الجمعة 24 شوال 1445 ﻫ - 3 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بعد إعدام أخيه.. سجين إيراني يقضي 1000 يوم في الحبس الانفرادي

دعت منظمة العفو الدولية إلى الإفراج عن سجين إيراني أمضى 1000 يوم داخل سجن انفرادي.

وأدين وحيد أفكاري (37 عاماً) مع شقيقيه بتهمة قتل ضابط أمن، خلال الاحتجاجات على الوضع المعيشي منذ خمس سنوات.

وأعدمت السلطات واحدا من الأشقاء الثلاثة، بطل المصارعة نويد أفكاري. وأفرجت في العام الماضي عن شقيق آخر يدعى حبيب، بعد ضغوط مارستها منظمة العفو الدولية.

ونفى الأشقاء الثلاثة الاتهامات الموجهة إليهم، وقالوا إنهم تعرضوا للتعذيب لإجبارهم على الاعتراف.

ونادرا ما احتجزت السلطات أحداً في الحبس الانفرادي مدة طويلة كهذه، رغم ممارستها القمع القاسي على المحتجين المعارضين الإيرانيين على مرّ السنين.

وقال مصدر مقرب من العائلة لبي بي سي: “في كل مرة تزور العائلة وحيد، تحاول أن تدعمه، لكن بدلاً من ذلك، هو من يقوم برفع معنوياتهم”.

بدأت مشاكل عائلة أفكاري منذ سنوات قليلة في مسقط رأسهم شيراز، في محافظة فارس الجنوبية.

كان الناس يتظاهرون ضد غلاء الأسعار وخفض الرواتب. كان الأشقاء الثلاثة من بين الذين نزلوا إلى الشوارع.

اعتقل وحيد ونويد في سبتمبر/أيلول 2018، وبعدها بثلاثة أشهر اعتقل حبيب.

كان نويد معروفاً بسبب ممارسته رياضة المصارعة. الأمر الذي عرّضه لأقسى عقوبة من السلطات، وحكم عليه بالإعدام.

بينما صدرت أحكاما بالسجن 54 عاماً على وحيد، و25 عاماً على شقيقه حبيب.

وتحققت بي بي سي من عشرات الوثائق التي تشير إلى تقديم الأشقاء أفكاري، شكاوى إلى السلطات القضائية بشأن تعذبيهم لدفعهم على الاعتراف أثناء احتجازهم.

ونشرت رسالة صوتية لوحيد على وسائل التواصل الاجتماعي في أغسطس/آب 2020.

وقال فيها وحيد: “ليس هناك دليل واحد في هذه القضية اللعينة يثبت أني مذنب”.

وسربت رسالة أخرى لوحيد في الشهر ذاته، من داخل سجن عادل آباد في شيراز، حيث احتجز الأشقاء الثلاثة.

وجاء فيها: “أضربت عن الطعام مرتين لمدة عشرين يوما، آملا في أن يُسمع صوتي لكن ذلك لم يحدث”.

وأضاف وحيد: “في النهاية حاولت قتل نفسي، بسبب التعذيب النفسي والذهني الذي عانيت منه”.

“حفرة سوداء”

ذكر المصدر المقرب من العائلة، أن الأشقاء الثلاثة – من عائلة مكونة من خمسة شبان وفتاة – نشأوا في بيئة تسودها المحبة رغم قلة المال.

وقال المصدر “فرحوا كثيرا لوجودهم سويا، كانت أبسط الأشياء أكثرها إثارة”.

وحيد وحبيب كانا من الطلاب المتفوقين وتابعا دراستهما في الجامعة. لم يضع وحيد عبئاً على والدته.

وقال المصدر إنها (والدته) “كانت دائماً قلقة إن كان لديه ما يكفي ليأكل”.

عمل وحيد في صناعة الجبس بعد تخرجه، لأنه لم يجد عملاً.

في غضون ذلك، كان الشقيقان الأصغر سنا، نويد وحبيب قريبان من بعضهما البعض، وكثيرا ما كانا يتورطان في المشاكل.

لم يتباهى نويد يوماً بنجاحاته، حين بدأ بحصد الجوائز في بطولات المصارعة.

وتابع المصدر قائلاً: “كانت والدته تعثر على دروع بطولات جديدة مخبأة في خزانته”.

في سبتمبر/أيلول 2020، تعرض الأشقاء الثلاثة لضرب شديد في السجن، ووضعوا في زنازين تحت الأرض بجانب غرفة الإعدام، وفق المصدر. كانت الزنازين مظلمة، من دون نوافذ أو أسرة أو بطانيات – مجرد مرحاض ومغسلة في الزاوية.

يدخل السجناء الزنازين عراة ويحصلون على زي استخدم سابقاً، غالبا ما تغطيه الدماء نتيجة الضرب أو إيذاء النفس.

قال سجين سابق لبي بي سي “أن تتخيل حفرة سوداء مثل التي قد تشاهدها في الأفلام”. كان الأشقاء الثلاثة معصوبي الأعين.

وأضاف السجين السابق قائلاً: “أنت مقيد اليدين ومقيد الكاحلين. بسبب البرد تصبح الأصفاد المعدنية مثل شفرة حادة”.

قبل شروق شمس يوم 22 سبتمبر/أيلول 2020، سمع وحيد وحبيب صوت آلة تعليق المشنقة.

بعد دقائق قليلة، دخل خارس إلى زنزانتهما وقال لهما: “تعازينا”. شنق أصغر أشقائهم نويد وعمره 27 عاماً. وقد فشلت الحملة داخل وخارج إيران لوقف إعدامه.

“خائف لكن لست مذنبا”

بعد إعدام نويد، واصلت السلطات ممارسة الضغط على شقيقيه السجينين. لم يسمح لهما بتلقي الزيارات ولا حتى بمكالمة هاتفية لأسابيع، ولم تعلم العائلة ما إن كانا على قيد الحياة.

وعندما سمح في النهاية لعائلة أفكري بالزيارة، أدركت أن وحيد يتعرض لضغوط أكبر كي يدين نفسه وشقيقه حبيب.

ووفق المصدر، قيل لوحيد إنه سيفرج عنه إن اعترف بالقتل. وإن لم يفعل، سيعدم حبيب أمام عينيه. قال وحيد إنه يعشق حبيب لكنهما بريئان.

حينها سأل المسؤولون وحيد إن كان خائفا من الموت. أجاب قائلا: “أنا خائف لكن لست مذنبا”.

في النهاية أطلق سراح حبيب في مارس/آذار 2022 بعد ضغوط دولية.

ولا يزال وحيد في الحبس الانفرادي. وتقول تقارير إن معنوياته جيدة ويمارس التمارين في زنزانته يومياً. وحشدت حملة دوليا سعيا للإفراج عنه.

وقالت منظمة العفو الدولية في بيان: “ما كان يجب أن يمضي وحيد يوما في السجن، ناهيك عن سنوات السجن ظلماً وألف يوم في الحبس الانفرادي. يجب أن يطلق سراحه فورا”.

لا يوجد شاهد قبر مناسب حيث دفن نويد. آخر مرة حاولت فيها العائلة وضع واحد، قامت السلطات بجرفه.