الاستشارات في لبنان اليوم “مغضوب” عليها… وباسيل “عرّاب” دياب

في اليوم الـ66 لانطلاق الثورة وبعد يومين على تكليف الوزير السابق حسان دياب تشكيل الحكومة، جاء جواب الشارع السني الرافض له، على وقع الاستشارات النيابية غير الملزمة في المجلس النيابي التي انطلقت، اليوم السبت، والتي رفض بعض نواب تيار المستقبل حضورها، كما تترافق مع زيارة وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل إلى بيروت الذي أكد ان “تكليف دياب شأن داخلي لبناني”، رافضاً الغوص بالملف الحكومي بشكل مباشر.

وارتفعت حدة التوتر في منطقة كورنيش المزرعة مساء أمس الجمعة، على الرغم من محاولات التهدئة إلى درجة كبيرة، بعدما تحولت المنطقة إلى خط تماس بين المحتجين والقوى الأمنية، وسط مناشدات المسؤولين ورجال الدين للخروج من الشارع.

لكن أعمال الشغب استمرت ليلاً في الشوارع البيروتية والشمالية بما ينذر بمزيد من التصعيد في الشارع، ترافقت مع دعوات الى اقفال الطرقات المؤدية الى ساحة النجمة صباح اليوم منعاً لإجراء الاستشارات مع الكتل النيابيّة.

وعشية الأعياد، تتوالى الاخبار السيئة المرتبطة بتقويم الوضعين المالي والاقتصادي في لبنان، بعدما خفضت وكالة “ستاندرز اند بورز”، أمس الجمعة، تصنيف 3 مصارف لبنانية الى درجة “التعثّر الافتراضي”، ووضعتها في خانة “الأعلى خطراً” في العالم.

وعلى وقع الاستشارات، بدأ منذ صباح اليوم التحضير لمسيرات شعبية من المتوقع ان تجوب كافة الشوارع المؤديّة الى ساحة النجمة، واستمر اقفال الطرقات في حلبا عكار والبقاع وطرابلس، وصيدا، بالتزامن مع انطلاق مسيرة سيارات الى العاصمة.

وبالعودة إلى ملف التكليف، أشارت معلومات موثوقة لـ”الجمهورية” انّ “اسم دياب لم يكن بعيداً عن نادي المرشحين، بل هو دخله لفترة قصيرة قبل سنوات، وثمة خيوط لعلاقة قديمة نسجت بينه وبين وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل. في ما بدا من مقدمات التكليف وخفاياه بأنّ دياب هو خيار باسيل”.

وعلم في هذا الإطار انّ دياب اتصل قبل استشارات الخميس برئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، والتقيا، وابلغ رئيس حكومة تصريف الأعمال باتصال تلقّاه من رئيس الجمهورية للقاء به حول موضوع الحكومة، وبحسب المعلومات الموثوقة لـ”الجمهورية” فإنّ دياب تلقى دعماً وتشجيعاً من قبل الحريري.

من جهته، أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري الى أن “الهدف الاساس في مرحلة ما بعد التكليف، هو ان تنصَبّ كل الجهود لتشكيل حكومة طوارئ إنقاذية من الازمة الاقتصادية والمالية الخانقة، خصوصاً انّ استمرارها سيُرتّب مخاطر كبرى لأننا ذاهبون حتماً الى تفليسة اقتصادية ومالية، إن لم نعجّل بتشكيل حكومة تُسارع الى اتخاذ الإجراءات والاصلاحات والمطلوبة”.

علماً ان بري قال لدياب خلال لقائهما برئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا، “نصحية، ان تسعى جهدك لأن تشكل حكومة في أقرب وقت، جامعة من كل الأطراف”.

الى ذلك، اعتبرت مصادر “القوات” أن “البلاد لا تخوض مرحلة انقسام بل إنها تمرّ بأزمة اقتصادية خانقة وغير مسبوقة، ولا بدّ من معرفة الجهة القادرة على اخراج لبنان من الأزمة، والتي تكمن عبر حكومة اختصاصيين مستقلين”.

علماً ان مسار التأليف الحاليّ لا يطمئن “القوات”، التي ترى أنه “في لحظة الأزمة المالية، وبدلاً من أن يكون هناك اجماع وطني وسياسي وشعبي لمنح الحكومة الغطاء والصلاحيات، تذهب البلاد الى تشكيل حكومة من لون سياسي واحد في وجه لون سياسي آخر وفي وجه الناس المنتفضة والساعية الى حكومة بعيدة من القوى السياسية”، معتبرةً انها “محكومة بالفشل منذ اللحظة الأولى، إذا ما ولدت”.

وعن شكل الحكومة، علمت “النهار” ان اتصالات أمس الجمعة لم تبحث في الأمر بعد، وما ان ستكون تكنوقراط صافية ام مطعمة بالسياسيين وهذا الامر متروك للاستشارات النيابية في مجلس النواب اليوم السبت”.

تزامناً، تستمر جولات هيل على المسؤولين في يومها الثاني، في ظل حرصه على “عدم التدخل في مسار تشكيل الحكومة، ولا بأسماء الوزراء، وتحدث بحيادية مطلقة عن الوضع”.

وفي هذا السياق، قالت مصادر “النهار”، “هيل لم يتطرق الى مسألة توزير هذه الجهة أو تلك، كما لم يضع فيتو على أي فريق سياسي، بل دعا الى “حكومة شريكة للمجتمع الدولي وتلتزم الاصلاحات المستدامة ومكافحة الفساد ووقف الهدر وتنظيم الموازنة العامة”.

اقتصادياً، اعتبرت وكالة التصنيف العالمية “ستاندرد اند بورز”، ليل أمس الجمعة، انّ تعميم مصرف لبنان الذي طلب من المصارف تسديد 50 في المئة من الفوائد المستحقة على الودائع المقوّمة بالدولار الأميركي بالعملة المحلية، هو خطوة تضاف الى عدد من التدابير الحديثة التي تقيّد وصول المودعين إلى أموالهم، مما يضع مصارف لبنان في خانة التعثر (restricted default).

وفي النتيجة عمدت “ستاندرد اند بورز” الى خفض تصنيفها الائتماني الطويل الأجل لبنك عودة وبنك لبنان والمهجر وبنك البحر المتوسط إلى “SD” (تعثر افتراضي) من “CCC”، الذي خُفضت اليه في 14 تشرين الثاني الماضي. وفي الوقت نفسه، خفضت الوكالة التصنيف الائتماني القصير الأجل للمصدر لبنك عودة و”Bankmed” إلى “SD” من “C” سابقاً.​