الثلاثاء 21 شوال 1445 ﻫ - 30 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لماذا يكره الأسد إدلب حتى قبل ثورتها عليه؟

كانت إدلب مكاناً زاخراً بالحياة، تُصدر الزيتون لكل أجزاء الشرق الأوسط، أما طماطمها فجاءت شهرتها من أن سكان المحافظة، رشقوا بها حافظ الأسد، والآن مازالت الطماطم حية في أيديهم ومازال سكان إدلب يحظون بشيء يحسدهم عليه بقية سوريا.

 

وبعد أن أدت الحرب إلى تدمير محافظة إدلب، آخر معاقل قوات المعارضة في سوريا، وتشريد ملايين الناس، هنا يسترجع اثنان من سكانها شكل الحياة في إدلب قبل الحرب في سوريا، في تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.

سعد: أفتقد شعب إدلب

قبل الثورة، اشتهرت إدلب بأشجار الزيتون وزيت الزيتون، وكانت الكثير من المحافظات السورية تحصل على زيت الزيتون من إدلب.

واعتاد المواطنون هنا العمل في الزراعة وزراعة أشجار الزيتون. وكانوا يخللون الزيتون ويبيعونه محلياً وإلى الدول العربية مثل العراق.

وكان لدينا أيضاً الكثير من الناس المشتغلين بصناعة السجاد والزجاج وغيرهما من الصناعات اليدوية.

وكانت المدينة تشتهر بآثار مدينة إبلا القديمة في الشرق. وكانت مقصد السياح وعلماء الآثار من مختلف أنحاء العالم.

ونذكر مدارسنا وأصدقاءنا الذين ماتوا أو هاجروا. ولا يزال لدى كل الناس هنا بعض من أصدقائهم القدامى، ولكن الحرب دمرت معظم الذكريات وفقدنا الكثير من أعزائنا.

لقد تغيرت الكثير من الأشياء لدينا، وكان التغيير الأكبر في طريقة حياتنا، إذ لا تأتينا الكهرباء سوى ثلاث ساعات في اليوم الآن. ونعيش على مولدات الطاقة.

وهناك نقص في المياه، ولا توجد نظافة أو تخلص من القمامة. فالشوارع دائماً قذرة ولا توجد بها إنارة.

ولذا نفتقد التنزه ليلاً، والمشي في شوارع جيدة الإضاءة، وقضاء الليل كله في الخارج مع الأصدقاء ونحن نضحك ونأكل، لم يعد بإمكاننا فعل أي من هذا.

وفي اللحظة التي بدأت فيها الثورة عام 2011، كنت أعلم أن الأمور ستتغير في البلاد، لكنني لم أتوقع أن تتغير إلى الأسوأ.

لقد فقدت إدلب شعبها، وفقدت الأطفال الذين يلعبون بالخارج، والعائلات التي عاشت هنا لأجيال. جاء كثيرٌ من الناس إلى هنا هرباً من مناطق أخرى من البلاد اندلع بها القتال، لكن المدينة تفتقد أبناءها وبناتها الذين ولدوا وترعرعوا هنا.

سلوى: رشقنا الأسد الأب بثمار الطماطم

من أكثر اللحظات التي لا أنساها أثناء نشأتي في إدلب هي لحظة وصول الرئيس السابق حافظ الأسد إلى السلطة عام 1971 وزيارته إدلب، حيث استقبله الناس بقذفه بثمار الطماطم. وانتقاماً مما فعلوه، حُرمت المدينة من أشياء كثيرة مثل مشاريع البنية التحتية والتنمية الاجتماعية وحتى المشاركة السياسية.

إذ لم نتمكن يوماً من الحديث في السياسة. وكان الشيوخ يحثوننا على التزام الصمت، قائلين إن السياسة ليست من شأننا، في كل مرة حاولنا فيها التعبير عن مخاوفنا.

وأثناء الدراسة، أُجبرنا على الانضمام إلى كشافة حزب البعث الحاكم. ولم يكن بإمكاننا أن نرفض، اضطررنا أن نقبل، وكان الجميع مضطراً للقبول. وكانوا يعاملوننا كما لو كنا في الجيش. فكانوا يعاقبوننا على أي خطأ نرتكبه. ومن الجائز أن ذلك زادنا صلابة وقوة في الحياة، إلا أن سلبياته تفوق فوائده في رأيي.

وكانت إدلب واحدة من أوائل المدن التي بدأت الثورة. ويُعرف معظم سكان المدينة بمعارضتهم للرئيس بشار الأسد، ولهذا السبب كنا خائفين. فقد كنا نعلم جميعاً كيف استقبل شعب إدلب والده.

في بداية الثورة، كنت أعيش في حلب وأشاهد ما يحدث على شاشة التلفزيون. وكان هناك الكثير من الصور التي أظهرت المعارضين في صورة مجرمين، لكن عندما جئت إلى المدينة أدركت أن كل ذلك كان أكاذيب بثتها وسائل الإعلام الحكومية، لذلك بدأت في النشاط الثوري، ولكن دون أن أخبر أي شخص بذلك.

ووقعت هجمات على المنطقة التي كنت أعيش فيها في حلب عام 2012، لذلك عدت إلى إدلب ثم بدأت في زيادة مشاركتي في مختلف الأنشطة. وعندما سيطرت قوات المعارضة على المدينة، أصبحت مشاركتي في الثورة علنية.

لقد تغيرت إدلب في الفترة بين طفولتي والوقت الحاضر. نحن الآن أحرار بعدما كنا نعيش خائفين في السابق، ونقول إن “الجدران لها آذان”، كنا نخاف من الكلام، والآن نشعر بمزيد من حرية التعبير.

الثورة مازالت حية

تقول سلوى: رغم أننا عرضة للموت والغارات الجوية والقتل، لا تزال الثورة تعيش معنا.

لقد تغيرت بشكل كبير منذ الثورة. فأصبحت أعرف كل شيء عن السياسة، وكنا في الماضي ندرس ما يتعلق بحزب البعث وحكمه، لكنني أعرف الآن بأمر الانتخابات، والترشح في الانتخابات، وواجبات الرئيس والديمقراطية.

لا أملك صوراً أو أي شيء من أيام شبابي، وهذا لأنني أخذتها معي إلى حلب واضطررت إلى الفرار من الحرب ولم أستطع إعادتها معي إلى إدلب. وهذا يؤلمني كثيراً.

وأكثر ما يؤلمني هو أنني لم أتوقع ألا أكون قادرة على العودة. كنت أحتفظ بصور لأطفالي وزوجي، ولن أتمكن من استعادة أي منها يوماً.