.. ما هي الجوانب القانونية أو القضائية المتعلقة باستثماراته.. في كل هذه العوامل، نحن نحاول أن نضع دليلا واضحا الآن من أجل أن يأتي المستثمر وتكون الأمور واضحة أمامه، ولكن الخطوة الأهم والأشمل هي دراسة قانون الاستثمار، وقد قطعنا مراحل كبيرة في هذا الموضوع.. في تطوير قانون الاستثمار ليكون مشابها لكثير من القوانين الاستثمارية الموجودة في عدد من دول العالم الأخرى، وبالتالي الاستناد إلى المعايير الدولية بالنسبة للاستثمار. هذا القانون يحدد بشكل واضح ما هي الضمانات التي تقدم للمستثمر بالنسبة لاستثماراته في سورية.. الضمانات القانونية.. الضمانات المالية.. الإعفاءات الموجودة بشكل واضح.. الوضع الضريبي بالنسبة لاستثماراته، وأي جوانب أخرى تشكل ضمانة لكي يكون هذا الاستثمار آمنا ورابحا بشكل كامل. نحن في المراحل الأخيرة من هذا القانون وقريباً سوف يصدر”.

المستثمر الصيني

“هناك تحديان، أولاً: عدم وجود أقنية مالية كافية أو فعّالة الآن بين سوريا والصين لعمليات نقل الأموال، وهذه المشكلة حقيقية سببها أو أحد أسبابها الأساسية هو الحصار. لابد من إيجاد حل لهذه النقطة إذا أردنا أن يأتي مستثمرون إلى سوريا، ولا بد أن يكون هذا الحل بين المؤسسات المالية في البلدين، وهذا بحاجة إلى نقاش وحوار على مستوى الدولتين. هذه عقبة أساسية لا بد من حلها”.

“النقطة الثانية، هي التخوف الذي لا يزال موجوداً لدى العديد من الشركات الصينية. الآن هناك شركات تُرسل خبراء إلى سوريا، وهذا جيد، لأن الكثير من الصناعات في سوريا بدأت تتوجه للسوق الصينية، كالمعامل السورية التي تشتري المصانع من الصين.. في البداية كان هناك تخوّف كبير من قبل أي خبير صيني من المجيء إلى سوريا.. هذا الشيء بدأ يتحسن مؤخراً.. هذه مرحلة جيدة. ولكن عندما نتحدث عن استثمارات صينية برؤوس أموال صينية فهذا بحاجة إلى المزيد من الطمأنة. لا بد من بذل الكثير من الجهود من قبلنا كدولة سوريا. ونتوقع أيضاً من الدولة الصينية، من المؤسسات المعنية، كمؤسسة ضمان الاستثمار في الصين، أن تقوم أيضاً بتشجيع المستثمرين للمجيء، على الأقل للمناطق التي أصبحت آمنة بشكل كامل، وأنا أؤكد هذا الكلام عبر هذه المقابلة، وأنت موجود في سوريا وتستطيع أن تنقل الصورة الحقيقية غير المبالغ بها عن مدى الأمن الذي وصلت إليه سوريا مؤخراً”.

