الخميس 18 رمضان 1445 ﻫ - 28 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الفيدرالية "شيطان رجيم".. أنتم أهلُ ذمّة!

في زمن عبد النّاصر أخضعَت الأنظمةُ العربيّةُ شعوبَها تحت شعار “لا صوتَ يعلو فوق صوت المعركة”،

حيث كان الصّراع العربّي الإسرائيليّ شماعة لقمع الشّعوب وسلب حقوقهم، وفي زمن ولاية الفقيه بات شعار “تحرير القدس” أداةً لتدمير المدن وقتل الشّعوب العربيّة،

وفي الزّمنَين بقيَت الشّعاراتُ شعاراتٍ، فلا الأوّل هزم إسرائيل ولا الثّاني قاومها حقّاً وحقيقةً، بل بات حرسًا على حدودها في الجولان ولبنان.

وفي لبنان، كلُّ طرح لا يناسب “الثّنائيّة الشّيعيّة” يواجه بوابل من العمالة والتّخوين والاتّهامات الخشبيّة البالية الّتي تُعيدنا إلى زمن ستالين ولينين والصّراعات الرّأسماليّة الاشتراكيّة الّتي باتت لا تصلح في هذا الزّمان وهذا المكان،

وكأنّ هذا الثّنائيّ الإيرانيّ الصّنع ينضح وطنيّةً وشرفاً، وهو من يمتلك معايير التّصنيف بين مَن هو وطنيّ ومتآمر وعميل،

والسّؤال من أنتم؟ وبأيّ حقّ تصنّفون النّاس؟ هل يحقّ لعميل صنعته الأيادي الفارسيّة ليكونَ شوكةً في خاصرة العروبة أن يحاضر ويصنّف أجناس النّاس؟

في الأسبوع الماضي تطرّق رئيس مجلس النّوّاب نبيه برّي إلى ما أسماه “الأصوات النّشاز الّتي بدأت تعلو في لبنان مناديةً بالفيدراليّة كحلّ للأزمات”، مُحذّراً منها، لأنّ “لا الجوع ولا أيّ عنوان آخَر يمكن أن يجعلَنا نستسلم لمشيئة المشاريع الصّهيونيّة”، مُشدّداً على وحدة “دول الطوق” لمواجهة صفقة القرن، وطبعاً الجميع يعلم تبادل الأدوار بين برّي ونصر الله، والجميع يعلم لماذا تتوجّس “الثّنائيّة” المسيطرة على الحكم، والجميع يعلم أنّه مِنْ إحدى وسائل الاستهداف، أي مشروع مقلق ربطه بالصّهيونيّة والاستكبار العالميّ. وأضيف الآن مصطلح “صفقة القرن” لتكون شماعة جديدة تستخدم “غب الطّلب”، تماماً كما شعارات “الموت لأمريكا” و”تحرير القدس”.

ومن المُلفت أيضاً عندما نسمع “بالثّنائّي” الطّائفيّ يتحدّث عن الدّولة المدنيّة وإلغاء الطّائفيّة السّياسيّة، في حين هم عبارة عن أحزاب أيديولوجيّتها مذهبيّة متطرّفة وقادتهم “عمائمُ بيضاء أو سوداء”، فعلاً كم هو جميل وملفت نموذج الدّولة المدنيّة الإيرانيّة الّتي تبشرون بها!

في الواقع قد يكون الثّنائيّ الشّيعيّ الحاكم متفاجئًا من تنامي قبول الطّرح الفيدراليّ في لبنان كإحدى الحلول المطروحة للخروج من الأزمات اللّامتناهية الّتي مرّت على اللّبنانيّين منذ الاستقلال الأوّل، وهي مستمرّة مع رحلة البحث عن الاستقلال النّهائيّ. وقد يكون الثّنائيّ نفسُه يسأل “لماذا رغم سطوتنا على الحكم بالمال والسّلاح وكلّ وسائل الإغراء لم يقتنع اللّبنانيّون بحكمنا وفكرنا وتموضعنا الإقليميّ”، في حين يظهر النّموذج الفيدراليّ أكثر قبولاً ولا ينحصر في مكوّن طائفيّ أو مذهبيّ معيَّن.

فهل تعلمون لماذا “الفيدراليّة” هي الحلّ؟

بصراحة ووضوح، لأنّ اللّبنانيّين لم يعودوا يستطيعون تحمّلَ مغامراتكم واستفرادكم بالقرار واستجلاب المصائب والكوارث على وطننا من كلّ حدب وصَوب. اللّبنانيّون يطالبون بالفيدراليّة لأنّكم سيطرتُم على الدّولة والمؤسّسات، وعزلتُم لبنانَ عن العالم وباتت جميع المكوّنات أهلَ ذمّةٍ تعيش الخوف والمَذلّة.

وهل تعلمون لماذا أنتم لا تريدون الفيدراليّة؟

فَبصراحَةٍ أيضا ووُضوح، لا تريدون الفيدراليّةَ لأنّكم تريدون لبنانَ مَجالاً حيويّاً وليس وطنًا، تريدون من اللّبنانيّين دفعَ “الجزية” لتبنوا اقتصادَكم “المقاوم”، تريدون من أهل جبل لبنان دفع رسوم المياه والكهرباء لتنعمَ مناطقُكم بها، وتريدون من أهل بيروتَ دفع رُسوم الضّرائب لتستوردوا بضائعَكم الإيرانيّة، وتريدون من جميع اللّبنانيّين أن يكونوا جماهيرَ خاويةً تنتظر فتاتكم.

في النّهاية، ما مِن بطل خفيّ ولَو بعد حين، فالحقيقة كالشّمس ساطعة! أنتم مشاريعُ إيرانيّة، لا تؤمنون لا بلبنان ولا بوحدته، لا تريدون لبنانَ وطنًا مزدهرًا ينعم أبناؤه ببحبوحة ورفاهية وتقدّم واستقرار، إنّما تريدونه خطاً أوّلاً للدّفاع عن المفاعلات النّوويّة الإيرانيّة وصواريخها البالية ومشاريعها التّوسّعيّة، ومعظم اللّبنانيّين لا يريدون ذلك.

وتسألون كيف تكون الفيدراليّة هي الحلّ؟

الجوابُ واضحٌ! اجعلوا مِن مناطقِكم ترساناتٍ عسكريّةً إيرانيّةً واستقدموا الصّواريخَ من الهندِ والسّند، وافعلوا ما تشاؤون وابنوا منظوماتِكم الّتي تناسبُكم وافرحوا وهلّلوا لسيّدكم الخامنئيّ، وقوموا بتنمية مناطقكم بمواردكم وضرائبكم، واتركوا اللّبنانيّين وشأنَهم، فأنتم عيشوا بعزلتكم الإيرانيّة، واتركوا الآخرينَ بحياتِهم وحرّيّتهم، وإن كانوا على ضلال اشمتوا بهم وعايروهم حتّى آخر الزّمان.