لم يتسلم بعد الفرنسيون من إسرائيل ردها على الورقة الفرنسية الثانية المنقحة بالنسبة إلى التسوية في الجنوب، فيما لبنان رد وأجاب عليهم.
في وقت تعلو أصوات التطرف الإسرائيلي، ويجري بحسب ما تنقله مصادر ديبلوماسية غربية ل”صوت بيروت انترناشيونال” تسويق فكرة أن الأميركيين لا يعتبرون أن المبادرة الفرنسية قد شقت طريقها إلى التنفيذ في ضوء انتظار التوصل إلى وقف لإطلاق النار تعمل عليه كل الجهات العربية والدولية والذي لم يبصر النور حتى الآن.
كانت فرنسا خلال الأسبوعين الماضيين تنتظر رد إسرائيل لتقوم بتنقيح ورقة ثالثة لمبادرتها بناء على الموقفين اللبناني والإسرائيلي. إلا أن ذلك لم يحصل بعد، ولا تستبعد المصادر أن يؤدي رفض “حزب الله” للمنطقة الخالية من السلاح على بعد ١٠ كلم شمال إسرائيل، ورفض إسرائيل توقيف طلعاتها الجوية فوق لبنان، إلى أفكار وسيطة من شأنها التوصل إلى مسائل تنبثق من روحية الاستقرار الذي يفرضها تنفيذ القرار ١٧٠١ وهي في الدرجة الأولى متصلة بإقامة ترتيبات لتفاهم “عدم عدوان” بين “حزب الله” وإسرائيل، مع دور ما للجيش اللبناني في منطقة الجنوب يكون مقبولاً من واشنطن وباريس.
وتتزامن الترتيبات مع عدم طرح موضوع الأراضي اللبنانية المحتلة وضرورة تحريرها حالياً وفي هذا التوقيت، بحسب ما تنقله المصادر عن أوساط عليمة. على أن يصار لاحقاً إلى إيجاد حل لتنفيذ القرار ١٧٠١ . طبعاً لبنان يعتبر أن أي حل يجب أن ينطلق من استعادة الأراضي المحتلة كاملة وتنفيذ فعلي للقرار الدولي، بالاضافة الى وقف كافة الخروقات من إسرائيل لهذا القرار.
وتشير المصادر إلى أن الفرنسيين وعلى الرغم من كل الصعوبات التي يواجهونها في إرساء سلام في الجنوب من خلال مبادرتهم سيستمرون في دورهم من دون توقف. في المقابل، الأميركيون متفائلون بالتوصل إلى حل في الجنوب انطلاقاً من تفاهمات “بالواسطة” بين “حزب الله” وإسرائيل.
الحرب لا تزال واردة وإسرائيل مستعدة ولديها على الأقل ٨٠ ألف نازح من مواطنيها في الشمال يضغطون عليها للعودة إلى منازلهم. ويوجد خوف من عمليات من “حزب الله” عبر الحدود.
وبالتالي إسرائيل ليست مرتاحة، المؤشرات التفاؤلية مردها إلى أن ليس من جهة قالت لا للتفاوض. حتى الرفض الذي يتسرب، ليس رفضاً لمقترح ما بل هو كناية عن تحفظات ما، أو طلب تعديلات ما على الطروحات، أو ملاحظات ما.
وتكشف المصادر، أن تفاصيل مشروع التفاهم أو التسوية، لا تزال غير واضحة بعد. السؤال هل يكتفي الاسرائيلي بضمانات شفهية من الأميركي وحتى خطية؟ والجواب على ذلك لا يزال غامضاً من عند الأميركي الوسيط. الجواب أن اسرائيل ليست ضد التفاوض لكن لا دخول في كافة التفاصيل حالياً. قد تكون التفاصيل متروكة إلى ما بعد الانتهاء من حرب غزة، إذ أن هناك تفاؤل من دون أن تكون هناك تأكيدات أن التفاهم منجز عملياً. لكن الأميركيين متفائلين في ما خص حصول تفاهم في الجنوب عبر تنازلات متبادلة بين “حزب الله” وأسرائيل، أكيد “حزب الله” ومن ورائه إيران.
أما بالنسبة إلى الفرنسيين هناك تفاهم كبير وفعلي بينهم وبين الأميركيين. وقد تكون هذه المرحلة تتسم بأكبر مستوى ممكن بينهما من التقارب في وجهات النظر، وفقاً للمصادر حول وضع لبنان. والأميركيين لهم يد في المبادرة الفرنسية، وهناك تشابه، للرسائل الأميركية والفرنسية حول لبنان.
والخطة الفرنسية لإخراج لبنان من مأزقه مدعومة أميركياً، فضلاً عن أن التحذيرات من عدم دخول لبنان في تسوية وانعكاسات ذلك على مستقبله هي ذاتها. فهل تسهم زيارة وزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن الى المنطقة الاثنين في إرساء حل للبنان والمنطقة؟