الجمعة 9 ذو القعدة 1445 ﻫ - 17 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

دبلوماسي سعودي: حزب الله أسير في خندق الرؤية الإيرانية ويعيش على ولاية الفقيه

كشف الوزير والسفير السعودي السابق عبد العزيز خوجه في كتاب جديد بعنوان ”التجربة- تفاعلات الثقافة والسياسة والإعلام“، أسرارا من تجربته الدبلوماسية في عدد من الدول وخاصة لبنان، التي خصص لها صفحات تفوق الخمسين.

ومثل خوجة بلاده سفيرا في تركيا وروسيا والمغرب، لكن حساسية فترة عمله في لبنان التي شهدت اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري وتداعياتها طغت على الكتاب.

التغييرات الدراماتيكية في لبنان، جعلت فترة عمل خوجة القصيرة (5 سنوات) أغنى تجارب الدبلوماسي السعودي، لفاعليته في الأحداث، فبعد اغتيال الحريري، كان خوجة هو من أوعز بإنشاء المحكمة الدولية.

نصرالله ”صديق السعودية“

ومن طريف ما يذكره خوجة أنه استوحى فكرة إنشاء المحكمة من أمين عام حزب الله حسن نصر الله، الذي بادر إلى اقتراح محكمة عربية، لكن غضب الزعيم الشيعي برز بعدما تحولت المحكمة إلى دولية، على يد السفير السعودي.

وارتبط خوجه بعلاقة ممتازة مع نصر الله، ووصل الترابط بينهما حد تحديد مواعيد لقيادات في حزب الله لزيارة السعودية، وبالفعل زار الرياض في تلك الفترة نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم.

ويقول خوجة عن تلك العلاقة: ”كانت علاقتي تتسم بالدفء مع السيد نصر الله، وشعرت في البداية أنه صاحب كاريزما وله شخصية جذابة وعنده اطلاع واسع على مجريات الأمور ويحمل روح الدعابة، كانت لقاءاتي به متكررة وتستمر لفترات طويلة“.

وكان خوجه إلى وقت قريب حتى بعد اغتيال الحريري يجتمع بنصرالله دوريا، لكن العلاقة بينهما انقطعت إثر محاولات اغتيال عدة تعرض لها السفير السعودي في لبنان، أشارت أصابع الاتهام فيها إلى ”حزب الله“.

وبعد بيان السعودية الشهير إبان حرب تموز عن ”التفرقة بين المقاومة الشرعية وبين المغامرات غير المحسوبة التي تقوم بها عناصر داخل الدولة ومَن وراءها“ يذكر خوجة أنه زار نصر الله، وكان الأخير غاضبا بعد البيان حيث قال للسفير السعودي: ”قد نكون اخطأنا لكن النصيحة في العلن فضيحة“.

وكان رد خوجة عليه بالقول: ”إن الصراحة هي الأساس الأفضل والأسلم لأي علاقة بين طرفين، وهكذا احتويته“. ويقول خوجه إن هذه من أصعب اللحظات التي مرت عليه سفيرا لبلاده في لبنان.

وفي تحليله لحالة حزب الله يورد خوجة رأيه بالقول: ”رغم أن حزب الله يمارس المقاومة ويمثل في المعارضة والصراع الإقليمي رقما صعبا، إلا أنه عجز عن بلورة خطاب سياسي وأيديولوجي خاص به بسبب وقوفه أسيرا في خندق الرؤية الإيرانية ومصالحها التي لا تراعي الخصوصية اللبنانية والعربية. كما أن تبعية الحزب ومرجعيته الدينية لإيران جعلته يعيش على آلية ولاية الفقيه كما أعلنها رسميا وبكل وضوح سنة 2007“

وفي الفصل الذي خصص خوجة من الكتاب للبنان يقدم الدبلوماسي السعودي روايته لحوادث الـ 7 من أيار، ولتاريخ الإمام موسى الصدر والطائفة الشيعية، ولحرب تموز التي تكبد خلالها لبنان خسارة بلغت 15 مليار دولار، كما ورد في الكتاب.

ويعرض خوجة كيف حاول إعلام الـ8 من آذار إخفاء مساهمة السعودية بإعمار الضاحية الجنوبية ليبروت، عبر صندوق التنمية السعودي؛ حيث عمّرت المملكة كثيرا من قرى الجنوب المهدمة.

