الأحد 26 شوال 1445 ﻫ - 5 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

عام على الحرب في السودان.. لماذا تظل مستعرة؟

يبلغ اليوم عاما على اندلاع الصراع في السودان، حيث باتت الفوضى تسيطر على أنحاء البلاد مع اندلاع موجات عنف عرقي في دارفور وتفاقم الأزمة الإنسانية مع ارتفاع أعداد المشردين والمعاناة من الجوع.

* ما الذي فجر العنف؟

اعتمل التوتر على مدار شهور قبل اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في العاصمة الخرطوم يوم 15 أبريل نيسان 2023.

وجمعت الطرفين شراكة هشة بعدما أطاحا معا بحكومة مدنية في انقلاب أكتوبر تشرين الأول 2021، وهي خطوة أخرجت عملية انتقالية من الحكم الاستبدادي عن مسارها بعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير في انتفاضة شعبية عام 2019.

وظهر التناحر بين الطرفين علنا بسبب خطة مدعومة دوليا كان من شأنها أن تطلق عملية انتقالية جديدة مع القوى المدنية. وكان من المقرر الانتهاء منها قبل اندلاع الحرب مباشرة.

وبموجب هذه الخطة سيتنازل كل من الجيش وقوات الدعم السريع عن السلطة. وظهرت مسألتان شائكتان، الأولى هي الجدول الزمني لدمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة النظامية، والثانية هي تسلسل القيادة بين الجيش وقادة قوات الدعم السريع ومسألة الرقابة المدنية.

وهناك منافسة أيضا بين الطرفين المتحاربين على المصالح التجارية المترامية الأطراف التي تتجاوز حدود السودان.

* من هما اللاعبان الأساسيان على الأرض؟

الطرفان الرئيسيان في الصراع على السلطة هما الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الحاكم منذ عام 2019، ونائبه السابق في المجلس قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.

ولم يكن مكان الرجلين معروفا في كثير من الأحيان في المراحل المبكرة من الصراع عندما اجتاح القتال العاصمة الخرطوم. وفي وقت لاحق بدأ البرهان يظهر علنا في الوقت الذي أسس فيه الجيش والوزارات الحكومية المتحالفة معه وجودا في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر.

وسافر كل من البرهان وحميدتي خارج البلاد لحشد الدعم.

حميدتي، الذي حقق ثروته من تعدين الذهب ومشروعات أخرى، هو زعيم بلا منازع لقوات الدعم السريع. ويلعب أفراد من عائلته وعشيرته أدوارا قيادية وقاعدة الدعم لقواته هي منطقة دارفور غرب السودان حيث خرجت قوات الدعم السريع من رحم ميليشيات قاتلت إلى جانب القوات الحكومية لسحق تمرد في حرب وحشية تصاعدت بعد عام 2003.

كما سعى حميدتي إلى استمالة بعض السياسيين المدنيين الذين شاركوا في خطط التحول الديمقراطي قبل الحرب.

وفي المقابل، يقول محللون إن بقاء البرهان على رأس الجيش أقل ضمانا إذ اكتسب موالون للبشير من ذوي الميول الإسلامية وعسكريون من ذوي الأقدمية نفوذا منذ انقلاب عام 2021.

وقالت قوات الدعم السريع مرارا إنها تقاتل لتخليص السودان من فلول نظام البشير، بينما يقول الجيش إنه يحاول حماية الدولة من متمردين “مجرمين”.

ويقول شهود إن قوات الدعم السريع وحلفاءها ارتكبوا انتهاكات على نطاق واسع بما في ذلك عمليات قتل بدوافع عرقية وعنف جنسي ونهب. واتهم سكان الجيش بقتل مدنيين في قصف عشوائي وضربات جوية. وينفي الجانبان عادة الاتهامات الموجهة إليهما.

* من له الغلبة؟

رغم تفوق الجيش السوداني في العتاد والعدة بما في ذلك القوة الجوية وما يقدر بنحو 300 ألف جندي، نمت قوات الدعم السريع في السنوات القليلة الماضية لتصبح قوة مجهزة تجهيزا جيدا تضم حوالي 100 ألف فرد منتشرين في أنحاء البلاد.

