مع بدء الإعلان عن سريان وقف إطلاق النار منتصف الأسبوع الماضي تسارعت المستجدات السياسية على اكثر من صعيد، لا سيما مع تحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في التاسع من شهر كانون الثاني المقبل، وذلك إفساحا في المجال أمام القوى السياسية والكتل النيابية بالتشاور قبيل انعقاد الجلسة كما اعلن رئيس المجلس شخصيا، واللافت أن إعلان بري جاء خلال الزيارة التي قام بها الموفد الفرنسي إلى بيروت جان ايف لو دريان والتي من أهدافها تحريك الركود في الملف الرئاسي، الذي يبدو انه سيكون عنوانا أساسيا للمرحلة المقبلة تحضيرا لتكوين سلطة سياسية جديدة أن كان من خلال انتخاب الرئيس وتشكيل حكومة وتطبيق برنامج إصلاحي، وبالتالي ترميم إدارات ومؤسسات الدولة على اختلافها.
ولكن بالعودة الى خطوة الرئيس بري بالدعوة الى جلسة انتخاب فهي لاقت ترحيبا من كافة الأطراف السياسية والديبلوماسية لا سيما من قبل لو دريان، رغم انه يفصلنا عن موعدها قرابة الأربعين يوما، وذلك أيضا لانها ستتم تحت سقف الدستور من دون اجتهادات وارتباطات بمسألة الحوار قبل انعقادها كما درجت العادة.
مصادر ديبلوماسية متابعة للملف الرئاسي تعتبر عبر “صوت بيروت إنترناشونال” ان قرار وقف اطلاق النار شكل خطوة هامة واساسية، خصوصا ان رئيس المجلس أعلن اكثر من مرة انه بعد اتخاذ هذا القرار سيبدأ فورا على العمل لانتخاب الرئيس، وأكدت انه من طبيعي ان تلي خطوة وقف اطلاق النار خطوات هامة على صعيد الملف الرئاسي، وهو ما بدا واضحا من اعلان الرئيس بري، خصوصا ان انتخاب الرئيس يقع ضمن مسؤولياته الأساسية والذي يشاركه فيها أيضا المجلس النيابي مجتمعا، كونه هو المخول بانتخاب رئيس للجمهورية.
وشددت المصادر على ضرورة مشاركة كافة القوى السياسية بمسؤولية الانتهاء من هذا الاستحقاق في اسرع وقت ممكن، خصوصا بعد الليونة التي صدرت عن عدد من القيادات على هذا الصعيد، وتحديدا الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم والذي اعتبر في مواقفه الأخيرة ان هذا الاستحقاق يجب الاهتمام فيه باكتمال عقد المؤسسات الدستورية، وعلى راسها انتخاب الرئيس، مما يعني ان كل هذه الإشارات تتلاقى مع رغبات كافة القوى السياسية الأخرى لذلك .
ولفتت المصادر ان الغاية لا يجب ان تقتصر على انتخاب رئيس فقط ، بل يجب ان يشكل هذا العنوان الخطوة الأولى على طريق مسار طويل من الاستحقاقات، كاشفة الى ان المعلومات تشير الى ان اللجنة الخماسية ستعيد ادارة محركاتها مجددا، من خلال استئنافها لاجتماعاتها مع القوى السياسية المختلفة لإنجاز هذا الملف بالسرعة القصوى، وهذا بالفعل ما تم التركيز عليه بين لو دريان وأعضاء اللجنة خلال الاجتماع الذي عقد بينهم في قصر الصنوبر .
وشددت المصادر على أهمية ان يعي الجميع بان الفترة الماضية كانت صعبة جدا على لبنان، وهناك دروس كثيرة يجب على القوى السياسية كافة الاستفادة منها بشكل إيجابي، والدفع الى الامام لخروج لبنان من كبوته التي استمرت لسنوات طويلة، معتبرة الى انه لا يمكن استمرار الشغور الرئاسي وتعطيل عمل المؤسسات الرسمية، لان الامور لا تستقيم طالما ان راس الدولة مبتور.
وتوقعت المصادر ان يشهد لبنان مرحلة مختلفة في الفترة المقبلة، من خلال البدء في خطة التنمية والاعمار التي يحتاجها بشكل كبير.
واعتبرت المصادر ان الوقت حان للنظر الى الامام، ووضع حد لكافة العراقيل التي تقف امام نهضة لبنان وعودة عجلة التنمية الى الدوران مرة أخرى، خصوصا ان الدول العربية مستعدة للوقوف الى جانب لبنان ودعمه، وتقديم كل ما يمكن له من مساعدة على ان يلتزم لبنان بدوره بالعودة الى الحاضنة العربية .