السبت 18 شوال 1445 ﻫ - 27 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

صراع الانتخابات المحلية التركية يحتدم.. والمعارضة تترقب "معركة إسطنبول"

تترقب المعارضة التركية المنقسمة والمصدومة بفعل فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بالانتخابات العامة العام الفائت 2023 جولة جديدة من المواجهة في الانتخابات المحلية المقررة يوم الأحد المقبل، إذ ستحدد النتائج مستقبل رئيس بلدية إسطنبول الحالي أكرم إمام أوغلو الذي تنعقد عليه آمالها.

ومن الممكن أن تعزز الانتخابات البلدية في 31 مارس/ آذار سيطرة أردوغان بعد عقدين من حكم تركيا أو قد تُفضي إلى تغيير في المشهد السياسي المنقسم في الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي.

ومن المرجح أن تساهم الأزمات الاقتصادية الناجمة عن التضخم الجامح في تشكيل نتائج الانتخابات، وقد تتأثر النتائج أيضا بآمال الناخبين الأكراد والإسلاميين في التغيير السياسي وتقييمهم لأداء الحكومة.

وتعززت آمال المعارضة في إحداث تحول بعد نتائج الانتخابات المحلية في 2019 عندما هزمت حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان وفازت برئاسة بلدية المدينتين الرئيسيتين، إسطنبول وأنقرة، بعد 25 عاما من هيمنة الحزب والأحزاب الإسلامية التي سبقته عليهما.

لكن أردوغان نهض من عثرته العام الماضي واحتفظ بالرئاسة، كما فاز بأغلبية برلمانية مع حلفائه من التيار القومي رغم مخاوف الناخبين من أزمة تكلفة المعيشة.

وأحدثت تلك الانتصارات انقساما في تحالف واسع للمعارضة.

وتشير استطلاعات إلى تقارب في السباق على رئاسة بلدية إسطنبول بين مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو ومرشح حزب العدالة والتنمية، الوزير السابق مراد قوروم.

ولمع اسم أردوغان في التسعينات بعد أن تولى رئاسة بلدية إسطنبول التي يبلغ عدد سكانها حاليا نحو 16 مليون نسمة.

يسعى أردوغان إلى تعزيز دور تركيا عالميا، ويعكف منذ بضع سنوات على إصلاح العلاقات المتوترة مع العديد من الدول من بينها دول في الشرق الأوسط. لكنه حث خلال الحملة الانتخابية الأتراك على التصويت لحزب العدالة والتنمية للدفاع عن البلاد في مواجهة أعداء لم يحددهم.

وقال أردوغان في خطابه أمام حشد في إقليم توكات بشمال البلاد “أولئك الذين لا يستطيعون استيعاب قوة تركيا المتزايدة في المنطقة والعالم، أو مواقفها المنصفة المبنية على المبادئ، يقفون حاليا متربصين”.

وقال مراد يتكن، المحلل في يتكن ريبورت “في 2019، عندما خسر أردوغان وحزب العدالة والتنمية إسطنبول، كانت هزيمة كبيرة وضربة لسمعة أردوغان. فحتى ذلك الوقت كان لا يهزم، ولا يقهر”، واصفا الفوز في إسطنبول بأنه مسألة جوهرية لأردوغان.

وأضاف “إذا فعل ذلك، فهذا يعني أنه سيكون قادرا على تدعيم سلطته وتوسيعها لتشمل الإدارات المحلية”. ويقول محللون إن أردوغان قد يسعى بعدها إلى تغيير الدستور لتمكينه من الترشح للرئاسة مجددا في 2028.

وقال بيرك إيسن أستاذ العلوم السياسية بجامعة سابانجي إن فوز إمام أوغلو سيبث الروح في صفوف المعارضة.

وأضاف “إذا تمكن مرشح المعارضة من الفوز في إسطنبول، فسيكون لدى حزب المعارضة الرئيسي على الأقل القوة الكافية لتحدي أردوغان في السنوات المقبلة”.

وكانت تلك رسالة أراد إمام أوغلو إيصالها.

وناشد إمام أوغلو الشباب الأتراك في إسطنبول قائلا إن “مصير تركيا بين أيديكم”، مضيفا “يمكنك تغيير ما يجري من خطأ في تركيا بصوت واحد”.

ويقول منتقدون إن حكومة أردوغان قمعت المعارضة وقوضت حقوق الإنسان وبسطت سيطرتها على القضاء ومؤسسات الدولة الأخرى، وهو اتهام ينفيه المسؤولون.

وقال إيسن “الكفة تميل ناحية التحالف الحاكم”، مضيفا أن “إمام أوغلو يقاتل بمفرده”.

