الثلاثاء 9 رمضان 1445 ﻫ - 19 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

رسائل ظريف من العراق تتكشف.. "تشدد وتحشيد إيراني"

عكست زيارة وزيري خارجية الولايات المتحدة وإيران الأسبوع الماضي إلى بغداد، صورة الصراع على العراق، سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وحملت كل منهما رسائل بدأ الكشف عنها تدريجياً خلال الأيام الجارية، وهي تشي بتصعيد محتمل آت مستقبلاً، لا سيما وأن ظريف بدا واضحاً في بعض خطاباته، لجهة تحشيد القوى العراقية ورص صفوفها، ضمن محور طهران.

فخلال زيارته الأخيرة للعراق، التقى وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف الرئاسات العراقية الثلاث، بالإضافة إلى أغلب زعماء المكونات السياسية العراقية سواء من خلال حضوره في قاعة مجلس النواب أو في مقابلات فردية، كما شملت لقاءاته أيضاً المسيحيين والصابئة والإيزيديين.

ولعل الاسثناء الوحيد واللافت كان عدم لقائه زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أو من يمثله (لكونه حالياً في زيارة خاصة إلى لبنان)، سواء داخل تحالف الإصلاح والإعمار أو كتلة سائرون.
جمود العلاقات مع الصدر

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي، رعد هاشم، للعربية.نت، إن عدم لقاء #ظريف مع أي ممثل عن الصدر، يعود إلى جمود العلاقات بين الطرفين، لا سيما أن الصدر يرفض أي تدخل في الشؤون العراقية.

أما عن الرسائل التي مررها ظريف خلال زيارته للعراق، فقد بيّن هاشم أن مدة بقاء ظريف، ولقاءاته المتعددة مع مختلف الطبقات السياسية وحتى المجتمعية من ضمنها شيوخ ووجهاء العشائر العراقية، تعد خروجاً عن الأعراف الدبلوماسية والبروتوكولات الملحقة بها، كما أتت لقاءاته وكأنها رسالة لجعل العراق “منبراً ضد الولايات المتحدة”.

إلى ذلك، استغرب هاشم عدم وجود أي رد رسمي من الحكومة أو من الخارجية العراقية حول تحركات ظريف داخل #العراق، مشيراً إلى أن جدول تلك اللقاءات لم يعرف إن كان مفروضاً من الجانب الإيراني أو كان بالتنسيق مع الجانب العراقي.
صراع واشنطن وطهران

إلا أن زيارتي الضيفين الأميركي والإيراني، تلقي الضوء على الصراع بين واشنطن وطهران، الذي رجح مراقبون أن يصل إلى ذروته في الأيام القادمة، خاصة بعد تسريبات نقلت عن وزير الخارجية الأميركي، مايك #بومبيو، إبلاغه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عدم تمكن واشنطن من الوقوف أكثر أمام تل أبيب، لمنعها من ضرب أهداف تابعة لإيران داخل العمق العراقي.

وفي المقابل، شدد النظام الإيراني موقفه عبر كلام وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الذي أكد خلال أحد لقاءاته في العراق، أن بلاده لن تسمح للمسؤولين الأميركيين بالتدخل في العلاقات الإيرانية – العراقية، ملمحاً إلى إمكانية استخدام جميع الأوراق للحفاظ على امتيازات إيران الكبيرة في العراق.
إيران تستخدم أوراقها

كما أتى ضمن إطار هذا التشدد الإيراني موقف جواد الطليباوي، المتحدث باسم ميليشيا عصائب أهل الحق التي يتزعمها قيس الخزعلي والتابعة لإيران، إذ توعد القوات الأميركية في العراق بالمواجهة بأساليب وضربات قتالية مختلفة، على خلفية تهديد بضرب فصائل من الحشد الشعبي من قبل إسرائيل.

وأضاف الطليباوي، إذا ما أقدمت الإدارة الأميركية على شن عدوان على ما سمَّاه محور المقاومة فإنها ستواجه أساليب وضربات قتالية تختلف عن سابقاتها التي جعلتها تجر معها أذيال الهزيمة من أرض العراق، بحسب تعبيره.

وكان النائب عن تحالف البناء منصور البعيجي، كشف عن وصول قانون إخراج القوات الأجنبية من الأراضي العراقية من اللمسات الأخيرة، وسيتم تقديمه إلى رئاسة مجلس النواب لإدراجه على جدول الأعمال من أجل تمريره داخل قبة البرلمان بأسرع وقت ممكن.

ووفقاً للمحللين، فإن تشريع قانون إخراج القوات الأجنبية من العراق أتى انعكاسا لرغبة إيران، ما يشير إلى دخول صراع النفوذ في العراق مرحلة جديدة من التصعيد، بعد تكثيف الولايات المتحدة جهودها بهدف فك ارتباط بغداد عن طهران سياسياً واقتصادياً.

في المقابل، تتجنب حكومة عبد المهدي الدخول في هذا الصراع، بتجنب استفزاز كل من طهران وواشنطن، وذلك في ظل الظروف الغامضة التي أحاطت بحصوله على منصب رئيس الوزراء، فهو لم يكن حليفاً علنياً للولايات المتحدة، ولا خصماً للنظام الإيراني.
الطاقة مقابل رفض العقوبات

كل هذا يأتي بالتزامن مع وعود كبيرة قطعتها إيران لجهة مساعدة العراق على حل مشاكله المعقدة، خاصة في مجال الطاقة، التي ترهنها بموقف بغداد من العقوبات الأميركية على إيران، والتي تحثها باتجاه الوقوف ضدها.

وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أوضح في زيارته الأخيرة للعراق أن مهلة الإعفاء الأميركية للعراق تنتهي في مارس/ آذار المقبل، ما يتطلب بالتالي من العراق تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة، بعد عجزه، والاعتماد على الطاقة الإيرانية.

في غضون ذلك، أفادت مصادر مطلعة أن رئيس الجمهورية، برهم صالح، سيزور واشنطن قريباً لبحث استثناء العراق من العقوبات الأميركية ضد إيران، في حين أن الاستثناء المؤقت الذي أقرته الإدارة الأميركية بخصوص استيراد الغاز الإيراني لإمداد الكهرباء في العراق ستنتهي في مارس / آذار المقبل.

وفي ظل كل تلك التحديات يبقى واقع الانتقال إلى حكومة عراقية مستقرة متعثر، في ظل المزاج الإقليمي والدولي!

 

المصدر: بغداد – حسن السعيدي