الحزام والطريق: سوريا على المسار..لا على الطريق؟

“إذا أردنا أن نتحدث عنها بشكل استراتيجي نستطيع أن نقول إنها تحول استراتيجي على مستوى العالم.. تحول في نوع العلاقات الدولية. أي لو نظرنا إلى العالم في الوضع الحالي سنرى أن ما يحكمه هو محاولات هيمنة الغرب عليه، وفي المقدمة الولايات المتحدة. المرحلة التي سبقتها كانت مرحلة الحرب الباردة، وهي مرحلة صراع بين الدول، وهذا الصراع يعتمد على مدى هيمنة كل قطب فيه، وخاصةً القطب الغربي، على مجموعة دول لكي تحقق مصالحه في مواجهة القطب الآخر. قبلها الحرب العالمية الثانية وما سبقها، كانت مرحلة استعمار كامل.. الدول تحتل، وأينما تحتل هذه الدول فهي تحدد كيف تسير مصالح الشعوب هناك، وغالباً هي لم تكن مصالح مشتركة.. كانت الشعوب مستعبَدة لصالح الدول الأقوى. الآن نرى أن هناك دولة عظمى، هي الصين، تحاول أن تعزز نفوذها في العالم، ولكن أي نوع من النفوذ؟ ليس النفوذ بالمعنى الذي نفكر به، بالمعنى السلبي، بل النفوذ بمعنى الاعتماد على الأصدقاء.. النفوذ بمعنى الاعتماد على المصالح المشتركة. عندما نفكر نحن في سوريا بأن نكون جزءا من طريق الحرير، وسوريا هي دولة صغرى بالمقاييس الدولية والجغرافية والسكانية والاقتصادية والعسكرية، ولكنها على طريق الحرير تماماً، ولكن الأهم من ذلك أن هذه الطريقة الجديدة الحالية مستمدة من التاريخ ولكنها متناسبة مع القرن الواحد والعشرين، هي طريقة تعتمد على الندية”.

“عندما نكون جزءاً من هذا الطريق، فالصين تتعامل معنا بشكل ندّي، وليس كدولة كبرى مع صغرى. هناك مصالح مشتركة.. هناك فائدة للصين ولسوريا ولكل الدول التي توجد على هذا الطريق. هناك جانب آخر، هي ليست فقط علاقة الصين مع هذه الدول بشكل ثنائي، وإنما هي علاقة بين كل الدول الموجودة على هذا المحور. فإذاً هي علاقة حضارية.. علاقة ثقافية.. تؤدي بالمحصلة إلى الازدهار واستثمار وتحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية لدى كل هذه الدول الموجودة. هذا يعني المزيد من الاستقرار في العالم، وهو مناقض لكل ما عرفناه من التاريخ الحديث أو القديم للعالم، هذا ما نراه في طريق الحرير.. استقرار وازدهار”.

“حالياً سوريا ليست على المسار، هناك مسارات مختلفة وسوريا ليست واحدا منها. هذا لا يمنع أن جزءا من طريق الحرير، وهو الجزء الثقافي والتعليمي أو العلمي كان يمر عبر سوريا من خلال العلاقة المباشرة بيننا وبين الصين، وكان هناك عدد كبير من المنح التي ازدادت خلال السنوات الأخيرة.. المنح العلمية التي قُدمت لسوريا ونحن نستفيد منها الآن. الحوار بدأ مؤخراً حول موضوع البنية التحتية، وهي أحد أهم العناصر التي يمكن أن تجعل سوريا جزءاً من طريق الحرير في المستقبل. قدمنا عدداً من المشاريع منذ أشهر قليلة فقط”.

“قدمنا نحو 6 مشاريع للحكومة الصينية تتناسب مع منهجية الحزام والطريق، والآن نحن ننتظر من الحكومة الصينية أن تختار ما هو المشروع -أو أكثر- الذي يتناسب مع طريقة التفكير الصينية. أعتقد أن هذه البنية التحتية عندما تتطور مع الوقت يصبح مرور طريق الحرير في سوريا تحصيلاً حاصلاً. هي ليست طريقا ترسمها على الخريطة فقط. صحيح أن طريق الحرير عبر التاريخ كان يمر في سوريا وفي العراق وفي هذه المنطقة، ولكن أيضاً طريق الحرير يأخذ اليوم بالاعتبار البنية التحتية المتوفرة لهذا الطريق. فإذاً مع تكريس أو ترسيخ هذه البنية التحتية وتطويرها سوف يمر طريق الحرير في سوريا في المستقبل”.

ونحن “جاهزون من الناحية الأمنية وبدأنا الحوار مع الطرف الصيني الصديق. قبل ذلك لم يكن ممكناً من الناحية المنطقية والواقعية أن نبدأ مثل هذا الحوار”.