الخميس 18 رمضان 1445 ﻫ - 28 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

بعد زيارة ماكرون للبنان... ها هو مخاض ولادة لبنان الجديد !!!

‏بعد التواطؤ والفساد المستشري والسلاح الّذي يحميه لمصالح مشتركة، المجزرة الموصوفة الّتي أهرقت ما تبقّى من دماء اللّبنانيّين المزهوقة على مذبح الحروب الدّاخليّة والخارجيّة تصرّح بأنّه آن الأوان لأن يكون لبنان لبنانيّاً، وآن الأوان لأن يكون قصر الشعب قصراً للشعب، وها هو مخاض ولادة لبنان الجديد …

 

‏كانت حادثة مرفأ بيروت الأشبه مقاربةً بإنفجار مفاعل تشرنوبيل النووي الّذي فكّك الإتحاد السوفييتي ووضعه قيد الإضمحلال بعد هيمنته الشاملة على العديد من الدول ورسم مصائرها، وهذا ما سيحصل بالنّسبة للبنان، فهو لم يعد يتّسع لأجندات غير وطنيّة تخدم الفساد والحروب العبثيّة إثباتاً لأيديولوجيّة متفاوتة متقادمة إمتهنت كرامات الشعوب ونهبت مقدّراتها …

‏جاءت زيارة الرّئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” بُعيد الجريمة الّتي حلّت بلبنان كرسولٍ دولي وناطق بإسمه مع رؤساء الكتل النيابية ومن بينهم “محمد رعد” رئيس الكتلة التابعة لحزب الله، فخرجوا بوجوهّ مكفهرّة لما سمعوا من توبيخ وما تلقّوا من رسائل …

‏كانت خلوة الرّئيس الفرنسي برئيس كتلة حزب الله النّيابيّة هي لبضع دقائق أوصل فيها رسالة إتّضحت معالمها في الخطاب الّذي تلاه “ماكرون” وطالب فيه بميثاقيّة جديدة وعقد سياسي جديد للبنان موضحاً بمنطلق سياسي منمّق أهميّة إتّخاذ اللّبنانيّن موقفاً واضحاً من السلاح الّذي يقبع خارج يد شرعيّة الدولة مع إعرابه عن وقوف المجتمع الدّولي معه مردفاً بأنّ العقوبات لم تُجدِ نفعاً وهذا ما يفسّر أنّ أي خطأٍ سياسي سيتبعه ضربٌ تحت الحزام يذهب ضحاياه آلاف الأبرياء وفقاً للأحداث والتّصريحات الخارجيّة السابقة والمواكبة للمشهديّة اللبنانيّة الّتي ما عادت تحتمل ولو رضّة …

‏ما لم ينتبه له اللّبنانيّون هو إمكانيّة خسارة فرنسا لضحايا تنتمي للقوات المتعددة الجنسيات الّتي تضرّرت بسبب ما حصل في مرفأ بيروت وما يكون قد جعلها تستشعر الأخطار المحدقة بلبنان وما يحوي إن لم يتمّ معالجة ملف حزب الله في لبنان، وهو ما إستدعى قدوم الرّئيس “ماكرون” إلى لبنان على عجل وفتح هذا الملف ليوضع قيد خريطة العقد السياسي المذكور آنفاً؛

‏كان المعنى السياسي لتبعات حادثة المرفأ واضحاً، وهذا ما أظهرته تلاميح الوجوه المتصدّة للمشهد السياسي في المجلسين التشريعي والتنفيذي وما يعاونها من إعلاميّين، والخطاب الأخير لأمين عام حزب الله كان كافياً لإجلاء الصورة بشكلّ أكبر وهو الّذي سكت عن ما حصل في “سبت المشانق” وإرتضى بإحراقها في غياهب اللّيل دون التّعرض لأي ثائرٍ أو متظاهرٍ على خلاف ما جرت العادة طيلة خمسة عشر عاماً مضوا …

‏يبدو أنّ حزب الله قد جنح مرغماً لا بطلاً لإنفاذ رغبة اللّبنانيّين بضغط دولي، ليس محبّةً منه لهم إنّما السياسة العاقلة تفرض إيقاعها بهكذا إتّجاه، فصورة الوطنيّة تبتعد عن الأيديولوجيّة المتطرّفة الممتهنة من قبلهم لكنّ موجات نداء الحياة لها قوّة إستراتيجيّة تجذب أصحاب القرارات الإستراتيجيّة؛

 

‏بدأت الإستقالات في المجلس النيابي والحكومة تأخذ منحاها على التّوالي وهو ما يُرجّح أن يكون تمهيداً لسقوط “ميشال عون” الّذي كان بمثابة رصاصة الرّحمة على ما تبقّى من لبننة لبنان، فهدم أحجار الأساس المتبقيّة من الطين اللبناني الهشّ غير اللّازب كان على يده، وهو من سمّى قصر بعبدا بقصر الشّعب فآن الأوان لأن يُمسي قصر الشّعب قصراً للشعب وقراره للشعب ولمصلحة الشّعب، وحان الحين لأن يكون لبنان لبنانيّاً بعيداً عن تجاذبات المحاور والهيمنة الإيرانيّة وفائض القوّة الّذي رسّخ مسرح الإغتيالات وضرّج الثوارت بدماء منظّريها منذ عام ١٩٩٨ حتّى اليوم …

‏الرّؤية المسيطرة على السّاح اللّبناني هي رؤية اللبنانيّين على الرّغم من محاولة تشوييها بأسلوب إعلامي أصفر، فصرخات التّحرّر من السّيطرات الإيرانيّة على مرافق البلد وقراراته الإستراتيجية هي ليست مناوأة إنّما قراراً إتّخذه الشعب برغبة جامحة كما كانت رغبتهم إتّجاه النظام السوري عُقب إغتيال الرّئيس الحريري …