المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي
أصيبت إيران في الصميم من جراء مقتل رئيسها إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان في حادث سقوط مروحيتهما والوفد المرافق. للحدث الكبير تداعيات على المستوى الداخلي وإعادة ترتيب البيت الإيراني، وعلى المستوى الخارجي حيث تمثل إيران وملفها ان كان النووي أو نفوذها في المنطقة حالة تنظر دول العالم الغربي باستمرار الى كيفية التعامل مع ذلك، ومعالجة ما يعاكس السياسات الدولية في التوجهات الإيرانية.
ومع أن نظرية المؤامرة قد لا تكون غائبة عن التفكير الإيراني الداخلي بأسباب الحادث، الا أن مصادر ديبلوماسية بارزة ومطلعة على ملف إيران، تؤكد بما لا يقبل الشك أن السياسة الخارجية لإيران لن تتأثر بمقتل رئيسها لا سيما على أعتاب احتمالات تسوية في المنطقة بعدما يتكشف مصير كل من رفح وغزة في وقت ليس ببعيد. ثم في خضم مسار تفاوضي وليس علني بين واشنطن وطهران يتناول البرنامج النووي الإيراني، وعدم فلتان الوضع في الشرق الأوسط بالتزامن مع الحرب الاسرائيلية في فلسطين. هناك آلية لاستمرارية الحكم بغض النظر عن المنافسة التي كانت سائدة بين رئيسي ومرشد الثورة علي خامنئي، حيث كان يشكل رئيسي خليفة خامنئي وكان محبوباً من الحرس الثوري الايراني. في كل الأحوال المرشد هو الذي يختار الرئيس المقبل، بحيث يتجنب إجراء الانتخابات في أوقات الأزمات مثلما هو الجو الخارجي حالياً. حتى وإن حصلت انتخابات فإن المرشد هو الذي يقرر كل شيء، وتعود للمرشد تحديد السياسات الداخلية والخارجية. وبالتالي، تشير المصادر الى أن المرشد سيمسك بزمام الأمور مع أن إرباكاً سيحصل لكنه لن يطول لأن القيادة الإيرانية، أي المرشد والحرس الثوري هما المرجعية الأساسية وليس فقط رئاسة الجمهورية. لذلك التعاطي الإيراني مع الدول هو نتاج تخطيط المرشد والمجموعات التي تحيط به، وليست أسيرة رئيس الجمهورية.
وليس بعيداً عن مسألة المؤامرة، ما يمكن في هذا الاطار على الصعيد الداخلي حيث المنافسة على منصب المرشد بين رئيسي ونجل خامنئي واسمه محبتي واحتدام التنافس بين المؤيدين والمعارضين لكل منهما. رئيسي كان محبوباً من الحرس الثوري، ومحبتي مدعوم من رجال الدين الى حد احتضانه في إشارة إلى الدعم الديني له لخلافة والده الذي يبلغ 85 عاماً.
وأشارت المصادر، إلى أن إيران لن تتنازل عن برنامجها النووي الا وفقاً لتسوية معينة، هذا ما تعمل له كائناً من كان رئيس الجمهورية ووزير الخارجية. ثم ان إيران تهادن حيناً وتصعّد حيناً آخراً بحسب مصالحها ونظرتها الاستراتيجية ومستوى المكاسب التي تريد تحقيقها. ثم انها لم تقبل بحث نفوذها في المنطقة مع الدول الغربية بالتزامن مع بحث التفاهم حول النووي. فهي تتقن الفصل بين الملفات مع الاشارة الى أن الدول تعتقد بأن الاتفاق معها حول النووي سينسحب مرونة في مواقفها في التجاوب مع سياسات الغرب. لكن تبين أن الغرب هادنها بالتزامن مع توقيع النووي قبل تسعة أعوام فتراجع الضغط عليها في المنطقة وفي الملفات المتصلة بها في المنطقة في تلك المرحلة. كما استطاعت أن تستفيد من الأموال المحررة لها بمليارات الدولارات في خدمة نفوذها وحلفائها الاقليميين بدلاً من تحويل ذلك الى الاقتصاد الداخلي وحقوق الانسان فيها.