صخرة الروشة
بدأ لبنان يشهد مؤشرات مشجعة على عودة السياح العرب، ولا سيما من دول مجلس التعاون الخليجي، في خطوة تُعيد الحياة إلى قطاع السياحة وتفتح الباب لتعزيز الثقة العربية بلبنان بعد سنوات من الانكفاء، نتيجة التوترات الأمنية والقطيعة السياسية بين لبنان وبعض العواصم الخليجية. وتأتي هذه العودة التدريجية وسط أمل واسع بأن يشكل الموسم السياحي المقبل رافعة حيوية للاقتصاد اللبناني المنهك.
فبعد وصول عدد كبير من مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة في الأيام الماضية، حطّ فريق رياضي سعودي في بيروت أمس، في زيارة رسمية ذات طابع رياضي لكنها تحمل في طيّاتها دلالات تتخطى الملاعب والمباريات. فالرياض التي كانت قد دعت في السنوات الماضية مواطنيها إلى تجنب زيارة لبنان لأسباب أمنية، بدأت تعيد النظر تدريجياً في مقاربتها، ما يعكس تحسّنًا ملحوظًا في العلاقات الثنائية، لا سيما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية ودخول البلاد في مرحلة من الاستقرار السياسي النسبي.
هذا وتسجّل الإمارات العربية المتحدة حضورًا لافتًا لمواطنيها في عدد من المناطق اللبنانية السياحية، في مشهد يذكّر بزمن السياحة الذهبية قبل 2010. هذه العودة لا تنفصل عن تطورات إقليمية أوسع، حيث تُبدي دول الخليج انفتاحًا مشروطًا تجاه لبنان، ارتباطًا بالإصلاحات الاقتصادية المنتظرة والتزام بيروت بسياسة النأي بالنفس.
مصادر اقتصادية تشير عبر “صوت بيروت انترناشونال” إلى أن لبنان يعوّل على السائح الخليجي الذي يتمتع بقدرة إنفاق عالية، وقدرة على تحريك القطاعات المرتبطة بالسياحة، من فنادق ومطاعم إلى النقل والتسوق والخدمات الترفيهية. لافتة إلى أن ما تقوم به وزارة السياحة من خطط تحفيزية تشمل تبسيط إجراءات الدخول، وتوفير تسهيلات للمجموعات السياحية الخليجية، إضافة إلى تكثيف التنسيق مع السفارات والملحقين السياحيين. وتوقعت المصادر أن يشهد لبنان حركة سياحية كبيرة في فترة عيد الأضحى المقبل، مما ينعش المؤسسات السياحية التي تقدم عروضًا مغرية وحملات ترويجية لجذب أعداد إضافية من الزوار العرب.
وشددت المصادر على أهمية الاستقرار الأمني، الذي يُعتبر عنصرًا أساسيًا في جذب الزوار العرب. في الوقت الذي تؤكد فيه المصادر الأمنية بأنها وضعت خطة متكاملة لتأمين الموسم الصيفي، تشمل تكثيف الانتشار في المناطق السياحية وتحديث غرف المراقبة، فضلًا عن التعاون مع الجهات المختصة لتأمين أي وفود رسمية أو خاصة.
وفي المحصلة، فإن عودة السياح العرب، وإن كانت لا تزال محدودة، إلا أنها تحمل رمزية كبيرة وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التواصل العربي – اللبناني. وإذا ما ترافقت هذه العودة مع إصلاحات جدية، فقد يشكّل صيف 2025 نقطة تحوّل في مسار التعافي الاقتصادي والسياحي للبلاد.