الجمعة 19 رمضان 1445 ﻫ - 29 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

سفن موت.. سماد قتل مئات بأسوأ كارثة صناعية في أميركا

في حدود منتصف شهر نيسان/أبريل عام 1947، اهتزت الولايات المتحدة الأميركية على وقع خبر الانفجار الكبير الذي ضرب إحدى موانئ مدينة تكساس، التابعة لمقاطعة غالفيستون، مسفراً عن سقوط عدد هائل من الضحايا خلال فترة وجيزة.

وقعت هذه الكارثة بسبب مركب كيميائي عرف بنترات الأمونيوم، استخدم من قبل الجيش الأميركي لصناعة المتفجرات زمن الحرب العالمية الثانية، وتواصل إنتاجه ليعتمد كسماد من قبل الفلاحين عقب نهاية النزاع العالمي.

صورة لإحدى السفن المدمرة بميناء مدينة تكساس عقب الانفجار

بعد استسلام اليابان بشكل رسمي مطلع شهر أيلول/سبتمبر 1945، تراجعت إجراءات السلامة التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على عمليات نقل نترات الأمونيوم، لتتحول بذلك السفن التي كانت تقل هذا المركب الكيميائي لسفن موت بثت الرعب في قلوب كثيرين.

خلال شهر نيسان/أبريل 1947، حلّت سفينة رفعت العلم الفرنسي عرفت بسفينة الشحن غراندكامب (Grandcamp) بميناء مدينة تكساس استعدادا لنقل حمولة تكونت أساسا من نترات الأمونيوم والتبغ والذخيرة.

صورة تبرز حجم الخراب الذي لحق بالمنطقة عقب الانفجار

وعلى الرغم من وجود قوانين صارمة منعت العاملين على رصيف الميناء من التدخين، شهد ميناء تكساس قبل يومين فقط وقوع الكارثة كانت عبارة عن حريق تسببت فيه سيجارة.

صبيحة يوم 16 نيسان/أبريل 1947، كان العمال بصدد شحن السفينة غراندكامب عندما شاهدوا تصاعد الدخان من إحدى الحمولات الموجودة داخلها. وخوفا من إفساد البضاعة التي شحنوها بها، رفض العمال استخدام خراطيم المياه ولجؤوا بدلا من ذلك للاعتماد على طفايات الحرائق أملا في إنقاذ شحنة السفينة المقدر وزنها بنحو 2300 طن.

صورة تبرز عددا من السيارات المدمرة بموقف السيارات عقب الانفجار

بالرغم من نجاحهم في إخراج شحنات الذخيرة، لجأ القبطان لحل بائس حاول من خلاله إفراغ عنبر الشحن من الأوكسجين عن طريق غلق الأبواب وإرسال البخار، متناسيا بذلك عدم حاجة التركيبة الكيميائية لنترات الأمونيوم للأوكسجين للالتهاب والاحتراق.

في حدود الساعة التاسعة واثني عشرة دقيقة، ارتفعت ألسنة اللهب من عنبر السفينة قبل أن تشهد المنطقة انفجارا رهيبا سمع دويه من على بعد 150 ميلا. والتهمت النيران رصيف الميناء بأكمله وأضرت بمصنع كيميائي قريب وتصاعدت من المكان سحابة دخانية كثيفة بلغ ارتفاعها ألفي متر.

صورة لعملية نقل عدد من الضحايا عقب انفجار تكساس

أيضا، وقعت العديد من الشظايا المتطايرة على المناطق الصناعية والمنازل القريبة وأدت لإلحاق أضرار جسيمة بالمكان وتزايد عدد القتلى كما تعرضت سفينة High Flyer التي مرّت بالقرب من الميناء، حاملة معها شحنات من الكبريت، لأضرار أدت لانفجارها وتسرب كميات هامة من النفط بالبحر مساهمة بذلك في تواصل الحرائق لأيام.

قذف الانفجار مرساة السفينة غراندكامب على بعد 1.5 ميل وقتل على عين المكان كل من تواجد على رصيف الميناء، كما فارق ما يزيد عن 200 عامل من عمّال مصنع مونساتو (Monsanto) الكيميائي القريب الحياة خلال الحادثة.

صورة تجسد محاولات السيطرة على حريق تكساس سنة 1947

خلال كارثة انفجار مدينة تكساس سنة 1947، فارق 581 شخصاً الحياة، وأصيب 3500 آخرون بحروق متفاوتة الخطورة وقدّرت الخسائر المادية بنحو 100 مليون دولار ووجد ألفا شخص أنفسهم بدون مأوى لتصنف بذلك هذه الكارثة كأسوأ كارثة صناعية في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.

في الأثناء، أثارت قضية هذه الحادثة ضجة بين الأميركيين حيث ألقى كثيرون اللوم على السلطات الأميركية واتهموها بإهمال شروط السلامة أثناء نقل نترات الأمونيوم وقد عرفت هذه القضية نهايتها منتصف الخمسينيات عقب موافقة الكونغرس على تقديم تعويض بلغت قيمته 17 مليون دولار لنحو 1394 من الضحايا وإعادة بناء الميناء للاستفادة منه بنقل النفط فقط.

صورة تبرز حجم الدمار الهائل الذي لحق بعدد هائل من السيارات عقب الانفجار