يدخل الشغور الرئاسي اليوم عامه الثالث دون بروز أي بوادر تلوح في الأفق حول إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية في الفترة الراهنة، والتي تُعتبر من اشد اللحظات حساسية على مختلف المستويات، فكل المؤشرات لا تزال تشي بعدم إمكانية حدوث أي خرق على الصعيد الرئاسي،والذي يبدو انه مستمر في الإقامة الجبرية رغم بعض الاتصالات والمشاورات التي نشطت مطلع الشهر الحالي والتي كان بإمكانها إحداث خرق ما على هذا الصعيد مع إعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبالاتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الحاجة الملحة لانتخاب رئيس،وحديثه عن مرونة في موقف “الثنائي الشيعي” المتمثل في التراجع عن شرط الحوار قبل الانتخاب والقبول بمرشح لا يشكل تحديا لاحد، الا ان هذا التفاؤل تبدد عقب التدخل الايراني المباشر الذي ظهر على اثر زيارة وزير خارجية طهران عباس عراقجي الى بيروت والذي اعاد الامور الى المربع الاول.
ولكن على ما يبدو فان لبنان ربما قد اعتاد على البقاء دون رئيس للجمهورية، خصوصا ان المشهد ذاته يتكرر للمرة الرابعة منذ الاستقلال في عام 1943، حيث شهدت البلاد الشغور الأول مع انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل وذلك في 22 ايلول من العام 1988، وهو انتهى بانتخاب الرئيس رينيه معوض عام 1989 أي إنه دام عاماً و44 يوماً، اما المرة الثانية فسجل مع انتهاء الولاية الممددة للرئيس إميل لحود في 23 تشرين الثاني 2007، ودام حوالي ستة أشهر حيث انتهى بانتخاب العماد ميشال سليمان في 25 ايار 2008، أما المرة الثالثة وهي الأطول حتى الان وامتدت لعامين ونصف العام، وبدأت مع انتهاء ولاية الرئيس سليمان في 25 ايار 2014، وامتدت حتى 31 تشرين الاول 2016 بانتخاب العماد ميشال عون والذي انتهت ولايته في 31 تشرين الاول 2022.
علما ان الدستور اللبناني ينص على أن تتولى الحكومة صلاحيات الرئيس في حال الشغور الرئاسي، إلا ان الحكومة الحالية تعتبر غير مكتملة الصلاحيات، كونها مستقيلة حكماً منذ انتخاب المجلس النيابي في 20 ايار 2022 ، وبعد فشل الرئيس ميقاتي بتشكيل حكومته الجديدة قبل انتهاء ولاية عون الرئاسية.
مصادر نيابية معارضة تؤكد عبر “صوت بيروت إنترناشونال” ان استمرار الشغور الرئاسي حتى الان، هو اكبر دليل على عدم تحمل المسؤولين اللبنانيين مسؤولية جدية بانقاذ البلد، من خلال وضعهم هذا الاستحقاق الاساسي والمصيري على الرفوف الخلفية للضمير الوطني، وتشير المصادر الى انه لا يمكن باي شكل من الاشكال التأقلم بالواقع الذي نعيشه منذ عامين، باعتبار انه مهما يكن فان الاولوية اليوم يجب ان تكون واكثر من اي وقت مضى منصبة على العمل لانتظام الحياة العامة.
وتعتبر المصادر بان المستجدات الامنية والعدوان المتواصل على لبنان منذ اكثر من عام والتي ازدادت وتيرته بطريقة وحشية منذ 23 ايلول الماضي ، اضافة الى التطورات الاقليمية والدولية التي نشهدها لا يمكن مواكبتها بدولة مقطوعة الراس وفي ظل حكومة مستقيلة ومجلس نواب مشلول، وبالتالي فانه من الطبيعي ان الحديث عن اي عملية انقاذية جدية لا يمكن ان تتم في غياب رئيس للجمهورية باعتبار ان وجوده سيُحدث تغييرا حتميا في المشهد.
وتشدد المصادر على اهمية القيام بخطوات عملية والتوافق لانتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد من اجل اعادة انتظام عمل مؤسسات الدولة الدستورية وذلك لمواكبة المستجدات والتطورات، خصوصا ان لبنان اصبح في مواجهة استحقاقات كبيرة غير محدودة بسبب تداعيات العدوان الاسرائيلي عليه، ومن اجل استمرار البلد والمحافظة على ما تبقى منه، علينا انتخاب رئيس للجمهورية تكون لديه القدرة على مواكبة ما يجري ان كان في المحافل الدولية او وفي يومياتنا المحلية.
وتختم المصادر بإبداء اسفها لتصرفات فئة من اللبنانيين التي تحاول العمل لحل الدولة والسيطرة على مؤسساتها كافة،والتحكم بقرارتها لصالح الدويلات الطائفية والمذهبية الضيقة.