السبت 25 شوال 1445 ﻫ - 4 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هل سيؤثر سقوط ماريوبول على خطة الحرب في أوكرانيا؟!

أعلنت القوات الروسية، اليوم الخمييس، على مدينة ماريوبول شرقي أوكرانيا، حيث كانت المدينة قبل الحرب الروسية، ميناء مزدهرا على البحر الأسود يعيش فيه حوالي نصف مليون نسمة.

وبعدما حاصرتها القوات الروسية منذ أول مارس/آذار، شهدت المدينة أصعب المعارك منذ بداية الحرب، حيث فرضت القوات الروسية حصارا عليها، وعزلتها بالكامل تقريبا عن العالم الخارجي، بحسب مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية.

وبعد عدة أسابيع من القصف العنيف، بما في ذلك هجمات على مستشفى للولادة ومسرح اختبأ فيه مئات المدنيين، تحصن الجيب الآخير المتبقي من القوات الأوكرانية بمصنع الصلب “آزوفستال”، وهو مجمع مترامي الأطراف يمتد لمسافة أربعة أميال مربعة.

ويقدر المسؤولون الأوكرانيون بأن حوالي 100 ألف مدني لازالوا محاصرين في المدينة، فيما حذر ديفيد بيزلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، من أن المحاصرين “يموتون جوعا”.

وأشار تحديث بشأن الحرب أصدرته السفارة الأوكرانية في واشنطن، الثلاثاء، إلى أن أكثر من ألف مدني، بينهم نساء وأطفال، لازالوا في الطابق السفلي لمصنع الصلب، والذي تعرض لقف عنيف ونيران المدفعية.

وكتب سيرهي فولين، قائد اللواء 36 مشاة البحرية الأوكراني، في خطاب مفتوح إلى البابا فرنسيس، الإثنين، نشر بصحيفة “أوكراينسكا برافدا”: “هكذا يبدو الجحيم على الأرض.”

وقال فولين: “أمامي وقت قليل لأصف كل الأهوال التي شاهدتها هنا يوميا. تعيش النساء مع الأطفال والرضع في مخابئ بالمصنع، إنهم جوعى ويشعرون بالبرد.”

انتصار دعائي

بعد سبعة أسابيع من الحرب، تقول المجلة الأمريكية “أٌجبرت روسيا بالفعل على تغيير أهدافها الحربية تماما بعدما عرقل سوء التخطيط والمقاومة الأوكرانية الشرسة جهودها الأولية للسيطرة على العاصمة الأوكرانية كييف”.

بالنظر إلى انسحاب من منطقة كييف، تركز موسكو جهودها على شرق أوكرانيا، الذي شهد تصعيدا كبيرا في الضربات الروسية خلال الأيام الأخيرة، إيذانا ببداية هجوم جديد في منطقة دونباس، وفق المصدر ذاته.

وسيطرت القوات الروسية بالفعل على مساحات كبيرة من منطقة لوهانسك وجزء كبير من الساحل الجنوبي على طول بحر آزوف.

المجلة الأمريكية تقول “سقوط ماريوبول بشكل كامل، يمنح موسكو أول انتصار كبير لها في الحرب، وإن كان مكلفا”.

ويعتقد بعض المسؤولين الغربيين أن موسكو ربما تعمل تحت ضغط فرضته على نفسها للحصول على شيء تعلن عنه من جهود الحرب بحلول التاسع من مايو/آيار، الذي تحتفل فيه روسيا بنهاية الحرب العالمية الثانية.

ويحمل ذاك التاريخ أهمية كبيرة في روسيا، حيث فقد الاتحاد السوفيتين ما يصل إلى 27 مليون شخص في الحرب.

وجرى استغلال ذكرى حرب البلاد ضد الفاشية لأهداف سياسية معاصرة خلال السنوات الأخيرة، حيث سعى الكرملين لتصوير الحرب في أوكرانيا على أنها “اجتثاث للنازية.”

انتصار تكتيكي

السيطرة الكاملة على ماريوبول انعكاسات عميقة على الجهود الحربية الروسية والأهداف الاستراتيجية الأوسع.

وتقدر وزارة الدفاع الأمريكية أنها ستحرر ما يقدر بـ12 كتيبة تكتيكية، حوالي 8 آلاف جندي أو أكثر، لكن قد لا يكونوا جاهزين للمعركة.

ونظرًا لأن موسكو عانت من معدلات استنزاف مرتفعة وتدني المعنويات، قد يعاد نشر تلك القوات في إطار التصعيد المتوقع للقتال في دونباس.

وستمنح ماريوبول موسكو موطئ استراتيجي على بحر آزوف يمكن من خلاله التقدم شمالا في محاولة للتواصل مع القوات الروسية القادمة من خاركيف.

وقال صموئيل شاراب، كبير المحللين السياسيين في مؤسسة راند: “يتعين عليهم المرور عبر ماريوبول من أجل الاتجاه شمالا”، لافتا إلى أنها ستسمح لموسكو بربط اثنين من محاور هجومها الرئيسية: من القرم ودونباس.

الهدف الأهم

وقبل فترة قصيرة على الحرب، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلادهم ستعترف باستقلال الجمهوريتين الانفصاليتين في دونيتسك ولوهانسك، اللتان سيطر عليهما وكلاء موسكو عام 2014.

وتجاوزت الأراضي التي اعترف بها بوتين جيوب الأراضي في أقصى شرق أوكرانيا التي يسيطر عليها المتمردون المدعومين روسيا، وامتدت بدلًا من ذلك إلى منطقتي دونيتسك ولوهانسك بأكملها.

ويعتقد المحللون الآن أن موسكو تهدف للسيطرة على المنطقتين، بما في ذلك ماريوبول، أكبر مدينة في منطقة دونيتسك، والتي كان تخضع للسيطرة الأوكرانية قبل بداية الحرب في فبراير/شباط.

وذكرت “فورين بوليسي” أن السيطرة على المنطقة بأكملها من شأنها أن تمنح موسكو ورقة مساومة كبيرة في محادثات السلام، وشيء يمكن إظهاره كانتصار بالرغم من الاضطرار لتقليص طموحات الحرب الأولى بشكل كبير.

كما تقف ماريوبول في طريق هدف آخر من أهداف روسيا؛ وهو إنشاء ما يسمى بجسر بري بين روسيا وشبه جزيرة القرم، التي ضمتها موسكو بشكل غير قانوني عام 2014.

وقال مسؤول كبير بوزارة الدفاع الأمريكية: “نعتقد أن الروس يريدون (ماريوبول) لعدد من الأسباب. أحدها هو منحهم جسر بري حر من دونباس إلى القرم.”