الأحد 11 ذو القعدة 1445 ﻫ - 19 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هل تشعل اشتباكات السودان الحرب في دارفور من جديد؟

يخشى سكان منطقة دارفور في السودان من أن يؤدي القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية إلى إيقاظ الصراع في المنطقة الصحراوية مترامية الأطراف التي تذوق مرار الحرب بالفعل منذ عقدين من الزمان.

واندلع الصراع في دارفور في العام 2003 حينما وقفت مجموعة من المتمردين في وجه القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات الجنجويد التي اشتهرت بامتطاء الخيل في أعمال عنف أدت لمقتل نحو 300 ألف شخص وتشريد الملايين.

ورغم اتفاقيات السلام العديدة، فإن الصراع مستمر منذ ذلك الوقت كما تصاعدت حدة العنف على مدى العامين المنصرمين.

وسرعان ما امتد العنف إلى دارفور بعدما اندلعت المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في وقت سابق هذا الشهر في الخرطوم.

وتحدث سكان ومصادر عن أعمال نهب وسلب وهجمات انتقامية عرقية واشتباكات بين الجيش والدعم السريع في مراكز تجمعات سكانية في أنحاء بالمنطقة التي تشتهر بالزراعة ويسكنها البدو وتعادل مساحة فرنسا تقريبا.

وساعدت جهود الوساطة المحلية على تهدئة الصراع في مدينتي نيالا والفاشر الرئيسيتين لكن القصف والنهب استمرا في مدينة الجنينة مما أشعر سكان دارفور بالخوف من انفجار كبير آخر للحرب.

وقال أحمد قوجة، الصحفي والناشط الحقوقي في نيالا “إذا استمر هذا وإذا قُتل قادة عسكريون ينتمون إلى قبائل ذات تأثير، فسوف تحدث فوضى وستكون هناك تعبئة قبلية”.

وتكتسب دارفور أهمية استراتيجية لطرفي الصراع المتحاربين في السودان وهما القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي.

وبنى الرجلان حياتهما المهنية في دارفور، وأدى قتالهما الأخير إلى تعريض سكان الخرطوم لغارات جوية وعمليات نهب وإحساس بعدم الأمان.

وارتقى البرهان في صفوف الجيش في أثناء القتال في دارفور.

وبدأ حميدتي حياته العسكرية قائدا لإحدى الميليشيات التي قاتلت في معارك عدة لصالح الحكومة السودانية خلال الصراع في دارفور.

وبينما يحاول الجيش الآن طرد مقاتلي قوات الدعم السريع من مواقعهم في الخرطوم، فإن القوات شبه العسكرية يمكن أن تعود إلى جذورها في دارفور في محاولة لإعادة ترتيب صفوفها والحصول على مزيد من التعزيزات.

انخراط دولي؟

يمكن أن تؤدي زيادة إراقة الدماء في دارفور إلى جذب أنظار الولايات المتحدة مرة أخرى. وأدت أعمال عنف سابقة واتهامات بحدوث إبادة جماعية إلى إطلاق حملة من أجل تحقيق السلام وانخراط واشنطن بفاعلية في المفاوضات.

وما يزيد من احتمال حدوث مشكلات هو أن دارفور تقع على حدود أربع دول، هي ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان. وتشهد الدول الأربع حالة من عدم الاستقرار بسبب نزاعات داخلية.

وبالنسبة للمدنيين، فإن الوضع ينذر بتفاقم معاناتهم.

ويعيش نحو 1.5 مليون نازح في مخيمات بدارفور. واستمرت موجات العنف لسنوات مع شن المقاتلين هجمات على المجتمعات السكنية وإحراق القرى ونهب إمدادات الإغاثة.

وقال مدير المجلس النرويجي للاجئين في السودان ويل كارتر “بغض النظر عن الطريقة التي تسير بها المعركة حاليا في الخرطوم، نتوقع صراعا أكثر دموية الآن في منطقة دارفور ومزيدا من الجماعات المسلحة والأسلحة والأعمال القتالية”.

وقالت مصادر في الجنينة قرب الحدود مع تشاد إن مسلحين يمتطون الخيول ويقودون دراجات نارية وشاحنات نهبوا مناطق في المدينة مما أدى إلى اندلاع قتال بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بوقوع اشتباكات أمس الاثنين.

لكن السكان في نيالا والفاشر أشاروا إلى تمكنهم من كبح العنف نسبيا بعد الاتفاق على نشر قوات شرطة محايدة في مراكز البلدات التي تركها المقاتلون الذين لا يزالون ينتشرون في مناطق سيطرتهم.

وقال محمد سليمان، وهو طبيب في نيالا “الحياة تعود ببطء إلى طبيعتها”.

ومع ذلك، اندلع قتال في نيالا والفاشر مما أدى إلى سقوط قتلى وعمليات نزوح ونهب ووقف لعمليات الإغاثة التي يعتمد عليها عدد كبير من السكان المحليين.

وفي الفاشر، وقعت بعض أسوأ الخسائر في أبو شوك، وهو مخيم للنازحين من القتال الذي دار حول قراهم. وقال سليمان إن الاشتباكات أدت إلى تدمير سوق المخيم وتوقف إمدادات المياه ومنع السكان من الوصول للمستشفى.

وقال قوجة إن المثير للقلق هو أن بعض المقاتلين يتعاملون مع الأشخاص بناء على جماعتهم العرقية أو قبيلتهم.

وأضاف “كنت أبحث عن دواء لشخص ما وأوقفني جنود واتهموني بأنني من قوات الدعم السريع”، مشيرا إلى أن هذه الاتهامات سببها مظهره.

ويزيد قلق السكان المحليين من احتمال أن تنتهي الحرب في دارفور رغم أنها بدأت في الخرطوم.

وقال قوجة عن الطرفين المتحاربين “إذا لم يتوصلا إلى تسوية سياسية فسوف يأتيان إلى هنا”.