الجمعة 24 شوال 1445 ﻫ - 3 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

شعرة قيصر التي قصمت ظهر الأسد.. من هو المصور العسكري الذي فضح بالصور إجرام سجون النظام

الاسم أكثر تردداً في الآونة الأخيرة في كواليس الخارجية الخارجية الأمريكية تحضيرا لعقوبات على نظام بشار الأسد، وكل من يدعمه أو يموله من الشخصيات السورية أو غيرها.

 

فمن هو قيصر الذي أوصل صوت القهر في سجون النظام إلى العالم؟

حتى الآن يعتبر  قيصر شخصية غامضة لا يعرفها إلا قلة محدودة من المقرّبين، وهو اسم مستعار لمصوّر سابق في الشرطة العسكرية التابعة للنظام في سوريا، كان انشقّ عن النظام عام 2013 حاملاً معه 55 ألف صورة تظهر التعذيب والانتهاكات في السجون السورية، مستعيناً مع زميل آخر له أطلق على نفسه اسم سامي خوفاً من بطش النظام.

مع بداية الأحداث في سوريا، كان عمل “الشاهد الملك” كما يلقّبه البعض، التقاط الصور من أقبية التعذيب لدى النظام ثم إرسالها لأرشفتها مع صديقه سامي.

عاش الصديقان خوفاً وقلقاً شديدين أثناء عمليات التوثيق التي استمرت عامين ونصف، سواء لجهة قيصر الذي كان يعايش يومياً مشاهد جديدة من الموت الذي يتعرض له المعتقلون، أو شريكه سامي المسؤول عن حفظ تلك الصور بعيداً عن قبضة السلطات الأمنية.

إلا أن نظام الأسد معروف ببطشه، فكان لابد من أن يلازم الرعب الصديقين من مغبّة أن ينكشف أمرهما، ولو حصل ذلك لما بقي أحد منهما أو من عائلتهما على قيد الحياة.

وما حسباه وقع، فقد داهم النظام البيوت، وتمت مصادرة أجهزة حاسوب، لكنها لم تكن هي الأجهزة التي احتفظ عليها الصديقان بالمعلومات، لحسن حظهما.

 

ما يحدث في السجون لا يصدق!

البداية كانت بعيد اندلاع الثورة السورية، حيث يحكي “القيصر” أن عمليات القتل دشنت خلال مظاهرات درعا السلمية، إذ نقلت إليهم الأجهزة الأمنية نحو 45 من جثث المتظاهرين السلميين إلى داخل المستشفى العسكري المعروف باسم 601، وقيل إنها جثث “المندسين” من درعا. وبعدها بدأت الأعداد في ازدياد مهول امتلأت معه ثلاجات حفظ الموتى في وقت قياسي، الأمر الذي دفع المسؤولين إلى إلقاء الجثث في أماكن مختلفة، بينها مواقف السيارات.

وبحسب القيصر، فكل جثة مكتوب عليها رقم التوقيف والفرع الأمني الذي اعتقله، وبعدها بثلاثة أيام أو أربعة يأتي الطبيب الشرعي لمعاينة الجثث التي تركت في العراء عرضة للقوارض والحشرات. وبعد أن يكبر العدد ويتجاوز المئتين أو الثلاثمئة، يتم جمعها وأخذها إلى أماكن مجهولة.

ويتابع قيصر في تصريح لـ “العربية نت” عمّا عاشه أثناء عمله، فقال: “عندما كنا نتوجه كمصورين إلى المشافي العسكرية وتحديداً مشفى تشرين العسكري ومشفى 601 في المزة، وهي المشافي التي يتم فيها تجميع جثث الضحايا من جميع الأفرع الأمنية كنا نشاهد أفظع أنواع التعذيب الذي مورس بحق هؤلاء الضحايا الأبرياء، كنا نشاهد أعضاء مبتورة كأصابع اليد أو قلع العيون وجثث شبه محروقة أو كسر أسنان وآثار ضرب بكابلات كهربائية، وأجسام ضعيفة وهزيلة نتيجة التجويع المتعمد لأشهر وربما سنوات”.

الخروج من سوريا

بالإضافة إلى دوره كمؤرشف للصور، ساعد سامي صديقه قيصر في الخروج من سوريا، وغادرا دمشق في آب/ أغسطس عام 2013، وبحوزتهما 55 ألف صورة تقريباً لضحايا التعذيب في المعتقلات السورية نشروا الآلاف منها، وآلاف لم تنشر بعد وفق ما أكد قيصر وسامي.

بعد خروجهما من سوريا عمدا إلى تشكيل ما بات يعرف بفريق قيصر، انضم إليهم منظمات سورية في الولايات المتحدة الأميركية والسفير الأميركي السابق للجرائم ضد الإنسانية، ستيفن راب، وآخرون في غرب أوروبا.

ولعب قيصر بحسب الفريق دوراً كبيراً في إنجاز مشروع القانون عبر عشرات الاجتماعات والاتصالات ساعياً للوصول إلى هذا القانون، فهو لم يسهم في نشر الصور فقط بل أيضاً في التواصل والعمل المستمر وبكافة السبل لفضح جرائم النظام.

وركز الفريق على العمل القضائي ومحاولة إيصال ما يجري من ظلم في معتقلات النظام للعالم، لذلك نظم معارض صور في عدة برلمانات منها البرلمان الأوروبي والبريطاني والكندي وطبعاً الكونغرس الأميركي، وفي معرض المحرقة في واشنطن وفي هذا المعرض عرض هاتف قيصر ووحدة التخزين التي حفظ بها كل الصور.

ثم بدأ العمل على قانون مشروع قيصر الذي حمل اسمه، وحاول الفريق تأمين دعم القانون من كلا الحزبين”، واستطاع الحصول على 100 داعم لمشروع قانون ضد نظام الأسد من الجمهوريين والديمقراطيين في مجلسي النواب والشيوخ، ثم بدأت أولى الخطوات بتمرير مشروع القانون في مجلس النواب أولاً ثم إحالته إلى مجلس الشيوخ.

بعد التدقيق وتضافر المعلومات، أكد مكتب التحقيق الفيدرالي (FBI) صحة الصور التي سرّبها الضابط قيصر، وأثارت الرأي العام العالمي حينها، وعُرضت في مجلس الشيوخ الأميركي، ليحمل القانون اسم”قيصر”.

يشار إلى أن قيصر وسامي يقيمان الآن في أوروبا، بينما يزور الأول الولايات المتحدة بين الفينة والأخرى لاستمرار العمل على قانون قيصر والتأكد من تطبيقه، ومازالا يتصلان بنواب ومسؤولين في حكومات غربية لشرح جرائم النظام ضد المعتقلين ومواصلة العمل القضائي في عدة دول أوروبية ضد النظام وشخصيات ساهمت بعمليات التعذيب.