الجمعة 24 شوال 1445 ﻫ - 3 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

تقرير يكشف: انهيار الريال يزيد الإيرانيين فقرا كل يوم

تؤكد الأرقام والتقارير الرسمية أن الاقتصاد الإيراني وصل إلى قاع الهاوية، بعد أن أهمل النظام في طهران مطالب الشعب وتغول قادة الحرس على الاقتصاد واهتموا بدعم الميليشيات والإرهاب في المنطقة.

تزايدت شكوى الإيرانيين من الفقر الذي يزداد توسعا، على وقع أزمات اقتصادية لم تجد الحكومة مخرجا لها، فضلاً عن انهيار قيمة الريال الإيراني الذي بلغ أضعف مستوى له أمام الدولار.

وسلط تقرير لوكالة ”رويترز“ الضوء على الواقع الصعب الذي بات يعيشه المواطنون الإيرانيون، مع مؤشرات مالية تتنبأ بمواصلة الانهيار الاقتصادي خلال الأشهر المقبلة.

وذكر التقرير قصة المعلمة الإيرانية المتقاعدة مريم حسيني (58 عاما) التي كانت كل آمالها أن تتمكن ابنتها من إتمام دراستها الجامعية في الخارج، فسحبت كل مدخراتها من البنك واشترت بها دولارات أمريكية.

لكن ذلك لم يكن كافيا، فقد عادت الابنة للوطن ولا يزال أمامها ثلاث سنوات لاستكمال الدراسة وأصبح مستقبلها في مهب الريح.

أصبحت قصة الفقر المتصاعد الذي حل بالمعلمة السابقة حكاية مألوفة بين الإيرانيين الذين أقبلوا على شراء العملة الأمريكية لدعم أولادهم ماليا أو لحماية مدخراتهم.

وقالت مريم حسيني: ”على ابنتي أن تدفن حلمها في الدراسة بالخارج. فقد عادت من الخارج ولم يعد بإمكاني أن أتحمل النفقات بعد الآن“.

وسبب تعاستها هو الانخفاض الشديد في قيمة الريال الإيراني، فهبوط العملة لم يجعل الحياة أكثر كلفة فحسب، بل إنه يضعف قدرة إيران على تنشيط الاقتصاد الذي أرهقته عقوبات أمريكية معوقة وفيروس كورونا المستجد.

وأوضح موقع ”بونباست دوت كوم“ أن الدولار كان معروضا للبيع بسعر 215 ألف ريال يوم الاثنين، مقارنة بسعر الصرف الرسمي البالغ 42 ألف ريال.

وأرغم هبوط العملة في الأسابيع الأخيرة البنك المركزي على التحرك، فضخ ملايين الدولارات في السوق لتحقيق استقرار الريال.

اثار كارثية لحقت بالإيرانيين جراء تدهور قيمة الريال

اثار كارثية لحقت بالإيرانيين جراء تدهور قيمة الريال

ودافع عبد الناصر همتي محافظ البنك المركزي عن قدرة العملة المحلية على التماسك، حيث قال: ”إن البنك لديه احتياطيات وفيرة من النقد الأجنبي دون أن يكشف عن حجمها“.

غير أن اقتصاديين قالوا إن العجز في ميزان المعاملات الجارية والموازنة بفعل الأزمة الاقتصادية قد يتطلب السحب من هذه الاحتياطيات، الأمر الذي يضعف قدرة إيران على الحد من التضخم المتفشي.

وقال جاربيس إراديان كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعهد التمويل الدولي: ”لديهم احتياطيات محدودة من النقد الأجنبي متاحة لضخها في السوق، ولن يتمكنوا من احتواء انخفاض آخر في قيمة العملة بوجود العقوبات الأمريكية والعزلة عن المجتمع الدولي“.

تآكل الاحتياطيات

وفقد الريال ما يقرب من 70% من قيمته في أعقاب الانسحاب الأمريكي في 2018 من الاتفاق النووي، الذي أبرمته إيران في 2015 مع ست قوى عالمية، وإعادة فرض العقوبات الأمريكية عليها.

في أعقاب ذلك، سعت الحكومة لتعويض ذلك من خلال التعامل بعدة أسعار للصرف الأجنبي؛ بهدف تخفيف العبء المالي عن المستوردين.

لكن الريال واصل مسيرة الهبوط في السوق الحرة حتى بعد التدخل الأخير من جانب البنك المركزي.

