الثلاثاء 6 ذو القعدة 1445 ﻫ - 14 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

مفاوضات فيينا "تسير في طريقين".. إيران تراوغ وتمضي في خططها بالبرنامج النووي

لم تثمر مفاوضات إحياء الاتفاق النووي مع إيران أي نتائج إيجابية لغاية اللحظة، لعدة أسباب أبرزها أسلوب المرواغة والمماطلة الذي تتبعه طهران.

وفي الوقت الذي تتفاوض إيران على عودتها للاتفاق النووي لعام 2015، إلا أنها وضعت آلية جديدة لتسريع وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، رغم أن النسبة المحددة في الاتفاق الدولي لا تتجاوز 4 في المئة، وفق ما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأعربت الأوروبيون الجمعة عن “خيبة أملهم وقلقهم” بعد أيام قليلة من استئناف المفاوضات في فيينا بشأن البرنامج النووي الإيراني، بحسب دبلوماسيين من فرنسا وألمانيا وبريطانيا.

وأكد متحدث باسم الخارجية الأميركية، الجمعة، أن الإدارة الإيرانية الجديدة لم تأت إلى فيينا بمقترحات بناءة، وأن “مقاربة إيران هذا الأسبوع لم تحاول حل القضايا المتبقية”.

فما الذي تريده إيران من مفاوضات الاتفاق النووي؟ هل هي جادة في التفاوض لإعادة إحياء الاتفاق النووي؟

المحلل السياسي الإيراني، حسين روريان، قال في رده على استفسارات “الحرة” إن “إيران بالتأكيد تريد إحياء الاتفاق النووي، خاصة في ظل ما تعانيه من عقوبات اقتصادية، ولهذا فهي تريد تطبيق الاتفاق النووي لعام 2015 ورفع العقوبات الدولية”.

وأضاف “أنه لا حاجة للتشكيك بنية طهران في تطبيق الاتفاق النووي أو في جديتها بالمفاوضات والمباحثات التي تجري مع الدول الغربية”.

ويرى روريان أن إيران تريد أن تصل في أسرع وقت للاتفاق النووي وخاصة أنها تطالب “برفع لجميع العقوبات مرة واحدة، وليس تطبيقها على مراحل”.

وأوضح أن “كل ما تريده إيران من المفاوضات العودة لتطبيق الاتفاق النووي ورفع العقوبات، ولكنها ترى معضلتين تلوحان في الأفق، أولها أن الولايات المتحدة لا تريد رفعا كاملا للعقوبات، وثانيها أن الولايات المتحدة لا تريد أن تعطي أي ضمانة لاستمرارية الاتفاق”.

من المفاوضات التي جرت في فيينا

من المفاوضات التي جرت في فيينا

وأشار إلى أنه في 2015 عندما وقعت إيران الاتفاق قامت بعد ذلك بأخذ الموافقة عليه في البرلمان، ولكن عندما طلب من الولايات المتحدة أخذه للكونغرس للموافقة عليه، تم تحويله إلى مجلس الأمن لتحويله لقرار دولي يفترض أنه يلزم جميع الأطراف الدولية.

وزاد روريان أن إيران لا تريد تكرار سيناريو تطبيق الاتفاق من طرف واحد ومن ثم انسحاب أطراف ثانية مثلما حصل مع اتفاق 2015 الذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.

المماطلة تحت غطاء المباحثات

مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الإستراتيجية، حسن راضي، قال لموقع “الحرة” إن ” إيران لا تريد إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، خاصة وأن من يتحكمون في البلاد هم التيار المحافظ المتشدد الرافضين للاتفاق”.

وأضاف أن إيران تقول إنها تريد الالتزام بالاتفاق، ولكنها على أرض الواقع تنتهكه وتمضي في خططها بالبرنامج النووي”.

وأوضح راضي، أن إيران “تريد رفع جميع العقوبات، فيما تقوم بالمماطلة من خلال المفاوضات للوصول إلى القدرات النووية تحت غطاء المباحثات”.

ويؤكد أن طهران تستغل عدم وجود سقف زمني للمفاوضات، بتعطيل عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك لكسب الوقت لتحقيق أهدافها الحقيقية بتعزيز قدراتها النووية.

ويتوقع راضي أن تستمر المفاوضات في الفشل حيث ترفع إيران من سقف مطالبها مع عدم تحقيق أي التزام حقيقي بالملف النووي.

