يستمر الضغط الأميركي والفرنسي على مختلف الأطراف المعنية بحل مسألة الجنوب انطلاقاً من المبادرة الفرنسية. ويبقى موضوع انسحاب “حزب الله” إلى مسافة معينة من الحدود الجنوبية أو خلق “منطقة عازلة”، من المعوقات الأساسية أمام المبادرة الفرنسية وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، حيث يشكل هذا البند عقدة العقد. إلا أن التفاوض سيستمر لا سيما غداة أي معطيات جديدة تظهر حول ملف غزة.
إحدى الأفكار المطروحة في المبادرة الفرنسية هي تنفيذ القرار ١٧٠١ من قبل كل من لبنان وإسرائيل وليس فقط من جانب لبنان. وكذلك بناءً على اتفاقية الهدنة التي وقعت في ٢٣ آذار ١٩٤٩، لا سيما في مادتيها ٣ و٥ حيث هناك ما يمكن تطبيقه على جانبي الحدود.
المادة الثالثة تنص على:
أولاً: تطبيقاً للمبادئ الواردة أعلاه (أي الهدنة) ولقرار مجلس الأمن الصادر في ١٦ تشرين الثاني ١٩٤٨، أقرت بهذا الاتفاق هدنة عامة بين القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية للفريقين.
والثاني: لا يجوز لأية فئة من القوات البرية أو البحرية أو الجوية العسكرية أو شبه العسكرية التابعة لأي من الفريقين بما في ذلك القوات غير النظامية أن ترتكب أي عمل حربي أو عدائي ضد قوات الفريق الآخر. ولا يجوز لها لأي غرض كان أن تتخطى أو تعبر خط الهدنة المبين في المادة الخامسة من هذا الاتفاق، أو أن تدخل أو تعبر المجال الجوي التابع للفريق الآخر، أو المياه الواقعة ضمن ثلاثة أميال من الخط الساحلي التابع للفريق الآخر. وثالثاً: لا يجوز توجيه أي عمل حربي أو عمل عدائي من أراضٍ يسيطر عليها أحد فريقي هذا الاتفاق ضد الفريق الآخر.
أما المادة الخامسة فتقول: أولاً يتبع خط الهدنة الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين. وثانياً: في منطقة خط الهدنة تتألف القوات العسكرية لكلا الفريقين من قوات دفاعية فقط كما هي محددة في ملحق هذه الاتفاقية. وثالثاً: يتم سحب القوات الى خط الهدنة وتخفيضها الى المستوى الدفاعي وفقاً لأحكام الفقرة السابقة خلال عشرة أيام من تاريخ توقيع هذا الاتفاق. كذلك يتم في المدة نفسها نزع الألغام من الطرق والمناطق الملغومة التي يخليها كل من الفريقين وارسال المخططات التي تبين مواقع حقول الألغام الى الفريق الآخر.
من الصعب حتى الآن أن تأخذ المبادرة الفرنسية طريقها الى التحقق قريباً كما تريد باريس ومن خلفها الأميركيين. لكن التفاوض حولها سيستمر بالتوازي مع العمل الديبلوماسي لتحقيق وقف للنار في غزة، وإنضاج التفاوض الأميركي-الإيراني الذي يسير من دون أضواء. كل هذه المسائل مرتبطة بعضها بالبعض الآخر.
وبالتالي، أية انسحابات من الجنوب تحتاج الى تفاهم إقليمي-دولي لا يزال يراوح مكانه في انتظار التسوية الكبرى في المنطقة.