الثلاثاء 27 شوال 1445 ﻫ - 7 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بعد تصريحات ماكرون المترددة.. هل فقدت باريس دورها في حرب أوكرانيا؟

أثار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجدل بتصريحاته المترددة تجاه الحرب الروسية الأوكرانية؛ فتارة يشير إلى إمكانية إرسال قوات غربية لكييف، وأخرى يقدم تهديدات ضمنية، وسط شكوك روسيا بتورط باريس في هجوم موسكو الأسبوع الماضي، ليظهر الحديث عن فقدان فرنسا دورها في حرب أوكرانيا.

في هذا السياق، قال الباحث السياسي الفرنسي بالمعهد الفرنسي للدراسات الدولية والإستراتيجية “إيريس” هاشم لهميسي، إنه بعد محاولة فرنسا لسنوات الحفاظ على موقف التوازن داخل حلف شمال الأطلسي “ناتو” فيما يتصل بالحرب في أوكرانيا، فإننا نشهد الآن انقلاباً عميقاً في الخطاب الفرنسي.

وأضاف” أنه وفي بداية الصراع، أعطى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الانطباع بالسعي للحفاظ على قناة اتصال مباشرة مع موسكو، مع دعم العقوبات الاقتصادية ضد روسيا ودعم المجهود الحربي الأوكراني من خلال تسليم الأسلحة، واصفاً ذلك الموقف بالمتذبذب والمتردد”. في تصريحات خاصة لـ”إرم نيوز”،

تخبط فرنسي:
وتابع: “هكذا كانت فرنسا تحاول الاستجابة لمطالب الدول الأكثر التزاماً بدعم كييف مثل بولندا أو الولايات المتحدة، بينما تأمل في لعب دور قيادي تحسباً للمفاوضات المستقبلية كجزء من حل السلام عن طريق التفاوض”.

وقال الأمين العام لمعهد بحوث السلام بجنيف “باختصار، كانت فرنسا ملتزمة بالكامل ضد روسيا ولكن أقل من الدول الأخرى”، موضحاً أنه “على نحو غير متوقع، وضعت فرنسا الآن، من خلال التصريحات الأخيرة للرئيس ماكرون، نفسها في دور الداعم الرئيس للمشاركة العسكرية المباشرة لحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا”.

وأشار لهميسي إلى أن فرنسا وجدت نفسها الآن معزولة في دور المخلص؛ ما فاجأ حلفاءه الرئيسين، الذين لا يريدون حربًا عالمية ثالثة، وأبعدها بشكل دائم عن موسكو، التي تعتبر الآن باريس وإيمانويل ماكرون عدوها الرئيس.

بدوره، انتقد أوليفييه دوزون، مستشار قانوني للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، موقف فرنسا من التخبط في الملف الأوكراني -الروسي، قائلاً ” إن هذه رحلة خطيرة ومضرة لكل من فرنسا، وكل دول الاتحاد الأوروبي، موضحاً أن الرغبة في تقديم المساعدة لأوكرانيا تعني أن فرنسا، كما فعلت عدة مرات في تاريخها، تناضل من أجل السلام”.

ولفت دوزون إلى استضافة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر من 20 زعيمًا أوروبيًا في باريس في 26 فبراير لمناقشة الخطوات التالية في أوكرانيا، بما في ذلك إمكانية التدخل التقليدي لحلف شمال الأطلسي، والذي أعلن أنه لا يستبعده إلا لأسباب “الغموض الاستراتيجي”، بينما لم تسفر المناقشات عن توافق في الآراء بشأن هذه المسألة”.

وأوضح أنه “من حسن الحظ أن بعض البلدان تمكنت من إظهار البصيرة والوضوح فيما يتعلق باحتمال التدخل العسكري في أوكرانيا، خاصة بين الدول الأعضاء في مجموعة فيسيجراد”.

انتحار أوروبا وخروجها من التاريخ
وأشار دوزون إلى تصريحات رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا، آنذاك لقوله إن براغ لا تنوي إرسال قوات إلى أوكرانيا، مؤكدا أنه “لا داعي للقلق على أحد”، وهو تصريح صدر في المساء السابق.

