بعد ان اصبح لبنان دولة سائبة مباحة مفتوحة امام الجميع، لم يعد خبر انعقاد اجتماع للحوثيين مع “حماس” وقوى ما تعرف “بالممانعة ” في بيروت مستغربا، في بلد غابت فيه مؤسسات الدولة وحلت مكانها دويلة “حزب الله”، ولولا ما نقلته وكالة “فرانس برس” نهاية الاسبوع الماضي بان الحوثيين في اليمن اكدوا ان كبار مسؤولي الجماعة عقدوا اجتماعا مع حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة الاخرى في بيروت لمناقشة تنسيق الإجراءات ضد اسرائيل، ربما لم يكن احد من المسؤولين الرسميين اللبنانيين عَلِم بالامر.
مصادر سياسية متابعة استغربت عبر “صوت بيروت انترناشيونال” عدم صدور اي موقف او تعليق من قبل لبنان الرسمي على هذا الاجتماع، وكأنه أمر طبيعي خارج عن مسؤولية الدولة، وسألت المصادر عن كيفية دخول قياديين من الحوثيين و”حماس ” الى الاراضي اللبنانية، وعما اذا حصلوا على التأشيرات اللازمة كغيرهم من المواطنين الاجانب؟ ودعت المصادر وزارتي الخارجية والداخلية للاسراع في شرح الموضوع الى الرأي العام اللبناني.
المصادر اعتبرت بان اساس قيام الدولة يرتكز على الادارة والقضاء والامن، مبدية اسفها لان لبنان بات يفتقد هذه الركائز بعد ان غابت الإدارة واصبح القضاء استنسابيا والأمن ممسوكا من قبل فئة من اللبنانيين بيدها وحدها قرارات الحرب والسلم، مشيرة الى ان لبنان لم يصل حتى في فترات الحرب الاهلية الى ما وصل اليه من خروقات بهذا الحجم لمكونات الدولة التي فقدت السيطرة على الإمساك بالقرارات الاستراتيجية.
ولفتت المصادر بأن الاجتماع الأخير الذي عقد في بيروت ليس الأول ويبدو انه لن يكون الاخير، طالما كل الظروف باتت ملائمة لعقد مثل هكذا اجتماعات، خصوصا بعد الإعلان عن قيام قادة فلسطينيين وايرانيين رفيعي المستوى بزيارات مستمرة الى لبنان، حتى اصبحت بيروت مركزا عمليا لحركة “حماس” وللحرس الثوري الايراني، ولفتت المصادر الى ان هذا الأمر تأكد بشكل عملي لدى استهداف اسرائيل للقيادي الفلسطيني صالح العاروري في قلب الضاحية الجنوبية مطلع العام الجاري، وتعرض سكان المنطقة لخطر مباشر خلال عملية الاغتيال.
وإذ اعتبرت المصادر ان الاجتماع الذي اعلن عنه شكل استفزازا لاغلبية اللبنانيين خصوصا انه عقد دون حسيب او رقيب، لفتت الى انه جاء ايضا قبيل ايام قليلة من توقيف القضاء احد الناشطين السياسيين اللبنانيين بسبب تناوله “حزب الله” في حديث اعلامي، مما يؤكد الاستنسابية بعمل القضاء اللبناني.
ولفتت المصادر باعتبار ان كل التحركات والتجاوزات الذي يقوم بها فريق”الممانعة” هو محاولة واضحة منه لتعريض لبنان وشعبه لخطر داهم يطال سيادته واستقراره وامنه القومي بشكل مباشر، كما يؤكد ايضا انه جزء من توريط لبنان اكثر واكثر لشن حرب شاملة عليه، وبالتالي استدراج اسرائيل اليها.
وقالت المصادر:” موقف الحوثيين وعلاقتهم بالولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا وغيرهما من الدول معروفة، بغض النظر اذا كانت هناك شريحة من اللبنانيين تؤيد توجهاتهم ام لا، ولكن على الدولة اللبنانية واجب أساسي اقله تحيّيد لبنان وشعبه عن هذا الأمر.”
وتساءلت هل نستطيع في وضعنا الراهن تحمل عقوبات اميركية اذا ما فرضت علينا، او محاصرتنا؟ وما هي السبل الموجودة لدينا لمواجهة مثل هكذا احتمالات في ظل ازمة اقتصادية حادة نتعرض لها؟
واشارت المصادر الى ان من يصرّ على أخذ لبنان رهينة و يجازف بمستقبله ومستقبل شعبه يبدو انه لا يحسب مثل هكذا حسابات، علما ان تداعيات الحرب على غزة وحرب “المشاغلة” كلفت لبنان حتى الان اكثر من ملياري دولار كتكلفة مباشرة وغير مباشرة، فكيف يمكن اذا ان نتحدى العالم ونقحم انفسنا في قضية لا علاقة لنا بها؟.
وشددت المصادر على ضرورة وجوب إيقاف مسلسل زج لبنان بحروب لا ناقة له منها ولا جمل، داعية الدولة لاسترجاع هيبتها وان يكون قرار الحرب والسلم بيدها، مؤكدة ايضا على وجوب ان يكون للجيش اللبناني حصرية حمل السلاح للدفاع عن لبنان.