الجمعة 9 شوال 1445 ﻫ - 19 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الأفران تحتضر في النبطية... "إنها العجنة الأخيرة"!

لا كهرباء، لا إشتراك، لا مياه، لا غاز ولا مازوت، لا سلع ولا اموال. وتكرّ سبحة اللاءات التي غيّرت حياة الناس، تركتهم في مواجهة مباشرة مع الأزمات التي لا تُعدّ ولا تُحصى. بات المواطن ينام على أزمة، ويستيقظ على أخرى. خرجت “كورونا” من معادلة حياته، باتت في أسفل إهتماماته.

 

ما يشغله حاله المترهلة، بات صعباً عليه مواجهة لقمته، “بأي حال ترك الدولار الناس”؟ الهمّ يُسيطر على وجوهم والحزن يعتري حديثهم، حتى تجارة الخضار خفّ بريقها بعد انتعاشها لأشهر عدّة، والأخيرة باتت كالذهب لا يستطيع شراءها الّا الأغنياء.

من أين يملك المواطن 7 آلاف ثمن كيلو الكرز اللبناني؟ أو 15 الفاً ثمن البطاطا اللبنانية غير الخاضعة للدولار؟

المشكلة تكمن أنّ التجّار يأكلون المواطن، يستغلّون الأزمة لتحقيق أرباح إضافية، مُتّكئين على حيط لامبالاة الوزارة. الأخيرة خارج السمع، لا يسمع منها المواطن الا الوعود والخطابات الرنّانة لكن على الأرض “ما في شي”. بحسابات المواطن فإن الإنهيار وقع، قد يكون رفع سعر ربطة الخبز شرارة الثورة الشعبية، فالكيل طفح عند الناس.

“كيف بدنا نعيش”؟ يصرخ الحاج عاطف، يجلس أمام محله الصغير لبيع الأدوات المنزلية، يترقّب حركة تصاعد الدولار، يخشى الأسوأ. برأيه، “لم نر حرباً ضروساً كتلك التي نُواجهها اليوم”. بحرقة يُردّد “شو بعد في أزمات لم تهبط علينا، حتى الشمعة زاد سعرها، قبل سنة كانت منسية، مع أزمة تقنين الكهرباء والإشتراك، وصل سعر الواحدة الى 3 آلاف ليرة، والمواطن عاجز عن الشراء”. بحساباته، “الأزمة خانقة والعتمة آتية”، يعترف بأن “هناك طلباً على شراء الشمع، فالناس تخشى العتمة”.

دخلنا في الوقت بدل الضائع، كل القطاعات شمّرت عن قرارها، الإقفال قريباً، حتى المنقوشة مُهدّدة، فالأفران جميعها تحتَضر، تَتَحضر للعجنة الأخيرة وربما المنقوشة الأخيرة، بعدما وقع أصحابها بين سندان غلاء الطحين ومطرقة غلاء المواد الأولية والغاز. وزاد الطين بلّة تراجع الطلب على المنقوشة بعد ارتفاع سعرها، مُقارنة بالوضع المُترهّل الذي أصاب الجميع.

وِفق الفرّان نعيم ضاهر “الوضع مش ماشي”، يواجه ضاهر الأزمة وحيداً أسوة بباقي “الفرّانة”، ظنّ أن الطحين المدعوم سيصله وكذلك الخميرة، ويتمكّن من مواصلة عمله، ولكنّ ظنّه خاب،”نسمع الدعم في الإعلام، ولكن في الواقع نشتري الخميرة بـ 25 الف ليرة بعدما كانت بـ 3500، والطحين زاد سعره أضعافاً مضاعفة بالرغم من أنه مدعوم”، ويسأل: “أين يقع الدعم، للأسف وصلنا الى خطّ النهاية”.

يُقرّ ضاهر أنّه يتّجه نحو الإقفال، فكلّ المواد الأولية إرتفع سعرها، “قد نصمد أسبوعين إضافيين لا أكثر”، لا حركة ناس داخل الفرن، ولا من يطلب منقوشة زعتر، الأخيرة طاولها الغلاء ووصلت الى 2000 ليرة بعد مقاطعة الناس لها، ومنقوشة الجبنة تخطّت الـ5000 في عدد من الأفران بعدما كانت بألفي ليرة. يضع ضاهر الأمر في خانة “غلاء تنكة الجبنة، كنا نشتريها بـ 28 الف ليرة اليوم تخطّت الـ٤٥٠ الف ليرة”.

ليست أزمة المنقوشة وحدها التي يتخبّط بها أصحاب الأفران، بل أيضا أزمة الإيجار بالدولار، ما دفع كثيرين الى الإقفال، كحال عباس الذي يوجّه صرخة غضبه بوجه الجميع “كيف بدي عيش؟ من يقف بجانبنا؟ قرّفتونا”.

سيناريو مسلسل الأزمات يتواصل مع عمّال ومستخدمي مياه لبنان الجنوبي في النبطية الذين فجّروا غضبهم بوجه الشركة، مُطالبينها بدفع مستحقاتهم المالية.

وخلال إعتصامهم التحذيري أمام مكتب المصلحة قرب آبار فخر الدين في النبطية، رفع العمّال والمستخدمون صوتهم، جاهروا بحقوقهم، إعتبروا أن سياسة ” ظلمهم ولّت”، مُشدّدين على أنّ “المصلحة قائمة على تعبهم، وإذا توقّفنا عن العمل تتوقّف كل الأعمال”. يرفض العمال أن يكونوا كبش محرقة لأحد، مُعتبرين أن مطلبهم مُحقّ في ظّل الازمة المعيشية الخانقة التي لا تحتمل مزيداً من التأخير في دفع المستحقات.