كان لافتاً موقف وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن غداة اندلاع الحرب في غزة حول أن لا شيء يثبت ضلوع إيران بالحرب، وذلك خلال أربع مقابلات تلفزيونية له، في محاولة منه لاستدراك العديد من الملفات بالتزامن مع دعم بلاده لإسرائيل في حربها.
إذ أن هذه الحرب تأتي بعد صفقة أميركية-إيرانية تناولت تبادل الأسرى، والإفراج عن أموال إيرانية مجمدة. وتشير مصادر ديبلوماسية غربية لـ”صوت بيروت إنترناشونال” أن موقفه هذا يأتي للرد على أعضاء في الكونغرس لا سيما من الجمهوريين حول أن الأموال التي حررت لإيران استعملت في العملية العسكرية. بحيث أنه أراد التأكيد على أن للأموال الإيرانية المُفرَج عنها بحسب الاتفاق أهداف إنسانية فقط. مع الإشارة الى أن قادة من “حماس” لم يكونوا على اطلاع على الرغبة في الهجوم. ثم ان جهود الإدارة الأميركية للتطبيع بين المملكة العربية السعودية واسرائيل ستستمر، وإن كانت الحرب ستؤخر نوعاً ما استكمال هذه الجهود، وحيث سعت الى توفير ضمانات اسرائيلية وفلسطينية من أجل هذا التطبيع.
حالياً سيؤخر الاهتمام الأميركي بإنهاء الحرب الجهود بالنسبة الى معركة أوكرانيا. وتكشف المصادر، أن الإدارة الأميركية تبذل قصارى جهدها لاحتواء الموقف، مع أنها لم تمنع إسرائيل من الرد. وهي حاولت الاحتفاظ على المكتسبات على الخط السعودي-الاسرائيلي. والأنظار متجهة الى النتائج التي ستحققها المعادلة العسكرية، وما إذا سيتم إدخال موضوع الأسرى الإسرائيليين في المعادلة كدروع بشرية تؤثر على مسار العملية. وبالتالي، هناك سباق بين الحرب وبين الجهود الديبلوماسية التي يقودها بلينكن، في إطار مروحة واسعة من المساعي تشارك فيها السعودية والإمارات وتركيا ومصر وقطر فضلاً عن إسرائيل. وبالتزامن مع الجهد الديبلوماسي أرسلت واشنطن العديد من حاملات الطائرات للردع، ولإبقاء السقوف في المواقف ضمن معدلات لا تتخطى الخطوط الحمر.
وتكشف المصادر أيضاً، أنه إذا لم تسترد إسرائيل الأسرى فمن المتوقع أن تقوم بعمل ضخم ويمكن عندها توقع الأسوأ.
ثم ان بلينكن لم يتوقع أن تكون إيران وراء الحرب، في رسالة سياسية مفادها أن واشنطن لا تريد خربطة المساعي المتصلة بمعالجة ملف البرنامج النووي الإيراني. إذ تريد الإدارة عدم السماح لإيران بالسلاح النووي بعدما تحققت عودة الأسرى. كما ان بلينكن يأخذ بالاعتبار الميل الخليجي لا سيما السعودي والإماراتي للتقارب مع الصين. كما يأخذ بالاعتبار دور قطر في توفير الغاز لأوروبا على أبواب الشتاء.
وأوضحت المصادر، ان هناك دعوات في الكونغرس للإدارة لتوجيه ضربة الى إيران في حال شارك “حزب الله” بالحرب الدائرة وليس أن يدفع لبنان ثمن هذه المشاركة. لكنها تستدرك لتسأل هل فعلاً ستقصف واشنطن إيران في هذه الحالة؟ من الصعب جداً حصول ذلك، لكن المساعي الديبلوماسية الأميركية قائمة لوضع حد لهذه الحرب. بالنسبة الى لبنان، فالحزب يدرك تماماً أن عنصر المباغتة على الحدود لم يعد قائماً حالياً بعدما أن حصنت إسرائيل نفسها على حدودها الشمالية. فبات دفاع إسرائيل قوياً، لذلك العملية من لبنان مستبعدة، على أن كل شيء يبقى وارداً.