في حادثة غير مسبوقة أثارت تساؤلات واستغرابًا كبيرين، شهدت منطقة البترون اللبنانية في ساعات الفجر الأولى من يوم أمس عملية اختطاف نفّذتها قوة عسكرية خاصة عبر عملية إنزال بحري. ووفقًا للتقارير الأولية التي تجري الأجهزة الأمنية اللبنانية، ممثلة بالجيش وقوى الأمن الداخلي، تحقيقات معمّقة بشأنها، تتألف هذه الوحدة من حوالي ٢٥ عنصرًا مدججين بالأسلحة والعتاد، بينهم بحارة وغواصون.
بحسب المصادر، نفّذت القوة عملية إنزال جريئة على الشاطئ وانتقلت على الفور إلى شاليه قريب من البحر، حيث كان شخص لبناني يُدعى عماد أمهز متواجداً بمفرده. قامت القوة باختطافه، واقتادته بسرعة إلى زوارق انطلقت فورًا إلى عرض البحر. ويُرجَّح أن يكون منفّذو العملية قوة خاصة إسرائيلية، من وحدات نخبة مثل “شييطت ١٣” أو “سيريت متكال”، المشهورة بقدراتها في تنفيذ مهام دقيقة مماثلة، ما يثير تساؤلات حول الأهمية الاستثنائية التي يُفترض أن يتحلّى بها هذا الشخص ليتطلب عملية معقدة كهذه.
وفي الوقت الذي يتنازع البعض حول هوية الشخص المختطف، سواء كان له ارتباط بمجموعات مقاومة أو مجرد مدني، يبقى اسمه وحده، “عماد أمهز”، كافيًا لكشف ملامح انتمائه المناطقي والطائفي وحتى السياسي. غير أن الأهم من هوية الفرد هو الهدف الذي يجعل إسرائيل تخاطر بمثل هذه العملية المعقدة على الأراضي اللبنانية.
في هذا السياق، يبرز تساؤل مشروع: هل يمكن لإسرائيل أن تزج بجنودها في عملية اختطاف تقليدية من أجل فرد لا يتمتع بأهمية استراتيجية؟ مثل هذه العمليات النوعية عادةً ما ترتبط بمستويات عالية من الأهمية الاستخباراتية أو الأهداف العسكرية. ربما لا تكون هذه العملية مجرد “اختطاف” عادي بقدر ما قد تكون أقرب إلى “مهمة إنقاذ” لشخص يحمل قيمة استخباراتية مميزة. ومع ذلك، يبقى هذا الحدث تطورًا نوعيًا ينطوي على رسالة تحدٍّ واضحة ليس فقط تجاه لبنان، بل تجاه كل من يزعمون أن وجودهم يمنع إسرائيل من الوصول إلى قلب الأراضي اللبنانية.
وبينما تتواصل التحقيقات في ملابسات الحادثة، تترك هذه العملية تداعيات مهمة على المشهد الداخلي في لبنان، وتفتح الباب على مصراعيه أمام إعادة التفكير في الخطوط الحمراء التي كان يُعتقد أنها تحد من حركة العدو الإسرائيلي على الساحة اللبنانية.