وفي الأيام الأولى من الحرب، رسخت وحدات من قوات الدعم السريع وجودها بأحياء في أنحاء العاصمة. ومع نهاية 2023 حققت قوات الدعم السريع سلسلة من المكاسب السريعة لإحكام قبضتها على دارفور والسيطرة على ولاية الجزيرة جنوبي الخرطوم وهي منطقة زراعية رئيسية.

لكن الجيش استعاد مؤخرا بعض السيطرة وحقق أهم تقدم حتى الآن في أم درمان، إحدى المدن الثلاث التي تشكل منطقة العاصمة الكبرى.

* ماذا على المحك؟

أحيت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالبشير الآمال في أن يتمكن السودان وسكانه البالغ عددهم نحو 49 مليون نسمة من التخلص من استبداد وتناحر داخلي وعزلة اقتصادية دامت عقودا من الزمن.

لكن الحرب الدائرة منذ عام الآن ألحقت أضرارا جسيمة بالبنية التحتية وأجبرت أكثر من 8.5 مليون على الفرار من منازلهم ودفعت بنحو خمسة ملايين إلى شفا المجاعة.

وتعرضت منازل ومكاتب ومستودعات وبنوك للنهب على نطاق واسع، وتوقفت مستشفيات عن العمل وتعطلت التجارة والزراعة. وقُتل آلاف المدنيين، رغم أن تقديرات أعداد القتلى غير مؤكدة إلى حد كبير، كما اتُهم الجانبان بارتكاب جرائم حرب.

وتقول وكالات الإغاثة إن القتال والنهب والعقبات البيروقراطية أعاقت بشدة عمليات توصيل المساعدات.

وأدى احتدام الخصومة السياسية والعرقية داخل السودان إلى مخاوف من احتمال تفكك البلاد، ثالث أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة، مما يزعزع استقرار منطقة مضطربة تتاخم منطقة الساحل والبحر الأحمر والقرن الأفريقي.

وفر مئات الآلاف إلى مصر وتشاد ودولة جنوب السودان مع عبور أعداد أقل إلى إثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى.

ويستخدم الجانبان الذهب، أهم موارد السودان وأكثرها تهريبا، لدعم جهودهما الحربية.

* ما هو دور الدول الأخرى؟

تحول الصراع إلى منافسة على النفوذ في السودان والمنطقة المحيطة به بين القوى الإقليمية والعالمية، ومن بينها الإمارات والسعودية ومصر وإثيوبيا وإيران وروسيا.

وسبق لدول الخليج أن سعت إلى الاستثمار في قطاعات مثل الموانئ والزراعة التي يتمتع السودان فيها بإمكانات هائلة. وتسعى روسيا لبناء قاعدة بحرية على ساحل السودان على البحر الأحمر.

ووفقا لتقارير خبراء من الأمم المتحدة، قدمت الإمارات أسلحة لقوات الدعم السريع بينما تقول مصادر إن إيران قدمت دعما عسكريا للجيش.

كما ترتبط مصر بعلاقات وثيقة مع البرهان والجيش وشجعت قبل اندلاع الصراع مسارا موازيا للمفاوضات السياسية من خلال القوى التي لها صلات أقوى بالجيش ونظام البشير.

ودعمت القوى الغربية، ومنها الولايات المتحدة، عملية انتقالية تهدف لإجراء انتخابات ديمقراطية بعد الإطاحة بالبشير. وتقلص الاهتمام الدبلوماسي بالسودان بسبب حربي أوكرانيا وغزة.

* ما هي مساعي إنهاء الحرب؟

دعت السعودية والولايات المتحدة العام الماضي وفودا من الطرفين إلى جدة لإجراء محادثات، لكن الاتفاقات على وقف إطلاق النار انتُهكت مرارا، مما أدى إلى تعثر العملية.

وتم إطلاق مبادرات أخرى من قبل الهيئة الحكومة للتنمية في شرق أفريقيا (إيجاد) ومصر، مما أثار القلق من تداخل وتنافس الجهود الدبلوماسية.

واستمر القتال في الأسابيع الماضية رغم دعوات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة والأمين العام لوقف إطلاق النار في شهر رمضان.

ويضغط المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، الذي عين حديثا، من أجل استئناف المحادثات هذا الشهر في جدة.

وتستضيف باريس مؤتمرا للمانحين في 15 أبريل نيسان في محاولة لجمع تمويل للمساعدات وزيادة وصول العاملين في المجال الإنساني.

    المصدر :
  • رويترز