وتقدم وسائل الإعلام الموالية للحكومة تغطية شاملة للأنشطة اليومية لحملة أردوغان الانتخابية، مع تغطية محدودة لحملات المعارضة.

* تأثير الاقتصاد والحرب في غزة

يبدو أن فرص أردوغان تتضاءل أمام تصاعد شعبية حزب الرفاه الإسلامي الذي يتخذ موقفا قويا ضد إسرائيل فيما يتعلق بالحرب في غزة، وكذلك بفعل عدم الرضا عن السياسات الاقتصادية لحزب العدالة والتنمية المنتمي أيضا للتيار الإسلامي.

وتبنى أردوغان خطابا حادا ضد إسرائيل مع الحفاظ على العلاقات التجارية بين البلدين، مما أثار انتقادات من حزب الرفاه مستغلا غضب الأتراك ورغبتهم في دعم الفلسطينيين بصورة أكبر.

وقال محمد ألتينوز نائب زعيم الحزب لرويترز “لو كنا، حزب الرفاه، في السلطة، لم تكن إسرائيل لتتمكن من مهاجمة غزة” داعيا إلى فرض حظر تجاري على إسرائيل.

وتشير استطلاعات إلى أن شعبية حزب الرفاه ربما تضاعفت إلى نحو خمسة بالمئة على حساب الأصوات التي كانت ستذهب لحزب العدالة والتنمية.

وقال يتكن المحلل في يتكن ريبورت “يتبنون موقفا أكثر تشددا في العداء لإسرائيل، وهذا ما يجعلهم يتمتعون بشعبية كبيرة بين الإسلاميين”.

وقد تعتمد فرصة أردوغان في استعادة إسطنبول أيضا على الناخبين الأكراد. ووفقا لاستطلاعات الرأي، فمن المتوقع أن ينحي الكثير من الأكراد الانتماءات الحزبية جانبا لصالح دعم إمام أوغلوا.

وبالنسبة للناخبين الآخرين، تمنح الانتخابات المحلية فرصة لإبداء الرأي في الأداء الاقتصادي للحكومة.

ويعاني الأتراك من ارتفاع الأسعار منذ سنوات، إذ لا يزال معدل التضخم السنوي يقترب من 70 بالمئة على الرغم من التحول الكبير في السياسة الاقتصادية بعد انتخابات العام الماضي ورفع سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 4150 نقطة أساس إلى 50 بالمئة.

وفي حين أن الاقتصاد سيكون أحد العوامل الحاسمة في قرارات الناخبين في جميع أنحاء البلاد، سينصب الاهتمام على إسطنبول والرسالة التي تقدمها بشأن الطريق الذي تسلكه تركيا.

وقال محمد علي كولات رئيس وحدة الأبحاث في (إم.إيه.كيه) “إذا خسر هذه الانتخابات، فإن أسطورة أكرم إمام أوغلو ستكون في ورطة كبيرة”. لكن فوزه سيغير الصورة.

وتابع “سيصبح إمام أوغلو لاعبا مهما في السياسة التركية على مدى السنوات العشرين المقبلة ومن المرجح جدا أن يكون مرشحا في الانتخابات الرئاسية التالية”.

وهذا الاستحقاق الانتخابي الأخير للرئيس أردوغان الذي تنتهي ولايته الرئاسية عام 2028، لكن معارضيه يقولون إنه يتطلع إلى انتصار انتخابي يعزز قدرته على إجراء تعديل دستوري قد يفتح له الباب أمام الترشح لولاية رئاسية جديدة.

ولا يملك أردوغان عددًا كافيًا من المقاعد في البرلمان لإجراء التعديل الدستوري، لكن فرضية فوز حزبه في الانتخابات المحلية قد تغير المعطيات وتستقطب بعض الجهات المعارضة للانضمام إلى رؤيته الداعية إلى إجراء التعديل، وفق ما يقول محللون.

وفي الجهة المقابلة فإن من شأن فوز حزب الشعب الجمهوري، أكبر قوى المعارضة، في هذه الانتخابات ولا سيما في المدن الكبرى، أن يسمح له بطرح نفسه بديلا لحزب أردوغان الحاكم، أما خسارته فقد تعني نهاية حلم أكرم إمام أوغلو في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بحسب متابعين.

ولهذه الاعتبارات والحسابات ستكون المعركة على أشدّها في إسطنبول وأنقرة والمدن الكبرى الأكثر أهمية، وسيكون لهذا الاستحقاق الانتخابي المحلي تداعياته وأثره على التوازنات السياسية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة.

    المصدر :
  • رويترز