السبت 9 ذو القعدة 1445 ﻫ - 18 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بعد تفشي كورونا الفيروس "التاجي".. نحن في إيطاليا، نعيش بسلام ونموت بسلام ، وننتظر !

MONICA MAGGIONI مونيكا ماجيوني ، هي صحفية مخضرمة ومديرة تنفيذية لشركة Rai Com التي تنتمي للتلفزيون العام الإيطالي .

قبل أن يأتي الفيروس ، كنت ارتاد طريقي المعتاد ذهاباً وإياباً للعمل ، من ميلان إلى روما. لقد صرفت النظر عن الأخبار الأتية من الصين .

وحتى حين انتقلت العدوى إلى منطقة كودنجو بالقرب من ميلانو ، كانت بالنسبة لي خبراً إخباري آخر .

وهكذا ، ومع إقتراب الفيروس والمرض ، فوجئت عندما اكتشفت أنه يجب إتخاذ قرارات صعبة وسريعة أيضاً .الأول : أين سأنتظر إنتهاء هذه الحالة ؟ هل أبقى في روما حيث أعيش ، أو أعوذ إلى القرية الصغيرة خارج ميلانو حيث يعيش والدي المسنين؟ في النهاية ، اخترت أن أعيش مع والداي في حل إحتاجو لي .النتيجة كانت أن عائلتي انقسمت إلى قسماً بسبب الفيروس.

الأن أجد نفسي محصورة في مكان ، علق فيه الوقت . حيث أن جميع المتاجر مغلقة بإستثناء الصيدليات ومحلات البقالة .

جميع الحانات والمطاعم مغلقة ، والشوارع فارغة تماماً . يحظر حتى المشي إذ لم تحمل وثيقة توضح للسلطات سبب مغادرة المنزل. أما الأن فهذا الإغلاق إمتد من لومباردي ليشمل البلد بأكمله.

بالنسبة للعديد من الايطالين لم تكن التحذيرات العادية كافية لتغيير سلوكهم . حالة النكران عند الايطالين سيطرت على الوضع ، فألقي اللوم على بعد الموزعات الجرثومية الأجنبية ، والتظاهر بأن الأخبار كانت غير واقعية . لكن الحقيقة كان مختلفة ، فيوم الأحد الماضي ، ألقى البابا فرنسيس كلامه ليس من نافذته العادية في الفاتيكان ولكن خاطب الجماهير عبر خاصية الفيديو وذلك لتجنب الحشود في ساحة القديس بطرس . وهذه كانت واحدة من أقوى الإشارات للتنبه للمرض.

أما الأن ، فتم إغلاق جميع الأبواب الخشبية للكنائس ، في جميع القرى . لاينسى الكبار في السن ، في بلدة لومباردي كيف أن الكنائس كانت ملجأً للجميع في الحروب ، كانت مكاناً للراحة المشتركة.

أما الأن فحتى الجنازة ليس مسموح بها ما زاد الألم عند الأفراد. ففي هذه الأيام ، يموت الفرد بسلام في إيطاليا ويدفن بسلام .

الآن الهدوء سيد الموقف . هذه الحرب هي حربٍ صامتة : لا قنابل لا إطلاق نار ، لا صراخ . لا سيارات لا درجات نارية ولا أطفال يلعبون في الشارع .

الآن معظم انشطتنا اليومية العادية ممنوعة ببساطة و بالنسبة لبلد الحياة فيه حيوية ، يعتبر هذا التغيير قاسي جداً على الأفراد. بكل الأحوال إذا سارت هذه الأمور على ما يرام ، سيكون هناك وقت للحياة .

كالجميع ، أبقى على إتصال مع جميع الأصدقاء والزملاء والرفقاء عن طريق الهاتف والرسائل النصية وال-whatsapp.هذه طقوس جديدة ، طريقة لإبقاء الأسرة قريبة من بعضها.

أما على وسائل التواصل الإجتماعي ، تكاثرت ال-LINKS والأحاديث والمعلومات حول الفيروس. لدي صديقان متزوجان أطباء ، الذين دائماً ما يتكلمون عن هذا الفيروس. من الصعب أن أصف ما الذي يمرون به.

فمثلاً ، عدم وجود أسرة كافية للعناية المركزة يجبرهم على إتخاذ قرارات مستحيلة : من علينا مساعدته ؟ من الأولى بالعلاج ؟ من هو الأضعف ؟ من الأكبر سناً ؟ هذه اسئلة كافية لإضعاف قوة الانسان .

دائماً ما يقول لي، أنه إذا استمرت الأرقام في النمو السريع كما هي الآن، سوف تخرج الأمور عن السيطرة ، وهذا ما يحدث في لومباردي الآن مع العلم أنها تمتلك نظام رعاية صحي كامل متكامل .

إن أعداد المصابين ، سوف تقل مع الإقفال الجاري ،وسوف تقل وتيرة العدوى . ولكن هذا سوف يستغرق العديد من الوقت .

بالطبع أعرف ، أن ما يحصل الآن في لومباردي ، سوف يحدث لاحقاً في روما ، فرنسا وألمانيا . قد تلحقنا أمريكا لاحقاً بعد أسبوع أو اسبوعين . كما يبدو أن أنها نفس التحولات تحدث للدول من ناحية الإدراك ، الخطاب السياسي ،الاعتراف بالمرض. كلها تغيرات تعتمد على قدرة الدولة بالأعتراف بالمرض وال تعامل معه.

مع كل هذا ، ما زلت أرى بوادر أمل : فالمؤسسات الإيطالية تعمل، والأطباء والممرضات يعملون ليلاً نهاراً بلا تعب أو كلل مخاطرين بحياتهم لمساعدة الأخرين وإنقاذ حياتهم. في ميلانو مثلاً ، هناك إحساساً جديداً أضاف للمجتمع فنرى الشبان والشابات يقدمون وقتهم للجيران الأكبر سناً الذين بطبيعة الحال يلتزمون الحجر المنزلي.

سيأتي الوقت بحيث سيتم تقييم كل ما حدث ، ما الصح وما الخطء وانما في الوقت المناسب لذلك.

لقد أدركنا أن هذا ليس مجرد إنفلونزا عادية ، انما هو فيروس جديد ورهيب يتحدى أمة بأكملها ، أوروبا والعالم. أما العلاج ، فحتى الأن هو ليس متوفر ، كل ما علينا عمله هو إحترام كلام العلماء و اتباعه. بلاضافة إلى ألشعور بأنه يوجد نظام رعاية صحي قادر على إكتشاف تحركات الفيروس القديمة.

في الوقت الحالي ، لا استطيع أن أرى شيئاً خارج نافذتي غير الموت .. وصوت سيارات إسعاف تكسر الصمت من وقتٍ لأخر.

في إيطاليا ، إن لم تكن مشغولاً في محاربة المرض ، ستتكتف تحبس أنفاسك وتنتظر ..

تنويه: هذا المقال قام فريق عمل موقع راديو صوت بيروت إنترناشونال بترجمته من الإنجليزية في موقع THE WASHINGTON POST