الخميس 9 شوال 1445 ﻫ - 18 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

باسيل يبحث عن الصفقة الأربح: حزب الله أم أميركا؟

تختلف المعركة الحالية عن المعارك التي خاضتها قوى الثامن من آذار سابقاً. كل المعارك السياسية المحلية والخارجية، منذ ما قبل وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، كان جبران باسيل على رأسها وفي واجهتها.

 

وقبل وصول ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، كان جبران باسيل يتصدر المعارك السياسية المحلية والخارجية التي خاضتها ما كانت تسمى قوى 8 آذار. فحزب الله منح هذا الدور لباسيل، وساهم في تكبيره أكثر من شغف “عمه” ميشال عون به.

الوزير الأول

كانت حدود المعركة داخلية، ببعدٍ إقليمي مداها في إيران وسوريا. واتخذ باسيل لنفسه دور خط الدفاع المسيحي الأول عن هذا الثنائي، معتمداً بروباغندا “التحالف المشرقي” (أو حلف الأقليات)، على غرار اعتماد حسن نصرالله على بروباغندا “السوق المشرقي” في خطبه الأخيرة. الاندفاع العوني – الباسيلي كله، كان هدفه واحد أحد: الوصول إلى السلطة، من الوزارة إلى النيابة، فرئاسة الجمهورية.

فباسيل تحول وزيراً ثابتاً في الحكومات كلها. وبعد تسوية العام 2016، منحه حزب الله صفة الوزير الأول الموازي لرئيس الحكومة. وعندما اشتدت المعركة، وفُرضت قواعد جديدة في تشكيل الحكومات اللبنانية، كأنما هناك من قال لباسيل: أنا من أوزِّرك وأُولّيك الوزراة أو أحجبها عنك.

أرق الرئاسة

بالطبع ليس حزب الله من قال لباسيل ذلك، بل القوى الدولية التي تدخل على خطّ تشكيل الحكومات وإنجاز الانتخابات والاستحقاقات في اللحظات المفصلية.

لقد كانت الرسالة الأميركية واضحة لباسيل: نحن من يسمح لك بأن تكون وزيراً، أو تكون خارج الحكومة. وهذا ينسحب بالطبع على رئاسة الجمهورية، المسكون بها باسيل، وتؤرّق لياليه، على مثال ما أرقت ليالي عمه ميشال عون.

تغيّر قواعد اللعبة والاشتباك مستمران. ومن مظاهر هذا التغير أن باسيل لم يعد في موقع القادر عن خوض المعارك باسم حزب الله ومحور الممانعة.

نهاية دور؟

فالمعركة اليوم بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، تدور هجوماً ودفاعاً، على يتصدر المشهد في لبنان، وحزب الله في خضمها. لكن عندما تلوح بوادر التسوية، لن يكون لباسيل أي دور. فحزب الله لن يمنحه دوراً كالسابق. إذ لم يعد يحتاج إلى ذلك، ما دام قادراً على الذهاب بنفسه إلى عقد الاتفاق مع الجهات الإقليمية والدولية. ولن يعطى باسيل ما ظنّ أنه صار ملكه، لأن حزب الله منحه إياه في السنوات الماضية، وتكرس عندما كان وزيراً للخارجية. لكن ليس حزب الله هو وحده من يسحب الأوراق من يدي باسيل. الأرجح أن للأميركيين صلة بذلك أيضاً. وهذا على قاعدتهم التهديدية والابتزازية للتيار العوني، الحالم دوماً بالرئاسة. لا بد له أن يدفع فواتير كثيرة في طريقه إليها.

وباسيل لا يمكنه التضحية بتحالفه مع حزب الله لتحسين علاقاته الأميركية. فالتحالف العوني الحزب اللهي استراتيجي، وضرورة للحزب وإيران. لكن الباب الباسيلي الوحيد الذي يظن أنه قادر عبره تعويم صورته، هو التماشي مع الضغوط الأميركية التي ستتزايد على النظام السوري.

التنصل والكذب

لذا، أثار باسيل ملف المعابر غير الشرعية. وهو يحاول التنصل من الحكومة التي كان أحد أبرز المؤسسين لتشكيلتها. وها هو يتحين الفرص الآن لنفض يديه منها: تارة بالهجوم على خطتها الاقتصادية، وطوراً بالتعميم على المسؤولين العونيين كي يقولوا ويكرروا إنهم غير موجودين في الحكم.

يظنّ باسيل أنه قادر على التنصل من الحكومة لتحسين صورته وعلاقاته الأميركية. وعلى الابتعاد والتمايز عن النظام السوري، في مقابل حفاظه على علاقته الاستراتيجية بإيران وحزب الله. وهو في هذا يعتبر أن “قانون قيصر” موجه ضد نظام الأسد ومن يتعاون معه، وغير موجه ضد إيران. إنه يراهن على عقد اتفاق جديد بين طهران واشنطن يأتي به رئيساً للجمهورية، تماماً كما كانت مندرجات الاتفاق بين إيران وأميركا في عهد باراك أوباما.

خيوط متناقضة

لكن حزب الله اليوم يرى نفسه في مكان، وحلفاءه والأفرقاء الآخرين في مكان آخر. فهو يقارب التطورات من منظار واسع جداً، بخلاف كل حلفائه الذين ينظرون إلى كل خطوة يخطونها من زاوية مصلحية ضيقة.

ولا يتوقف باسيل عن البحث عن تحسين وضعه مع الأميركيين، معتمداً شتى الأشكال والمناورات. وفي سبيل هذا الهدف، عقد لقاءات كثيرة في أيام معدودة. وهو يطرح مواقف متعددة من شأنها أن تحسّن صورته الأميركية. إنه يحاول القبض على خيوط متناقضة في علاقاته السياسية. لكن ذلك لا يبدو أنه سينفعه مجدداً، فقواعد اللعبة تغيرت.