نواف سلام (رويترز)
بعد مرور أكثر من أسبوعين على تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة وانهاء مشاوراته النيابية العلنية وغير الزامية، يواصل الرئيس نواف سلام اتصالاته ومشاوراته البعيدة عن الاعلام لاستيلاد حكومة العهد الأولى على وقع المعايير الأربعة التي حددها، والتي اعلن عنها منذ اليوم الأول لتكليفه، والذي يبدو انه ليس في وارد التخلي عنها مهما كان حجم الضغوطات التي تمارس عليه.
وما أعلنه بعد اجتماعه الثالث ما بعد التكليف مع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون كان واضحا لجهة تأكيده بانه لا يوجد وزارة حكرا على طائفة، كما لا يوجد حقيبة ممنوعة على طائفة.
من هنا، فان مصادر متابعة لعملية التأليف تؤكد “لصوت بيروت انترناشونال” بان مسار التشكيل يمضي قدما، ولو بشكل بطيء نتيجة الطريقة التي يتبعها الرئيس المكلف بفكفكة العقد التي تتوالى الواحدة تلو الأخرى، ولكن هذا لا يعني ان هناك إمكانية لتراجع سلام عن مسلماته، مع تمسكه بمرجعيته الأولى والأخيرة وهي الدستور، الذي اناط صلاحية تأليف الحكومات بشكل متكامل ومشترك بالرئيس المكلف ورئيس الجمهورية، وهما ليسا مُلزمين بقبولِ مطالب أي طرف كان، سواء بالنسبة للأسماء أو حتى للحقائب الوزارية .
وتذّكر المصادر بان الدستور اللبناني لم يعطِ أيّ حصة وزارية لأي فريق سياسي أو حزب أو كتلة برلمانية، وعلى الرئيس المكلف طرح الأسماء وتصوره للحقائب الوزارية على رئيس الجمهورية، والاتفاق معه على التشكيلة بأسمائها وحقائبها، ومن ثم إصدار مرسوم التشكيل الذي يوقع من قبل الرئيسين.
من ناحيتها، تعتبر مصادر دستورية ان تذرع “الثنائي الشيعي” باحتفاظه بوزارة المالية واصراره على جعلها من نصيب الوزير الذي يسميه لتوليها، باعتبار ان الامر قد طرح خلال مداولات اتفاق الطائف، هو مسعى مبطن لإجراء تعديل على الوثيقة التي أضحت جزءا لا يتجزأ من الدستور.
اما بالنسبة للألية الدستورية التي تجري عادة ما بعد اصدار مرسوم تشكيل الحكومة فتشرحها المصادر، وتوضح بان الخطوة التالية تكون بتحديد موعد لألتقاط الصورة التذكارية للوزراء، ومن ثم تعقد اول جلسة للحكومة برئاسة رئيس الجمهورية ، وبعدها يتم تشكيل لجنة وزارية لإعدادالبيان الوزاري التي على الحكومة صياغته واقراره وارساله الى البرلمان، ليحدد رئيس مجلس النواب على اثر ذلك جلسة عامة لمناقشة البيان الذي سيركز على بنود الدستور ومضامين خطاب القسم ومواقف الرئيس سلام، وعلى اساس البيان تنال الحكومة الثقة او تحجب عنها.
من هنا، تعود المصادر لتشدد على ان المشاورات التي يجريها الرئيس سلام لاستمزاج آراء الاحزاب والكتل السياسية هي غير الزامية، ولكنها في المقابل تخدم الحكومة لحصولها على أكبر قدرٍ ممكنٍ من الدّعم في مجلس النواب، والذي يُمكن ان يُترجم لاحقا بدعمٍ سياسي للمشاريعِ التي يمكن ان تحيلها الى المجلس النيابي، خصوصا ان الحكومة المقبلة يقع على عاتقها تحقيق الكثير من الاستحقاقات الهامة والكبيرة.
في المقابل أيضاً ترى المصادر أن الثقة النيابية ورغم أهميتها للحكومات، فان عدد الأصوات التي تنالها لا أهمية دستوريا لها حتى اذا كان عددها متواضعا.
وتشددت المصادر على وجوب التركيز حاليا على عملية التأليف ضمن ثوابت احترام الدستور، لجهة استقلاليتها عن السلطة التشريعية، واهمية فعاليتها وتجانسها، وقدرتِها على تجنب مخاطر الانقسامات الداخلية التي قد تعطلها أو تحد من إنتاجيتها.
مشيرة الى انه و نظراً لكون الرئيسان المعنيان دستوريا بالتشكيل يحظيان بتأييدٍ دولي وعربي وشعبي فإن حظوظ المُعطلين في حجب الثقة عن حكومة تحظى برضى شعبي ستكون شبه معدومة، خصوصا اذا استمرا عون وسلام بالتحلي بالشجاعة والثباتِ على موقفيهما، ورفض المُساومة على صلاحياتهما أو الرضوخ للابتزاز السياسي، والابتعادِ عن المقارباتِ اللادستورية التي كانت تتحكم بآلية تشكيل في المرحلة الماضية.
وختمت المصادر بدعوة الرئيس المكلف لوضع التشكيلة التي يراها مناسبة بالتوافق مع الرئيس عون، على ان يتم الاعتماد فيها على معيار موحد تجاه كل الأحزاب والكتل البرلمانية واصدار مرسومها، ووضع مجلس النواب امام واجباته الوطنية وليتحمل عندها مسؤوليته تجاه الشعب اللبناني.