الموفد الفرنسي جان ايف لو دريان (رويترز)
من المتوقع أن تشكل الأيام المقبلة مرحلة “حبس انفاس”، نتيجة التطورات السياسية والمالية، والسيناريوهات السلبية المتوقعة، في ضوء استمرار انسداد كل الافاق، ونتيجة تمسك كل فريق بمواقفه ومطالبه، فالأكيد أن كل ما يحصل على صعيد الداخلي يشير الى إمكانية هدم الهيكل على راس الجميع، مما يعني انحلال الدولة التي باتت تتمتع بكل ميزات وعيوب الدولة الفاشلة، نتيجة تصرفات المنظومة الفاسدة التي تتحكم بلبنان ومصير شعبه.
من هنا، فإن المواصفات الأساسية للدولة الفاشلة من فقدان للسيادة بداية، هو امر بات ينطبق على لبنان العاجز عن تقديم ادنى الخدمات العامة لمواطنيه، نتيجة انهيار مؤسساته الواحدة تلو الأخرى، كذلك تآكل شرعية الحكام من خلال عدم ثقة المواطن بحكامه وبمؤسساته.
مصادر سياسية تحمل عبر “صوت بيروت انترناشونال” مسؤولية انحلال الدولة ووصولها الى الفشل لمن لديه سلطة اكبر لأنه هو المسؤول اكثر، لذلك من يستلم المسؤولية حاليا هو “حزب الله “، باعتباره هو السلطة الفعلية والقابع على راس الهرم في البلد، كما تقول المصادر، إضافة الى الحكام، وما يسمى بحزب المصارف الذين بيدهم مستقبل الاقتصاد اللبناني، والتي تتجاوز سلطتهم أحياناً السلطة السياسية التي تربطهم بها علاقة وثيقة، ولا تعفي المصادر شريحة كبيرة من الشعب من المسؤولية، خصوصا منهم الذين لا يقومون بواجباتهم كما يجب تجاه الدولة، وسكوتهم عن السياسيين الفاسدين.
وعلقت المصادر على زيارة الموفد الفرنسي جان ايف لو دريان الثانية الى بيروت، مستبعدة الوصول الى اي نتيجة او حل، خصوصا انه كما نُقل عنه لم يحمل أي جديد يخرق الجمود الراهن على صعيد الرئاسة، واقتصرت مهمته على عرض نتائج الاجتماع الخماسي الذي عقد في الدوحة مؤخرا، والاستماع الى الأطراف اللبنانية عما اذا كانت لديها معطيات جديدة بالنسبة الى الملف الرئاسي، في ضوء ابلاغ من التقاهم على ضرورة الخروج من المأزق السياسي والمؤسساتي الذي يستمر بسبب طول مدة الشغور الرئاسي، والتشجيع لحوار في شهر أيلول المقبل، بهدف التوصل الى توافق حول القضايا التي تشكل الأولوية، واهمها البحث في مواصفات الرئيس المقبل، ومن ثم اجراء جلسات مفتوحة، على ان يلي ذلك التشاور في ملف الإصلاحات المطلوبة دوليا، واهميتها بالنسبة الى انقاذ لبنان وانتشاله من الانهيارات المتعددة.
وتلفت المصادر الى ان الدول الخمس ارادت من الان حتى شهر أيلول المقبل إعطاء الوقت اللازم، من اجل البحث عن صيغة محددة للحل ولبلورة الأفكار التي قد تشكل نقاط متقاربة للجميع، لذلك فان المصادر تستبعد حصول أي خرق على الصعيد الرئاسي في المرحلة الراهنة، خصوصا ان الأنظار تتجه حاليا الى الأوضاع المالية وتداعيات خروج حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من موقعه.
واذ تعود المصادر لتذكر بالمبادرات المتعددة التي قدمها المجتمع الدولي للبنان، تشير الى انه وبفضل مسؤوليه تم افشال وعرقلة جميع هذه المبادرات، ومع ذلك فان الافرقاء في الداخل لا يزالون ينتظرون كلمة السر الخارجية، مع علمهم ان هذه الكلمة قد لا تصل في وقت قريب، خصوصا بعدما ان اصبح لبنان خارج أولويات المجتمع الدولي، لا سيما بعد تراجعه على كافة المستويات، كذلك بسبب المشاكل الداخلية التي تعاني منها بعض الدول، ومماطلة البعض بانتظار نضوج بعض الصفقات المعينة.
لذلك تشير المصادر الى ان جميع الأطراف في لبنان بانتظار التوجه الذي يمكن ان تتخذه الدول الخمس، لتبيان الوجهة المقبلة لسير التطورات داخليا، معتبرة ان ما يهم المجتمع الدولي بالدرجة الأولى هو إبقاء النازحين السوريين في لبنان، والمحافظة على الاستقرار الأمني فيه، خوفا من زعزعته لما سيكون لذلك من انعكاسات سلبية على عدد من الدول.
المصادر تعتبر أخيرا، انه لم يعد خافيا على احد دقة وصعوبة الأوضاع التي تتفاقم يوميا، والتي قد تتحول الى اسوء، داعية الجميع الى تقديم التنازلات والبحث عن القواسم المشتركة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الدولة، التي باتت فاشلة والاقرب الى الانحلال التام، مما يعني غرق السفينة بما فيها دون استثناء.