وفي وارسو، قال رئيس الوزراء دونالد توسك إنه “مستعد للمشاركة في أي مبادرة تهدف إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا”، لكنه استبعد إرسال قوات.

من جانبه، قال وزير الخارجية المجري، بيتر سيارتو، إن بلاده ترفض بشكل قاطع الفكرة التي طرحها الرئيس الفرنسي، مضيفاً “موقفنا ثابت للغاية: نحن لسنا على استعداد لإرسال أسلحة أو قوات إلى أوكرانيا”.

وقدر الرئيس السلوفاكي روبرت فيكو، المنتخب عام 2023، أن مثل هذا الإرسال للقوات سيؤدي إلى “تصعيد كبير”، واصفا مؤتمر باريس بأنه “اجتماع قتالي”.

أما بالنسبة للسويد، فقد قال رئيس الوزراء أولف كريسترسون، إن إرسال قوات إلى أوكرانيا “ليس له أهمية على الإطلاق في الوقت الحالي”، مضيفًا أن “التقليد المشاركة العسكرية الفرنسية ليس التقليد السويدي”. ولم تشهد ستوكهولم أي صراع منذ اشتباكها مع النرويج عام 1814.

وتم اتخاذ الموقف نفسه في بريطانيا؛ إذ قال متحدث باسم رئيس الوزراء إن المملكة المتحدة لا تخطط “للانتشار واسع النطاق”.

وفي إسبانيا، أوضح المتحدث باسم الحكومة أن مدريد “لا توافق” على فكرة إرسال قوات إلى أوكرانيا.

أما واشنطن فلم تفشل في معارضة إرسال قوات من حلف شمال الأطلسي.

وعاد دوزون قائلاً: بالتالي فإن مشاركة أوروبا في هذه الحرب في أوكرانيا تعد انتحارا لأوروبا، وتخرجها من التاريخ، موضحاً أن الولايات المتحدة أردات دائمًا توريط أوروبا في الصدام مع روسيا، وبالتالي إضعاف الاقتصاد الأوروبي وتشويه سمعة الدبلوماسية الفرنسية.

ورأى دوزون أنه منذ بدء الحرب في أوكرانيا في 27 فبراير 2022، كانت هناك ثلاثة خيارات مطروحة على الطاولة فيما يتعلق بانتهاء الحرب في أوكرانيا؛ إما انتصار أوكرانيا أو انتصار روسيا؛ والخيار الثاني؛ تجميد الصراع، أما عن الخيار الثالث فهو تسوية عن طريق التفاوض، ومع ذلك، يبدو أنه ينبغي الآن تفضيل الفرضية الثانية والثالثة.

القدرات العسكرية
في المقابل، قال جيل إيمانويل جاكيه، أستاذ العلاقات الدولية بكلية جنيف للدبلوماسية “إن فرنسا تتخذ موقفاً أكثر عدوانية من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى أو أعضاء الناتو الآخرين، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية”.

ولفت جاكيه إلى تصريحات أنتوني بلينكن، بقوله إن بلاده لن ترسل قوات برية للقتال في أوكرانيا، موضحاً أن إيمانويل ماكرون يحظى بدعم دول البلطيق لكن موقفه غير واقعي وغير عقلاني، فقد يؤدي ذلك إلى خطر التصعيد والمواجهة المباشرة بين روسيا وبعض دول الناتو، أو حتى الناتو بأكمله.

وتابع:” علاوة على ذلك، فإن فرنسا مثل العديد من دول الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، لا تمتلك القدرات العسكرية اللازمة لشن حرب مباشرة ضد روسيا، كما أن ذخيرة المدفعية غير متوفرة ومخزونها منخفض للغاية؛ ويمكن لفرنسا تعبئة أقل من 200 دبابة”.

وأشار إلى أنه “من خلال هذا الموقف، يحاول ماكرون أيضًا تعزيز موقف حكومته في مواجهة استياء الفرنسيين الذين يواجهون العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، ويمكن أن يفرضوا عقوبات على سياسات ماكرون خلال الانتخابات الأوروبية المقبلة”.

    المصدر :
  • إرم نيوز