والانخفاض الأخير في قيمة العملة مدفوع بالمخاوف في الأساس، إذ جاء بعد أن حثت الوكالة الدولية للطاقة الذرية طهران على الكف عن منعها من دخول موقعين نوويين سابقين تحوم حولهما الشبهات، كما يرجع جانب من هذا الانخفاض إلى تدهور اقتصادي أوسع نطاقا بسبب فيروس كورونا.

وقال نيلز دي هوج الاقتصادي بمؤسسة اتراديوس للتأمين على الائتمان: ”العامل الجوهري بدرجة أكبر هو تحول ميزان المعاملات الجارية من فائض تقليدي إلى عجز صغير في 2020؛ بسبب انهيار إيرادات تصدير النفط“.

الريال الإيراني وصل لأدنى مستوياته مقابل الدولار

الريال الإيراني وصل لأدنى مستوياته مقابل الدولار

وتابع أن التقديرات تشير إلى أن البنك المركزي ما زال لديه احتياطيات كافية لدعم الريال، لكنها تتآكل لأنها تسهم في تمويل العجز في الموازنة.

وتحت وطأة العقوبات يقدر أن صادرات النفط تتراوح بين 100 ألف و200 ألف برميل يوميا، انخفاضا من أكثر من 2.5 مليون برميل في اليوم في أبريل نيسان 2018.

ويقدر صندوق النقد الدولي أن تسحب إيران ما يقارب 20 مليار دولار من احتياطياتها هذا العام، لتصل إلى 85.2 مليار دولار، كما ستسحب 16 مليار دولار أخرى في العام المقبل.

كل يوم يمر نزداد فقرا

نسبت وسائل إعلام إلى مسعود خنصري رئيس غرفة التجارة والصناعة والمناجم والزراعة قوله: إن التقديرات تشير إلى أن العجز في ميزانية الدولة سيبلغ عشرة مليارات دولار بحلول مارس آذار 2021.

وقال خنصري: إن نمو العجز في الموازنة ونمو المعروض النقدي سيؤديان إلى ارتفاع التضخم وانخفاض الريال وتضاؤل القوة الشرائية.

وقال متعامل يدعى سوروش في طهران، رفض ذكر اسمه بالكامل، إن الحكومة طلبت من الإيرانيين عدم التخلص من الريال بشراء العملات الأجنبية، وإن أغلب المتعاملين في مكاتب الصرافة بوسط طهران يرفضون بيع الدولار.

وأضاف: ”عندما بدأ الدولار يزداد قيمة مقابل الريال أقبل الناس على مكاتب الصرافة لبيع الدولار، لكن الهدوء يسود الآن“.

غير أنه لا يكاد أحد يفلت من الصعوبات الاقتصادية، فمن نخبة الأعمال إلى العمال العاديين تشعر الأغلبية بتأثير هبوط الريال.

وتتزايد مشاكل الشركات والأعمال مع ارتفاع الضرائب وانخفاض الدعم الحكومي لأسعار السلع، وتقيد الأسواق الخارجية بالعقوبات، وصعوبة الحصول على العملة الصعبة اللازمة لإبرام التعاملات.

وقال صاحب مصنع للأثاث في مدينة راشت الشمالية: ”أزمة العملة والعقوبات التجارية أصابتنا بالشلل. هناك أيضا نقص في المواد الخام“.

وأصبحت أسعار السلع الأساسية مثل الخبز واللحوم والأرز تزداد بصفة يومية، كما أصبحت اللحوم سلعة نادرة عند الكثيرين وبلغ سعرها عشرة دولارات للكيلوجرام.

وتنشر وسائل الإعلام بصفة منتظمة أخبار الاستغناء عن العمالة وإضرابات العمال الذين لم يتقاضوا أجورهم منذ أشهر، بما في ذلك عمال مصانع مملوكة للحكومة.

وقال رضا محمود زادة الموظف الحكومي: ”الحياة مكلفة جدا. مرتبي لا يكفي لسد الرمق. وكل يوم يمر نزداد فقرا“.

ويقول صندوق النقد الدولي، إن أغلب الإيرانيين مقبلون على زيادات أخرى في الأسعار، إذ تشير التقديرات إلى أن معدل التضخم سيبلغ 34.2% هذا العام.

ويريد رجال الدين الذين يحكمون إيران الحيلولة دون تجدد الاضطرابات التي بدأت في نوفمبر تشرين الثاني 2019؛ بسبب المصاعب الاقتصادية، وانقلبت إلى احتجاجات سياسية طالب فيها المحتجون برحيل كبار المسؤولين.