فبعد إعلانها ان الحزب منظمة إرهابية بكل الأجنحة والمعايير، ذهبت الحكومة الالمانية إلى أبعد من ذلك، إذ شمل أمس الأول السبت قرار الحظر، إلغاء مسيرة تنظمها السفارة الإيرانية سنوياً، في نهاية شهر رمضان التي يطلق عليها “مسيرة القدس” ويشارك فيها مناصرو حزب الله ويرفعون شعاراته، في رسالة صارخة وقوية ألمانية – أوروبية الى إيران… ان غداً يوم آخر!
التصنيف بين جناح سياسي وعسكري، هو من بنات أفكار ومصالح السياسة الاوروبية، الذي طالما كان مخرجاً اوروبياً لعدم قطع “شعرة معاوية” مع “حزب الله” من جهة، ومتطلبات العلاقة مع ايران. وهو تصنيف طالما رفض الحزب الاعتراف به، بل تهكم العديد من مسؤوليه حيال هذا الفصل بين جناحيه، اذ أنّ “حزب الله” وعلى لسان أمينه العام، كرّر دوماً أنه “حركة جهادية” و”حركة مقاومة”، لا تفصل في العمل الجهادي بين العسكري والسياسي. ففي 30 نيسان اي قبل أيام، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية، أن ألمانيا حظرت رسمياً وبشكل كامل “ميليشيات “حزب الله” المدعومة من إيران على أراضيها” وصنّفتها “منظمة إرهابية”. وترافق الإعلان مع تنفيذ الشرطة الألمانية اعتقال أشخاص “يُشتبه في كونهم أعضاء في حزب الله”. وذكرت وكالة “رويترز” أن الأمن داهم أربع جمعيات تابعة لمساجد في ثلاث ولايات غرب البلاد من بينها برلين، وتعتقد السلطات أن تلك الجمعيات على صلة بالحزب.
فيما الاتحاد الاوروبي لا يزال يصنف الجناح العسكري كمنظمة ارهابية من دون الجناح السياسي، والموقف الألماني هذا، يؤشر الى أن الاتجاه الاوروبي يتقدم نحو تبني التصنيف الشامل للمنظمة اللبنانية، ولكن من دون ان يقطع نهائياً تلك الشعرة التي لا تزال مرتبطة بحسابات اوروبية وفرنسية على وجه التحديد، التي لا تزال محافظة على علاقات مع “حزب الله”، لاعتبارات عدة، واحدة منها لبنانية داخلية، والثانية، تتصل بقوات “اليونيفيل” العاملة في الجنوب ومرجعية الدور الفرنسي فيها والثالثة، تلك التي ترتبط باللجوء السوري في لبنان ومنع انتقال اللاجئين الى لبنان، والرابعة وهي الأهم، ان ضعف وتراجع الدور الفرنسي في سوريا ولبنان بشكل خاص، جعل فرنسا في موقع عدم المغامرة بموقف شبه وسطي لا يزال يحفظ لها دوراً متميزاً عن واشنطن ولندن وبرلين، تلك العواصم التي اصطفت في مواجهة “حزب الله” من خلال تبني التصنيف الارهابي له.
إعلان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن “من بين الأسباب التي جعلت سلطات بلاده تتّخذ هذا القرار هو نفي حزب الله حق إسرائيل في الوجود”، يدغدغ مصالح اسرائيل التي رحبت عبر رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو بالقرار، فان إيران والقوى القريبة من ميليشيا حزب الله احالت القرار الى ضغوط اميركية وصهيونية. لكن ذلك لا يقلل من شأن الدور الخليجي ولا سيما السعودية التي كانت سباقة، عربياً وإسلامياً، في الترحيب بالقرار معتبرة إياه خطوة مهمة في “جهود مكافحة الإرهاب”.