“لا رغبة في إنجاح المفاوضات”

المحلل السياسي، عامر السبايلة، أوضح في حديث لموقع “الحرة” أن ” طبيعة التعاطي الإيراني مع المفاوضات الحالية تكشف أنها لا تريد العودة للاتفاق النووي لعام 2015 كما هو، وتريد تغيير معادلة العقوبات مقابل الالتزام”.

وأضاف أن العودة للاتفاق بعدما وصلت إليه في برنامجها النووي قد يكون غير مجديا، إلا بإزالة كل العقوبات بشكل مباشر وتقديم مزايا إضافية لها.

وأكد السبايلة أن إيران ما تزال تستغل عامل الوقت لصالحها حيث تحقق قفزات نوعية في برنامجها النووي بهدف خدمة موقفها التفاوضي، خاصة إذا ما شعر المجتمع الدولي أنها ستصل إلى مرحلة متقدمة تؤهلها للحصول على السلاح النووي الذي تسعى إليه.

ولهذا فإن طهران تريد إيصال رسالة مفادها “أن من يخسر اليوم هم الذين يرفضون إملاءات إيران”، ولذلك فهي لا ترغب في إنجاح المفاوضات على الأقل خلال المرحلة الحالية.

ويرى السبايلة أن المشهد الداخلي الإيراني لا يعكس جدية في المفاوضات مع الدول الغربية، خاصة وأن من يتحكمون في النظام هم من المحافظين الأكثر تشددا من الفريق الذي كان موجودا في 2015.

إبراهيم رئيسي

إبراهيم رئيسي

وتوقع أن تبقي طهران على استخدام أدواتها في تأزيم حالة عدم الاستقرار في المنطقة أكان باستهداف منطقة الخليج أو من خلال تحركاتها في الشرق الأوسط، حيث تريد التأكيد على أنها لاعب أساسي في المنطقة، وأن تحصل بالمقابل على مكتسبات من هذا الأمر.

وأشار إلى أن من يتحكمون في اللعبة في طهران يرون بعدم جدوى العودة إلى اتفاق كان قد وصل إليه خصمهم السياسي مع القوى الغربية ولم يحقق المرجو منه.

الرغبة الدولية والعقوبات

المحلل السياسي، علي رجب، قال في حديث لموقع “الحرة” إن “إيران تراهن على الرغبة الدولية في التوصل إلى اتفاق نووي، مع تلويح طهران بمعدلات تخصيب اليورانيوم، وتأزيم الاستقرار الاقليمي في العراق وسوريا واليمن والملاحة الدولية في الخليج”.

وأضاف أن طهران لا ترغب “بتقديم المزيد من التنازلات في الملفات الداخلية كبرنامج الصواريخ والطائرات المسيرة، وأيضا ملف الميليشيات الموالية لطهران في الشرق الأوسط”.

وأشار رجب إلى أن إيران ترى أن “عملية الاتفاق ممكنة وفقا لوجهة نظرها”، ولكن إذا لم تسير المفاوضات بالشكل الذي تراه طهران ، فهي لن تخسر شيئا لأنها ستواصل تخصيب اليورانيوم وسيكون لديها أسبابها ومرجعيتها لاستمرار البرنامج النووي، وهو ما سيعني اقترابها من حيازة سلاح نووي.

ويؤكد أن ما تريده طهران من مفاوضات الاتفاق النووي تهدف بدرجة أولى إلى رفع العقوبات الدولية، والإفراج عن الأموال المجمدة لتسعف اقتصادها المتدهور وأيضا إنقاذ قطاع النفط في ظل تدهور البنية التحتية وتوقف الاستثمارات الدولية، بعد انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق.

كما تسعى إيران إلى رفع العقوبات الدولية عن مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي وعائلته، وخاصة نجله مجتبى خامنئي الذي يعرف بمرشد الظل في طهران، وأيضا على الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وأيضا رفع العقوبات على قادة الحرس الثوري.

وحول جدية إيران لإعادة إحياء الاتفاق النووي يوضح رجب أن “إيران تدخل المفاوضات بطريقين متوازيين، الأول التوصل لاتفاق وفقا للحد الأدنى من التنازلات وعدم وجود تنازلات كبيرة من قبل النظام الإيراني في الاتفاق الجديد، والحصول على ضمانات أميركية بعدم الانسحاب من الاتفاق مرة أخرى، والطريق الثاني بالاستمرار في عملية تخصيب اليورانيوم والاقتراب من امتلاك سلاح نووي، بما يضمن لطهران الوصول لقوة الردع التي تريدها في مواجهة أعدائها بالأقليم وأيضا الولايات المتحدة”.