نظرية ”سين سين“

وفي خضم انفتاح السفير خوجة على أطياف السياسة اللبنانية يصف خوجة رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأنه ”شخصية ذكية وعاقلة ودبلوماسية بارعة، وهو سياسي مخضرم يحاول أن يكون متوازنا في علاقاته مع الجميع، يقود البرلمان بحرفية ومهنية عالية، وله تأثيره، ونفوذه السياسي الجمّ“

وعن تحالف رئيس حركة أمل الشيعية مع سوريا يقول خوجة إن ذلك ”كان واضحا للعيان“، لكن بري أيضا صاحب نظرية أن التقارب السعودي السوري هو المدخل الوحيد لاستقرار المنطقة، وكان يسمي نظريته ”سين سين“ أي ”السعودية – سورية، وقد سعى لأن تكون علاقته قوية مع الدولتين وأن يفوز برضاهما وعمل على التقريب بينهما لمصلحة لبنان“.

ويسرد خوجة واقعة أخرى في علاقته بنبيه بري حين أبلغ السفير السعودي بصورة حاسمة رئيس حركة أمل أن ”احتلال السرايا الحكومي خط أحمر وأنني مستعد للوقوف شخصيا أمام باب السرايا ليكون اقتحامها على جثتي“.

ويورد خوجة أن بري أجابه قائلا: ”روق روق وذلك بلهجة الطمأنة“، بعدها أخبر خوجة الملك عبد الله والأمير سعود بما فعل فأيداه في موقفه، واتصل الملك عبد الله بالرئيس فؤاد السنيورة وطمأنه وأبدى له تأييده الكامل.

السعودية وسوريا ولبنان
يسرد خوجة فصولا من العلاقة المعقدة بين سوريا ولبنان، وفي هذا الملف تطرق خوجة لعلاقة الحريري بالأسد، وكيف أن التمديد للرئيس الأسبق إميل لحود بطلب من الرئيس السوري رفع منسوب التوتر بين الحريري ولحود والأسد.

وعن ذلك يقول في الكتاب: ”خلال فترة توليه (الحريري) رئاسة الحكومة مرة ثانية (2000-2004) زادت الضغوط من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فتعهّد بخصخصة المؤسسات العامة غير المربحة، وتخفيض البيروقراطية، لكنه لم يتمكن من تحقيق وعوده بعد تزايد خلافه مع سورية ومع رئيس الجمهورية إميل لحود؛ ما دفعه الى الاعتذار عن تأليف الحكومة الأولى بعد التمديد“.

وفي تحليله لمسار العلاقة بين الرياض ودمشق، ووصولها أوج القطيعة، يقول خوجة: ”بشار الأسد لم يمتلك ذكاء وحصافة والده حافظ الأسد، لذلك اختار السير ضد المملكة العربية السعودية، ومع الدعم الإيراني المتنامي لسوريا عسكريا وأمنيا واقتصاديا لم يعد بشار حاكمها الفعلي بل أصبح قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، هو الحاكم الفعلي للبلد الذي يحكمه رسميا حزب البعث العربي الاشتراكي والذي تقوم مبادئه على القومية العربية المتطرفة“.

ويذكر خوجة أن الملك عبد الله عندما شاهد بعد أشهر من قيام ”الثورة السلمية“ في سوريا الجوامع والمدارس والبيوت والمستشفيات تقصف بالطائرات والدبابات والناس في ضنك شديد، أدرك أن المشروع الإيراني أخذ منحى خطرا لا يمكن السكوت عنه، وأن بشار لا يملك القرار في سوريا، وأدى ذلك إلى أن تصبح سوريا دولة مفتوحة لإيران ودول أخرى، وبناء عليه تغير الموقف السعودي تماما وأصبح مضادا للنظام السوري.

السعودية تحذر الحريري
ويكشف خوجة أن السعودية حذرت الحريري من مخطط لاغتياله، ولم يستجب لنصائحها بمغادرة لبنان بإجازة طويلة، قائلا: ”الوطن ليس فندقا“ وبقي معارضا في البرلمان.

ويقول خوجه عن علاقة الحريري بالسعودية: ”كان ملوكنا يثقون به ثقة كاملة.. اغتيل الحريري في الـ14 من شباط، وكان ذلك النهار زلزالا غيّر مجرى الأحداث السياسية كلها“. حين ورود معلومات عن اعتزام ”حزب الله“ بعد حرب تموز 2006 اسقاط الحكومة واحتلال السرايا بتوجيه من إيران.