الجمعة 17 شوال 1445 ﻫ - 26 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

مخيمات اللاجئين بسوريا... قنبلة تنذر بظهور جيل داعشي جديد

تعيش مخيمات اللاجئين الأوروبيين في سوريا أوضاعا مأساوية وظروف معيشية غير إنسانية ، الأمر الذي يجعلها تمثل أرضا خصبة لإخراج جيل جديد من الإرهابيين التابعين لتنظيم داعش الإرهابي، حسب تقرير لصحيفة ”التايمز“ البريطانية.

وأضافت الصحيفة في تقرير نشرته، اليوم الخميس: إن ”المطلقات واليتامى الممنوعين من العودة إلى بلادهم ويقيمون حاليا في معسكرات للاجئين في سوريا، لا يتعلمون شيئا سوى القذارة والمرض والحرمان والعنف“.
مناخ ملائم للإرهاب .

وتابعت الصحيفة: ”في هذا المناخ، ينتشر العنف نتيجة العديد من العوامل، والتي يأتي على رأسها غياب التعليم، وانتشار عصابات الأطفال التي تتقاتل أو تقذف الحرس بالحجارة. أما الفتيان الأكبر سنا، والذين تعرضوا لغرس الحقد في قلوبهم من خلال التعليم الذي تلقوه في مدارس داعش خلال فترة الخلافة، فإنهم عادة ما يهاجمون الأصغر سنا، وعادة ما تكون تلك الهجمات تتسم بالعنف أو الاعتداء الجنسي“.

وأوضحت: ”المدارس نادرة، والصدمة النفسية منتشرة، ولا توجد برامج لمحاربة التطرف، ويشعر كثيرون بأنهم أصبحوا منبوذين، ومعظمهم يتمنون أنهم لو لم يسافروا إلى سوريا من الأساس“.
ونقلت الصحيفة عن طفل فرنسي يبلغ من العمر 13 عاما، قوله: ”لم أطلب أن أكون هنا، ولا أريد البقاء في هذا المكان، أريد العودة إلى منزلي في باريس، من أجل رؤية جدتي ولعب كرة القدم، ولكن دولنا لن تسمح لنا بالعودة“.

انتقادات واسعة دون نتيجة

وأردفت الصحيفة أن ”قادة بارزين في التحالف الدولي الذي يحارب داعش، ومسؤولين في وزارة العدل الأمريكية، والسلطات الكردية التي تدير المعسكرات، وجماعات حقوق الإنسان، حثّوا جميعا بريطانيا وأوروبا لإعادة النساء والأطفال إلى بلادهم، وحذروا من أن استمرار وجودهم في تلك المعسكرات يمثل مصدرا لتمكين داعش، بدلا من احتواء خطر التنظيم الإرهابي“.
وأشارت إلى أن جنرالات أمريكيين بارزين من بين أشد المنتقدين لتلك الأوضاع.
وقال الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأمريكية، والمشرف على العمليات في الشرق الأوسط: ”حتى يجد المجتمع الدولي حلا لإعادة توطين هؤلاء ودمجهم في المجتمعات، وتعزيز برامج المصالحة المحلية، فإننا نضع أنفسنا أمام مشكلة استراتيجية سوف تواجهنا بعد 10 سنوات، عندما يصل هؤلاء إلى سن الشباب وهم متطرفون، وإذا لم نعالج تلك المشكلة الآن فإننا لن نهزم داعش أبدا“.

واستطردت الصحيفة: ”هناك أكثر من 13500 سيدة وطفل ينحدرون لعائلات تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، ومن بينهم ألف أوروبي محتجزون الآن لدى قوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة إلى مواطنين سوريين وعراقيين في معسكرين رئيسيين شمال سوريا، وهما مخيم (الهول) و(روج)، وذلك منذ هزيمة داعش في باغوز في مارس العام الماضي، كما أن هناك أكثر من 8 آلاف طفل، معظمهم دون الخمس سنوات“.
وقالت: إن ”مخيم الهول الذي يستضيف 65 ألف شخص، ومن بينهم سوريون وعراقيون، شهد وفاة 371 طفلا العام الماضي، بالإضافة إلى وفاة 80 طفلا آخرين في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، وذلك قبل بداية الشتاء“.

داعش يستغل الظروف في محاولة للعودة

وأكدت ”التايمز“ في تقريرها المطول، أن تنظيم داعش استغل الظروف المأساوية التي يعيش فيها النساء والأطفال في معسكرات اللاجئين في سوريا، خاصة في مخيمي الهول والروج، عبر جعل هذين المخيمين محورا رئيسيا في حملته الدعائية الجديدة التي يستهدف من خلالها تجنيد عناصر جديدة، والبحث عن مصادر تمويل، على أمل أن يبني قاعدة مستقبلية تتمثل في الجيل المنبوذ من جانب دولهم الأصلية.