وذكر أنه “إذا كانت عملية التفاوض تتسم بالغموض والضبابية، فإن عملية التوصل إلى الاتفاق لن تكون سهلة وقد تأتي بعد ضمانات تحصل عليها طهران من قبل الدول الكبرى، وأن ذلك يتوقف على ما ستقدمه الولايات المتحدة لإيران، وهل عملية التلويح بالخيار العسكري من قبل واشنطن في حالة فشل الاتفاق سوف تنجح في إيصال طهران إلى الاتفاق أم لا”.

تراجع عن التسويات

وقال دبلوماسيون كبار من فرنسا والمانيا وبريطانيا إن “طهران تتراجع عن كل التسويات التي تم التوصل إليها بصعوبة” خلال الجولة الأولى من المفاوضات بين أبريل ويونيو منددين بـ”خطوة الى الوراء”، وفق تقرير نشرته وكالة فرانس برس.

بدورها، انتقدت الولايات المتحدة الجمعة السلطات الإيرانية، معتبرة أنها لم تقدم “اقتراحات بناءة” خلال المفاوضات حول الملف النووي الإيراني في فيينا.

وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين ساكي إن “الحكومة الايرانية الجديدة لم تأت إلى فيينا حاملة اقتراحات بناءة”.

وأضافت “لا نزال نأمل بمقاربة دبلوماسية، إنها دائما الخيار الافضل”، لكنها تداركت أن “مقاربة ايران هذا الاسبوع لم تتمثل، ويا للأسف، في محاولة معالجة المشاكل العالقة”.

وتعود الوفود في نهاية هذا الأسبوع إلى عواصمها وستستأنف المفاوضات في منتصف الأسبوع المقبل “لمعرفة ما إذا كانت هذه الخلافات يمكن التغلب عليها أم لا”. وأضاف الدبلوماسيون الأوروبيون “ليس من الواضح كيف سيكون ممكنا سد هذه الفجوة في إطار زمني واقعي على أساس المشروع الإيراني”.

ورغم هذه التصريحات القاسية، قال هؤلاء إنهم “منخرطون بشكل كامل في البحث عن حل دبلوماسي” مشددين على أن “الوقت ينفد”.

والخميس أعلن كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري أنه قدم اقتراحين، “أحدهما حول رفع العقوبات” والآخر يتعلق “بالأنشطة النووية”.

وتابع “الآن يتعين على الجانب الآخر فحص هذه الوثائق والاستعداد للتفاوض مع إيران على أساس النصوص المقدمة”.

وقبل العودة إلى طهران، تطرق باقري إلى “الاعتراضات” التي عبر عنها الأوروبيون. وقال لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “لقد قلت لهم إن ذلك أمر طبيعي لأننا لن نقدم وثائق ومقترحات تتطابق مع وجهات نظرهم”.

وأكد مجددا “الرغبة الجدية” لدى بلاده “في التوصل إلى اتفاق”.

وفي اتصال هاتفي مع نظيره الأوروبي جوزيب بوريل، وصف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان “عملية التفاوض بأنها جيدة لكنها عموما بطيئة”، بحسب موقع الخارجية الإيرانية.

حسين أمير عبداللهيان

وقال عبداللهيان “نعتقد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق جيد، لكن ذلك يستدعي تغييرا في مقاربة بعض الأطراف الذين عليهم التخلي عن تصريحاتهم ذات الطابع التهديدي واختيار وثائق تركز على التعاون والاحترام المتبادل والنتائج”.

وقال دبلوماسي أوروبي “هذه المقترحات لا يمكن أن تشكل قاعدة للتفاوض، من غير الممكن التقدم” على هذا الأساس.

وأمام قصر كوبورغ حيث أبرم الاتفاق التاريخي، كان السفير الصيني أقل تشاؤما وأشار إلى “محادثات جوهرية”.

وقال وانغ كون للصحفيين “كل الأطراف وافقت على القيام بتوقف قصير لأخذ توجيهات. هذا أمر طبيعي وضروري، ونأمل في أن يعطي ذلك دفعا جديدا للمفاوضات”.

لكن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون اعتبر خلال زيارة إلى دبي أنه يجب “عدم استبعاد” ألا تبدأ هذه الجولة “مجددا سريعا”.

من جانب آخر دعا ماكرون إلى إطلاق “دينامية أوسع” مع دول المنطقة.