الجيش اللبناني
تثير فكرة دمج عناصر من حزب الله في صفوف الجيش اللبناني جدلاً واسعاً وقلقاً متزايداً لدى أوساط لبنانية وخارجية. يتخوف هؤلاء من أن تؤدي هذه الخطوة إلى تقويض أسس المؤسسة العسكرية الوطنية، لما تنطوي عليه من محاذير ومخاطر محتملة. فالجيش، باعتباره رمزاً للوحدة الوطنية والضامن لسيادة الدولة، قد يواجه تحديات بنيوية تهدد تماسكه وعقيدته الراسخة التي لطالما ارتكزت على الولاء المطلق للوطن.
ترى مصادر مطلعة، عبر موقع “صوت بيروت إنترناشونال”، أن هذه الخطوة “غير محببة” لما تحمله في طياتها من تعقيدات تتعلق بالولاء والانتماء الأيديولوجي. فبينما يرتكز ولاء عناصر الجيش اللبناني على خدمة الوطن والمؤسسة العسكرية حصراً، يخشى المراقبون من دمج عناصر تدين بالولاء المطلق لإيران ومرشدها الأعلى ضمن نظام ولاية الفقيه. هذا الولاء الأيديولوجي المتجذر، والذي يتجاوز حدود الدولة الوطنية، يثير تساؤلات جوهرية حول كيفية تعامل هذه العناصر مع الأوامر والتكليفات التي قد تصدر عن قيادة حزب الله، خاصة إذا تعارضت مع أوامر الجيش أو المصلحة الوطنية العليا. ماذا سيحدث لو أصدر الحزب تكليفاً “شرعياً” لهذه العناصر؟ أي ولاء سيكون الأقوى والأكثر امتثالاً؟
وتذهب المصادر إلى أبعد من ذلك، مشيرة إلى أن اختيار عناصر حزب الله الانضمام إلى صفوف الحزب منذ البداية يعكس انتماءً دينياً وعقائدياً محدداً، لا ينسجم بالضرورة مع العقيدة العسكرية اللبنانية القائمة على الحياد الوطني والولاء المؤسساتي. فلو كانت الرغبة الحقيقية لدى هؤلاء العناصر هي الدفاع عن لبنان تحت مظلة الجيش الوطني، لكانوا قد فعلوا ذلك منذ زمن بعيد. إن اختيارهم القتال في صفوف حزب الله، وفقاً لمعتقداتهم الدينية وولائهم الأيديولوجي، يطرح علامات استفهام كبيرة حول مدى قدرتهم على الاندماج بفاعلية في مؤسسة ذات طبيعة وهدف مختلفين.
تقول المصادر: “إن دمج عناصر تحمل أجندة أيديولوجية خارجية وتعمل وفقاً لتكليفات دينية محددة ضمن الجيش الوطني قد يخلق انقسامات داخلية وولاءات متضاربة، مما يضعف من تماسكه وقدرته على أداء مهامه بكفاءة وفاعلية. كما أن وجود عناصر مرتبطة بحزب مصنف على قوائم الإرهاب من قبل دول إقليمية ودولية كبرى قد يعرض المؤسسة العسكرية اللبنانية لضغوط وعقوبات دولية، ويؤثر سلباً على التعاون العسكري والمساعدات التي يتلقاها الجيش.”
بحسب المصادر، تبرز المخاوف المشروعة بشأن مخاطر دمج عناصر حزب الله في الجيش اللبناني. فالتحدي لا يقتصر فقط على الاختلاف في الولاء والأيديولوجيا، بل يمتد ليشمل الحفاظ على وحدة المؤسسة العسكرية وعقيدتها الوطنية، وتجنب أي تداعيات سلبية على سمعة الجيش وعلاقات لبنان الدولية. إن أي خطوة في هذا الاتجاه تتطلب دراسة متأنية وعميقة لجميع الجوانب المحتملة، ووضع ضمانات واضحة للحفاظ على استقلالية الجيش وولائه المطلق للوطن.