الأثنين 27 شوال 1445 ﻫ - 6 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لحظات هروب مرعبة.. أطفال أوكرانيا يواجهون المجهول بعيدا عن آبائهم

اقتلع الغزو الروسي الأمان والسعادة من حياة أطفال أوكرانيا الذين أجبروا على الفرار إلى الغرب الآمن نسبيا، على وقع القصف المتواصل.

بحسب ما قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن مجموعة من الأطفال باتوا مشردين في غرب البلاد بلا والديهم الذين بقوا مدنهم الشرقية لعدم قدرتهم على ترك وظائف مهمة في القطاعين العسكري والطبي.

وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء الأطفال الصغار واجهوا لحظات هروب محفوفة بالمخاطر أثناء فرارهم من مسقط رأسهم إلى الجانب الآخر من البلاد وسط القصف الروسي المستمر على مدنهم.

وقالت كاميلا، 14 سنة، “كنت قلقة للغاية لأننا كنا نغادر بدون والدينا”، مضيفة أنها عندما استقلت القطار بمفردها، “كان الأمر مروعًا بالنسبة لي”.

وتعيش مجموعة من الأطفال مع ستة معلمين في مدرسة “مريا” أو كما تعرف بـ “دريم” بمدينة لفيف الغربية والتي تحولت من مدرسة إلى ملجأ لاحتضان الأطفال الذين نزحوا بمفردهم غالبا.

وقالت آنا بالوفا، 14 عامًا، “نجاتنا كان معجزة. أريد فقط أن تنتهي هذه الحرب وأن أعود إلى والدي”. واضطر معظم أطفال أوكرانيا حتى الثلثين وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، إلى مغادرة منازلهم في مرحلة ما منذ الغزو الروسي.

وغادر الكثيرون مع أمهاتهم لكن البعض مثل هؤلاء الأطفال في مدرسة “دريم”، لم يتمكنوا من ذلك، حيث كونوا مجتمعًا جديدًا مع بعضهم البعض بعد وضعهم في رعاية معلميهم وإرسالهم على بعد أكثر من ألف كيلومترا غربا إلى لفيف.

ويعرف هؤلاء الأطفال مخاطر الحرب على اعتبار أنهم تعرضوا لنفس المأساة عندما اجتاحت روسيا شرق أوكرانيا خلال عام 2014 واستولت على شبه جزيرة القرم آنذاك.

وتعد مدينتهم، توريتسك، على بعد نحو 9 كيلومترات فقط من خط المواجهة بين الجزء الذي يسيطر عليه الانفصاليون من منطقة دونيتسك والمنطقة التي تسيطر عليها القوات الأوكرانية.

واستولى الانفصاليون المدعومون من روسيا على المدينة عام 2014 قبل أن تستعيد القوات الأوكرانية المدينة في وقت لاحق من ذلك العام.

وجد تقرير لليونيسف عام 2017 أن غالبية ضحايا الأطفال في المنطقة كانوا بسبب الألغام والمتفجرات الأخرى التي خلفها المقاتلون أثناء ذهابهم للمدارس. لكن في الأشهر الأخيرة، تعرضت مدينة توريتسك باستمرار للقصف من قبل القوات الروسية وتدهورت الظروف المعيشية فيها.

“من بين أكثر الفئات ضعفا”

نظمت إدارة التعليم حافلات لإجلاء الطلاب من المدينة إلى مناطق آمنة نسبيا، حيث انتهى المطاف بالبعض في لفيف مثل هذه المجموعة المتواجدة في مدرسة “دريم”.

وجاء أكثر من 75 ألف طفل أوكراني إلى لفيف من أماكن أخرى في البلاد منذ بداية الحرب، وفقا للحكومة الإقليمية.

كانت كاميلا في الصف الأول عندما بدأ الصراع في الشرق عام 2014 وقالت إنها اعتادت على أصوات إطلاق النار والقصف المتقطع. ولكن مع تحول الاشتباكات المتفرقة إلى هجوم مستمر، ساء الوضع غير المستقر بالفعل، حيث انقطعت الكهرباء ثم الماء.

وكان والدا كاميلا غير قادرين على المغادرة بسبب شغلهما وظائف رئيسية، مما أدى إلى خروجها من المدينة بمفردها. عندما نظرت إلى هاتفها في منتصف الرحلة، رأت أن محطة القطار ذاتها التي كانت تقف فيها في اليوم السابق قد تعرضت للقصف.

وقصفت القوات الروسية المحطة في كراماتورسك يوم 8 أبريل، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 50 شخصًا كانوا يحاولون الفرار بالقطارات للتوجه غربًا. كان من المقرر أن يغادر الأطفال في ذلك الوقت، لكن موعد مغادرتهم تغير في اللحظة الأخيرة وقدم لمدة يوم واحد.

قال أوليه تشيركاشينكو، 28 عاما، وهو أحد المعلمين الذين يعتنون بالأطفال في المدرسة، “كان الأمر مخيفاً للغاية”. وأضاف أن “الأطفال يفهمون أنهم يعيشون في حالة حرب منذ ثماني سنوات. إنهم يعرفون ما هي الخسارة وما هو الموت”.

وانتقل للمدرسة في فبراير، نازاري بيتريف، الذي يعمل بقسم السياسة الإنسانية في حكومة لفيف وهو مسؤول عن تنسيق البرمجة في المدرسة التي تحضن الأطفال.

وقال إن المعلمين والموظفين كانوا يبذلون قصارى جهدهم لتقديم الدعم والرعاية للأطفال ذوي الاحتياجات المعقدة: تتراوح أعمارهم بين الأطفال الصغار والمراهقين، وهم بعيدون عن المنزل وشهدوا أسوأ الحروب. وأضاف: “لقد واجهوا الكثير من المعاناة في حياتهم”.

ويحتاج الأطفال إلى الطعام والإمدادات والملابس، لكن احتياجاتهم ليست مادية فقط. وبدعم من اليونيسف، تمكنت المدرسة من إحضار اثنين من علماء النفس المحليين لمساعدة الأطفال على البدء في التعامل مع تداعيات العقلية والعاطفية التي تسببها الحرب.

وقال جو إنغلش، أخصائي الاتصالات من اليونيسف الذي قضى بعض الوقت في أوكرانيا خلال وقت سابق هذا العام، إن الأطفال غير المصحوبين بذويهم “هم من بين أكثر الفئات ضعفا”.

وتابع: “إن التأثير النفسي الاجتماعي للحرب على الأطفال مذهل، وغالبًا ما يكون الآباء ومقدمو الرعاية هم أول المستجيبين من حيث تحديد معاناة الأطفال والاستجابة لها”.

    المصدر :
  • الحرة