الثلاثاء 13 محرم 1447 ﻫ - 8 يوليو 2025 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

حصر السلاح بيد الدولة.. قرار رسمي بدعم دولي

بإرادة داخلية ودفع دولي تخطو الدولة اللبنانية أول خطواتها باتجاه حصر السلاح بيدها، فالتحولات المتسارعة في الموقف الرسمي اللبناني، مدفوعة بزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت، أطلقت إشارة سياسية واضحة تمثّلت في البيان المشترك الصادر عن عباس والرئيس اللبناني جوزاف عون، والذي شدد على أن “السلاح يجب أن يكون فقط بيد الدولة، ضمن إطار احترام السيادة اللبنانية”.

ويبدو ان هذا التوجّه لم يبقَ في الإطار النظري، بل تُرجم عمليا عبر اجتماع اللجنة اللبنانية-الفلسطينية المشتركة برئاسة رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، والتي وضعت جدولا زمنيا لجمع السلاح من المخيمات الفلسطينية، حيث يبدأ الجيش اللبناني مع الأمن العام بجمع السلاح من المخيمات الفلسطينية  ابتداءً من 16 حزيران المقبل من مخيمات العاصمة الثلاثة: برج البراجنة، شاتيلا، ومار الياس، وتتوسع الخطة لتشمل لاحقًا مخيمات البقاع والشمال، ومن ثم مخيمات الجنوب وتحديدا الواقعة جنوب الليطاني، أي الرشيدية والبرج الشمالي والبص.

وبحسب مصادر مطّلعة على مداولات اللجنة، فإن الفصائل الفلسطينية أُبلغت رسميا ببنود خطة نزع السلاح، على أن تتلقى إنذارا واضحا في حال عدم الالتزام، مع التلويح بإجراءات عقابية تتراوح بين تقييد الحركة على الحواجز الأمنية وسحب الإقامات وحتى الإبعاد.

ولكن بحسب المصادر المعنية فان الصعوبة الكبرى تكمن في مخيم عين الحلوة، حيث تتداخل قوى منظمة التحرير مع فصائل فلسطينية متعددة، غير خاضعة لقرار الرئيس الفلسطيني بالكامل وبالتالي لحركة فتح، خصوصا ان بعض الفصائل تربط تسليم سلاحها للسلطات اللبنانية بجملة مطالب، أهمها بتخفيف الإجراءات الأمنية على مداخل المخيمات بالتوازي مع تحسين الأوضاع الاجتماعية والإنسانية للاجئين الفلسطينيين.

بالموازاة تلفت المصادر عبر “صوت بيروت إنترناشونال “الى الموقف الاميركي الحازم التي عبّرت عنه المبعوثة الاميركية مورغان أورتاغوس، والتي شدّدت على أن “الوقت قد حان لنزع سلاح حزب الله بشكل كامل”، معتبرة أن السلاح خارج الدولة يمثل خطرا مباشرا على السيادة اللبنانية، ويمنح إسرائيل ذرائع إضافية لتوسيع عملياتها العسكرية، وهو ما يفعله الجيش الإسرائيلي من خلال استهدافاتها المتكررة لعدد من المناطق والبلدات.

ولم تستبعد المصادر بان يكون التصعيد في اللهجة الأميركية مقدمة لحراك أكثر تنظيما يشمل ليس فقط سلاح الفصائل الفلسطينية، بل أيضا سلاح “حزب الله”، خصوصا أن العملية تُدار بإشراف مباشر من فريق أميركي عسكري موجود في بيروت، ويعمل بالتنسيق مع القيادة اللبنانية.

وتامل المصادر بأن يكون المسار الذي سيبدأ تنفيذه في المخيمات الفلسطينية مدخلا سياسيا ليشمل كافة السلاح غير الشرعي والمنتشر على كافة الأراضي اللبنانية، تمهيدا لتطبيق اتفاق الطائف الذي نصّ بوضوح على نزع سلاح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية. في ظل التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، لا سيما بعد تضييق الخناق على قادة فصائل فلسطينية في سوريا، ومغادرتهم أراضيها خلال الأسابيع الماضية.

في المحصّلة، يخطو لبنان نحو لحظة اختبار جدية في ما يتعلق باستعادة قراره الأمني والعسكري، وسط تزايد المؤشرات على أن التراخي لم يعد مقبولا دوليا ولا حتى من بعض القوى الإقليمية التي طالما تبنت خطابا مغايرا، فهل تكون هذه المرحلة بداية مسار فعلي لإنهاء فوضى السلاح، أم أنها مجرّد محاولة جديدة ستصطدم بالمعادلات المعروفة؟