الخوف الحقيقي في لبنان هو ما إذا اتخذ “حزب الله” قرارًا بالمشاركة في الحرب على غزة أم لا، على الرغم من إشادة كل الأطراف اللبنانية بصمود الفلسطينيين ومقاومتهم. إّلا أن اللبنانيين لا يريدون إغراق البلد في حرب مع إسرائيل حيث أنه لم يعد يحتمل أبدًا من مآسٍ، بعد مأساته الداخلية سياسيًا واقتصاديًا.
وتفيد مصادر ديبلوماسية بارزة لـ “صوت بيروت إنترناشونال”، أن اتصالات أميركية وفرنسية وأوروبية أجريت مع أكثر من جهة ذات صلة بالوضع في الجنوب، طالبة انضباط الوضع وعدم اللجوء إلى العنف والتصعيد.
هذه الاتصالات جاءت إثر الاشتباك المحدود بين “حزب الله” وإسرائيل على الحدود. كما أنها تأتي في موازاة اتصالات دولية تكثفت لوقف الحرب على غزة ولجم المعركة، تلافيًا لتصعيد أكبر يطال المنطقة. وأوضحت المصادر، أن لا إشارات من “حزب الله” بأنه سيدخل على خط “طوفان الأقصى”، إلا إذا حصل تصعيد كبير وواسع.
حتى أنّ الحزب نفى أن تكون المسيَّرة بعد ظهر أمس تابعة له. أما إذا دخل على خط الحرب فهذا يمثل كارثة على لبنان، فضلاً عن أنّ الهاجس الأكبر في مثل هذه الحالة أن يستغل الإنجاز الفلسطيني ويعلن أنه انتصاره ويحاول توظيفه في أدائه في الداخل اللبناني خصوصًا في مرحلة استمرار التحركات من الخارج والداخل لانتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الشغور الرئاسي.
وتشير المصادر، إلى أنّه على الرغم من أن الاسرائيليين أعلنوا الحرب وأن كل تصريحاتهم تدل على قساوة ما قد يأتي، إلا أن توازنًا ما متوقع بالنسبة إلى لبنان، وهذا يتمثل في أنه من الجانب الاسرائيلي ليس من مصلحة تل أبيب فتح جبهتين في وقت واحد. ومن الجانب المتمثل بـ “حزب الله”، فإنه ليس من مصلحة الحزب الدخول في هذه الحرب، لأنها إذا توسعت وتصاعدت ستكون حربًا طويلة وشاقة، ولن تكون محدودة بزمن أو ضوابط، وستطيح بكل المعايير السياسية والديبلوماسية التي تحكم الوضع جنوبًا منذ العام ٢٠٠٦ حتى الآن، وحيث استفاد منها كل من لبنان وإسرائيل لإرساء تفاهم حول الحدود البحرية والاستفادة من ثروات البحر لناحية الطاقة.
وتقول المصادر، إن ما من شك أن الوضع خطر للغاية، وذكَّرت بالموقف الإسرائيلي غداة إعلان المبادرة العربية للسلام في العام ٢٠٠٢ من بيروت في القمة العربية آنذاك، حيث جرى تصعيد عسكري وأمني غير مسبوق كان هدفه إجهاض المبادرة والتي عمليًا لم تتحقق حتى الآن، ويعتبر عدم تحقيقها السبب الأساسي وراء التطرف الفلسطيني سعيًا لنيل الحقوق.