من المؤكد أن الساعات المقبلة ستكون مفصلية ومصيرية وستحدد مسار العمليات العسكرية بين لبنان وإسرائيل والحرب القائمة منذ اكثر من عام والتي اشتدت وتيرتها واتخذت منحى تصاعديا منذ 17 أيلول الماضي، من خلال رفع إسرائيل من وتيرة عدوانها واعتداءاتها على البشر والحجر والتي طالت كافة المناطق اللبنانية وصولا إلى العاصمة بيروت، ويأتي كل ذلك بموازاة الترويج لتسوية وشيكة مع لبنان وحراك ديبلوماسي يتمحور حول حل يسبقه وقف لإطلاق النار.
ولكن بالانتظار يبدو أن أجواء التصعيد ستبقى عالية الوتيرة، وسيستمر معه التدمير الممنهج وعمليات الاغتيال وقتل المدنيين، بهدف التضييق على لبنان وممارسة ضغوط عليه للموافقة على الصيغة الأميركية التي سلمتها السفيرة ليزا جونسون إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري مؤخرا.
من هنا، فان الأنظار تتجه إلى الرد اللبناني على المقترح الأميركي والذي من المتوقع أن يتسلمه اموس هوكشتاين فور نضوج كافة المعطيات ، علما انه سادت أجواء تفاؤلية عن إمكانية الوصول إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار إذا ما صدقت إسرائيل في نواياها والتي بدورها ستستقبل المبعوث الأميركي بعد زيارته بيروت للاطلاع منه على جواب لبنان.
مصادر مواكبة للاتصالات أشارت عبر “صوت بيروت إنترناشونال” انه علينا عدم الإفراط بالتفاؤل من الرد الإسرائيلي، خصوصا أن الأخيرة عودتنا في تعاطيها على اتباع سياسة المماطلة والتسويف، وهذا ما كنا لمسناه مرات عدة في مفاوضاتها مع “حماس” والتي باءت كلها بالفشل دون إيجاد أي حل لوقف الحرب على غزة.
واعتبرت المصادر بان إسرائيل باتت اليوم تشعر اكثر من أي وقت مضى بزخمها العسكري غير المسبوق، بعد نجاحها في أهدافها العسكرية والأمنية في لبنان، من خلال تدميرها لكل ما تعتبره يشكل خطرا عليها، وبالتالي استطاعت القضاء على كبار قادة “حزب الله” وعلى راسهم امينه العام السيد حسن نصر الله وصولا الى المسؤول الإعلامي للحزب محمد عفيف إضافة الى استهداف مؤسساته بكافة قطاعاتها، لذلك ترى المصادر بان إسرائيل تعتبر ان بات لديها فرصة اليوم اكثر من السابق لتحقيق كل ما تريده من أهداف في لبنان، وهي تعمل على ذلك من خلال استغلالها الوقت الفاصل عن بدء ولاية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في ٢٠ من كانون الثاني المقبل.
واذ تعتبر المصادر ان الرد اللبناني وحده هو امر غير كافي، تلفت الى اهمية انتظار الرد الإسرائيلي، الذي ربما يرفض جواب لبنان بهدف تحسين شروطه واستحصال على المزيد من المكاسب ، لذلك فإن اسرائيل تستمر باتباع سياسة التدمير وزيادة وتيرة التصعيد استكمالا لتنفيذ مشروعها في لبنان والضغط لتحقيق شروطها في المفاوضات.
وتلفت المصادر الى انه وعلى الرغم من ان الورقة الأميركية ترتكز على القرار ١٧٠١ الذي يشدد لبنان الرسمي على التزام بتطبيق بنوده، تعتبر انه علينا في نهاية المطاف انتظار ما تريد إسرائيل تطبيقه من هذا القرار، لأنه وحسب المعطيات فإنها قد لا تجد لها مصلحة حاليا بالالتزام ببنوده، رغم الوجع الذي تتكبده من هذه الحرب، خصوصا انها تعتبر بان امنها اصبح مرتبطا بإنهاء الحزب عسكريا والحد من كافة نشاطاته، وهي تتركز على دعم من دول عدة بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، والتي ستحكم في الفترة المقبلة من قبل إدارة وحكومة تضم في أغلبيتها الفريق اليميني المتشدد تجاه ايران والموالين له بما فيه “حزب الله”، وهذا الامر يشجع بطبيعة الحال إسرائيل العمل لإنهاء دور الحزب ، مع العلم ان الرئيس ترامب حسب ما يتم تداوله فان من أولويات عهده هو السعي لإرساء السلام في منطقة الشرق الأوسط.
وتختم المصادر بالإشارة الى انه حتى ولو وافقت إسرائيل على وقف مبدئي لوقف اطلاق النار، والبدء بمفاوضات جدية مع لبنان فان الامر لن يخلو من تعقيدات وتفاصيل تعترض هذه المهمة ، خصوصا انه كما هو معروف “فان الشياطين عادة ما تكمن في التفاصيل”.