نقل الجرحى للمستشفيات بعد حادثة تفجير أجهزة البايجرز (رويترز)
على بعد ساعات قليلة من مغادرة كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الامن والطاقة الاميركي اموس هوكشتاين تل ابيب، بعد قيامه بزيارة سريعة الى اسرائيل ضمن اطار الجهود والمساعي الدبلوماسية لتحذيرها من مغبة توسيع حربها مع لبنان والتي لم تلاقى اي آذان صاغية، وقع آلاف الانفجارات وبشكل مفاجئ وخلال بضع ثواني في اكثر من ثلاثة الاف جهاز اتصال او ما يعرف “بالبيجر” وذلك في عدد كبير من المناطق اللبنانية في نفس الوقت كمرحلة أولى عصر الثلاثاء الماضي، الا ان المفاجأة كانت الاستهداف المستجد عصر الأربعاء الماضي لعدد غير محدد من الأجهزة اللاسلكية المستعملة أيضا من قبل بعض عناصر التابعة “لحزب الله” مما أدى الى سقوط المزيد من الشهداء والجرحى.
وبينما كان التركيز الأمني والإعلامي يدور حول جهاز الاتصالات المعروف ” بالبيجر” وكيفية استخدامه من قبل عدد من عناصر ومناصري “حزب الله” للتواصل فيما بينهم فقد تعرضت أيضا الأجهزة اللاسلكية الأخرى المعتمدة بناء ً على توجيهات من الامين العام للحزب حسن نصر الله على اثر الخروقات الامنية الكبيرة بدلا من الهواتف المحمولة الذكية التي كانت سببا أساسيا في اغتيال وملاحقة قادة وعناصر من “حزب الله”.
اذا فالانفجارات التي جرت على يوميين متتاليين شكلتا خرقا غير مسبوق عالميا، وصدمة “لحزب الله”، وهذا الامر استدعى إعادة قراءة شاملة لهشاشة المنظومة الامنية للحزب، خصوصاً بعد تسجيل خروقات سابقة تعرض لها الحزب بشكل واسع من قبل اسرائيل منذ السابع من تشرين الاول الماضي، وذلك من خلال استهداف عناصر وكوادر الحزب عبر المسيرات او غيرها من الوسائل العالية الدقة، كما حصل مع مسؤول الحزب فؤاد شكر وغيره في الاشهر الماضية.
ولكن مهما يكن فان ما حصل من مجزرة إسرائيلية ضد لبنان لا يمكن الا تصنيفها بانها تأتي من ضمن جرائم الحروب البشعة، والتي لا يمكن الا ان تؤكد على فظاعة اسرائيل واجرامها وخرقها لكل القوانين الشرعية الدولية وحقوق الانسان، بعد ان اثبتت من خلال عدوانها المستمر على الاراضي الفلسطينية المحتلة مدى الوحشية التي تمارسها ضدّ الإنسانية جمعاء ، ضاربة عرض الحائط كل القرارات الصادرة عن اعلى المنظمات والمؤسسات الدولية والحقوقية.
ولكن بالعودة الى الانفجارات المتزامنة لأجهزة “البيجر” ولأجهزة الاتصال اللاسلكي فأنه حتى الان لم تُحسم الجدلية حول كيفية القيام بعمليات التفجير، خصوصا ان الأخيرة ليست أجهزة مصنعة حديثا، على عكس ما اثير حول عن معطيات امنية اشارت بإن جهاز المخابرات الإسرائيلي( الموساد) زرع متفجرات داخل خمسة آلاف جهاز اتصال (بيجر) استوردها” حزب الله” قبل أشهر من عمليات التفجير، والتي عادة تنتجها شركة “جولد أبوللو” ومقرها تايوان، رغم ان الشركة نفت تصنيعها لهذه الأجهزة موضحة أنها من إنتاج شركة “بي.بي.سي” التي لديها ترخيص لاستخدام علامتها التجاري، ولكن مهما يكن فإن الكارثة وقعت ومن الطبيعي ان يكون هناك مسؤولا مباشرا عن إدخالها الى لبنان، وتسليمها الى قيادة “حزب الله”.
ولكن في المقابل تعتبر مصادر أمنية لبنانية رفيعة ان دخول اجهزة الاتصالات الخاصة ب”حزب الله” الى لبنان يعتبر بحد ذاته خرقاً للسيادة اللبنانية، وتشير المصادر الى ان الاكيد ان الحزب عندما ادخل هذه الأجهزة الى الاراضي اللبنانية فانها لم تخضع وكالعادة الى التدابير الإدارية والقوانين اللبنانية، بل هو عمد على ادخالها اما عن طريق المرافق الشرعية او غير الشرعية دون المرور بالروتين المتبع اداريا من خلال الإجراءات العادية، وتشير المصادر الى ان الأجهزة لو تم ادخالها بشكل شرعي كانت وزارتي الصناعة والاتصالات مسؤولتين عن سلامتها وتشغيلها، والتي يعود لهما فحص اي أجهزة على هذا الصعيد يتم ادخالها الى لبنان للتأكد من من مواصفاتها صناعيا او تقنيا، كذلك الأمر بالنسبة الى المديرية العامة للجمارك، بحيث انه ليس من المستغرب ان يُدخل “حزب الله” اي اجهزة او عتاد خاصة له الى الاراضي اللبنانية دون المرور باي جهاز رسمي لبناني.
وفي انتظار، ما ستحمله الساعات المقبلة من تطورات على هذا الصعيد وما يمكن تسجيله من ردات الفعل، فانه من المؤكد ان ما قبل عمليات التفجيرات سيختلف بطبيعة الحال عن المرحلة المقبلة، خصوصا ان ما حصل شكل ارباكا كبيرا ليس فقط ل”حزب الله”، بل للدولة اللبنانية على كافة المستويات ، حيث بات وضعها اكثر دقة وصعوبة، رغم التضامن الوطني الذي بدا واضحا بعد الخرق الإسرائيلي الفاضح، والتي ستبقى اثاره دامغة في عقول اللبنانيين وعلى أجسادهم، خصوصا ان الإصابات بليغة واعدادها كبير، وهي أدت الى اعاقات جسدية دائمة على صعيد الاصابات في العيون وفقدان البصر كذلك على فقدان اطراف أساسية في الجسم.