ونقلت عن مولي إلينيبرغ، الزميل الباحث في المركز الدولي لدراسة العنف المتطرف، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، قوله: ”يصور تنظيم داعش تلك المعسكرات في سوريا على أنها خاضعة لسيطرة الطغاة، الذين يعاملون النساء والأطفال كالأسرى، وهذه هي الفكرة التي تقوم عليها دعايتهم دائما، حيث يتعرضون للأسر والقمع ويحتاجون لمن ينقذهم. وتحظى منشورات داعش بردود فعل واسعة في هذا الصدد“.
ووصفت الأمم المتحدة الظروف في المخيمات، بأنها ”غير إنسانية“، وصدرت تقارير شديدة اللهجة من جانب منظمات حقوقية ومجلس الأمن، تدعو إلى الإعادة الفورية للنساء والأطفال الأجانب المحتجزين هناك.

غوانتانامو على الطريقة الأوروبية

واتهم التقرير الحكومة البريطانية ودولا أوروبية أخرى بإنشاء ”غوانتانامو الأوروبي“ في معسكرين للاعتقال، حيث يتم احتجاز النساء والأطفال البريطانيين المتهمين بدعم داعش دون تهمة أو محاكمة.
وأكد التقرير الدولي أن الأطفال الأوروبيين المحتجزين في معسكري الهول والروج أكثر عددا من إجمالي عدد البالغين في معتقل ”غوانتانامو“ في ذروته، ومعظمهم تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وليست لديهم حقوق قانونية، ويتحملون ظروفا مروعة.
وقالت ياسمين أحمد، المدير التنفيذي لمنظمة الحقوق والأمن الدولية: ”هذا غوانتانامو أوروبا، ولكن للأطفال، إنه يعزز الاعتقاد بأن بريطانيا التي أدانت صراحة الانتهاكات في غوانتانامو تتابع الموقف الآن وتترك الأطفال كي يموتوا“.

ورأت الصحيفة أنه في ظل غياب أي عملية لمحاربة التطرف، وعدم معرفة أي شيء عن العالم سوى القذارة والمرض والحرمان والعنف، فإن مستقبل الأطفال البريطانيين والأوروبيين مع أمهاتهم في المعسكرات يشير إلى اتجاه واحد فقط: ”علف اليوم لمتطرفي الغد“.
وفيما يتعلق بالبريطانيين المتواجدين في معسكرات اللاجئين السورية، قالت الصحيفة: إن ”الأرقام التي جمعتها من خلال التعاون مع المنظمات الخيرية والمحامين والسجلات الحكومية ومسؤولي المعسكرات، تشير إلى وجود 35 طفلا بريطانيا، و15 سيدة، في معسكري الهول والروج، بالإضافة إلى 9 رجال مسجونين في الحسكة“.
ومع ذلك، فإن بريطانيا تؤكد سياستها تجاه مواطنيها في معسكرات اللاجئين السورية، والتي تقوم على سحب الجنسية، ورفض إعادة هؤلاء الأفراد إلى الوطن كجزء من نهج وقائي يقوم على ”عدم التسامح“ مع الإرهاب، وهو موقف يجسده رفض الحكومة لعودة شميمة بيغوم، وهي من سكان لندن، وتبلغ من العمر 21 عاما، وكانت قضيتها موضوع جلسة في المحكمة العليا البريطانية هذا الأسبوع.

تهديد مستقبلي هائل

وقالت الصحيفة، إن الوضع على الأرض الآن يثبت أن السياسة البريطانية والأوروبية تؤدي إلى تقويض الأمن القومي بدلا من تحسينه، كما أن سياسة إقامة معسكرات الاعتقال في الخارج لسجن النساء والأطفال أصبحت حيوية لإعادة إحياء داعش، وتوفر أساسا لروايات الظلم التي يستغلها التنظيم كمحور رئيسي في تأسيس الجماعات الإرهابية منذ إنشاء معسكر غوانتانامو الأمريكي في عام 2002.
ونقلت الصحيفة عن عبدالكريم عمر، رئيس العلاقات الخارجية في الإدارة الكردية المشرفة على معسكري الهول والروج، قوله: ”لم يعد لدينا ما يكفي من الموارد لللسيطرة على ما يحدث في معسكر الهول، لقد ارتكبت السلطات الأوروبية خطأ جسيما بترك النساء والأطفال التابعين لهم هنا“.
وأكد المسؤول الكردي، أن هؤلاء الأطفال ضحايا لم يرتكبوا أي خطأ، لكنهم الآن يتعرضون لليأس ويتعلمون فقط الانتقام والظلم والكراهية. واحتجازهم هنا في هذه الظروف لا يعني أنهم لن يعودوا ليكونوا تهديدا لأوروبا في المستقبل؛ لأنهم سوف يعودون ذات يوم، وهم غاضبون ومتطرفون أكثر مما هم عليه الآن“.