الخميس 18 رمضان 1445 ﻫ - 28 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

ثورة الجياع على مافيا المصارف... حيتان المال يفلسون لبنان وعلى رأسهم "بنك MED"

انطلقت الثورة اللبنانية الى مرحلة جديدة مع تصويب الثوار في الاسابيع الاخيرة على المصارف التي يمتلك السياسيون معظمها، وذلك بعد القيود الخانقة التي فرضتها المصارف على صغار المودعين مانعة اياهم من الحصول على اموالهم ورواتبهم.

في الامس كان انفجار الغضب الشعبي في شارع الحمرا، على مصرف لبنان والمصارف المتواجدة في المكان، حيث حطم المحتجون وكسرّوا واجهات البنوك، واشتبكوا مع القوى الامنية التي اطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريقهم كما اوقفت العشرات منهم…

ما يحصل في لبنان الان هو ثورة الجياع على مافيا المصارف، التي تآمرت مع مصرف لبنان من اجل تجويع الشعب ودفعه الى التراجع عن الثورة والتركيز على لقمة العيش التي اصبحت حلما في ظل هكذا وضع، لكن ما حاكه رياض سلامة ورؤساء المصارف لم يمّر على الشعب اللبناني الذي كشف اللعبة وصوب البوصلة نحوها وفجّر غضبه في وجهها.

من رفع سعر الدولار امام الليرة الى تقليص سقف سحوبات المودعين الى 100 دولار في الاسبوع حاول سلامة والمصارف الانقضاض على الثورة والثوار، والفضيحة الكبرى تهريب 7.2 مليار دولار إلى سوريا لدعم الليرة السورية بتخطيط من “حزب الله” من خلال إيداع أموال بالليرة اللبنانية في المصارف، ومن ثم سحبها بالدولار ليتم تسليمها الى بعض الصرافين ومن بعدها تحويلها إلى سوريا… الانفجار حصل بعد عقود من تراكمات نظام مالي أثرى المصارف والسياسيين، واوصل الدين العام الى الرقم المريب، وذلك بسبب الصفقات التي أبرمها مصرف لبنان مع المصارف التجارية المحلية لجذب العملات الأجنبية من خلال تقديم أسعار فائدة أعلى ومتزايدة على الدين العام، في مقابل ودائع بالعملات الأجنبية، في مخطط خبيث لم يشعر به المواطنون الى ان وصل الوضع المالي للانهيار فتكشفت الحقائق ومعها حيتان المال.

فسيطرة السياسيين على المصارف مكشوفة، حيث ان العدد الاكبر من المصارف تعود لعائلات سياسية او لمقربين منهم، على رأسها ” بنك ميد”، الذي لم يسلم من تهاوي إمبراطورية الحريري المالية،

فبعد ان كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري يمتلك المصرف منذ نهاية الثمانينيات، انتقل لوريثه سعد الذي لم يستطع الحفاظ عليه، وقد تخلّى شقيقه أيمن عن حصّته الوازنة لرجل الاعمال الاردني علاء الخواجة ومن ثم استحواذ شركاء الخواجة ريمون وتيدي رحمةعلى حصّة في رأس المال، كما ان لنازك الحريري اسهما في المصرف الذي اغدق عليه رياض سلامة الأرباح من المال العام ما ساهم في زيادة الدين العام للبنان بنسبة 27 بالمئة، ومع ذلك لم يتمكن من الخروج من أزمته، وهذا ما دفع الحريري الى اطلاق موقفه الارعن بعد اجتماعه مع سلامة اليوم حيث اعتبر مشهد التكسير مرفوض وحاكم مصرف لبنان لديه حصانة ولا أحد يستطيع عزله.

كذلك تعود ملكية “فرنسبنك” للوزير السابق عدنان القصار المقرب من الرئيس الحريري، وبنك بيبلوس الذي يرأس مجلس ادارته فرانسوا سمعان باسيل المحسوب على محور 14 اذار، ووليد روفايل رئيس مجلس إدارة البنك اللبناني الفرنسي مقرب من ذات المحور، وبنك عودة التي انتقلت رئاسة مجلس ادارته من ريمون عوده الذي شغل رئاسة البنك منذ تأسيسه في عام 1962، الى سمير حنا ليبقى ريمون عوده رئيسا فخريا للبنك وهو المعروف بعلاقته المشتركة مع سياسيين من مختلف المحاور، اما أنطون صحناوي – رئيس مجلس إدارة مجموعة بنك سوسيته جنرال في لبنان وهو واحد من الطبقة الرأسمالية المتحكمة بالبلاد فمقرب من القوات اللبنانية وقد سبق ان خاض الانتخاب كمستقل في بيروت الأولى. في حين يرأس الدكتور نعمان الأزهري وهو رجل اعمال لبناني من اصل سوري بنك لبنان والمهجر، وهو مقرب من الرئيس الحريري، اما بنك بيروت فيرأسه سليم صفير المقرب من جنبلاط، ومروان خير الدين يرأس مجلس ادارة بنك الموارد وهو مقرب من طلال ارسلان.

في ايلول من السنة الماضية أعلن “جمّال ترست بنك ش. م. ل” في بيان، أنه “على ضوء قرار الخزانة الأميركية القاضي بإدراج “جمّال ترست بنك ش. م. ل” على قائمة الـSDGT بتاريخ 29 أب 2019 اضطر مجلس الادارة الى اتخاذ القرار بالتصفية الذاتية بالتنسيق الكامل مع مصرف لبنان”، كذلك بنك سوريا ولبنان، وبنك صادرات ايران مقربان من “حزب الله”.

سلسلة الفساد مترابطة حيث تصرف الدولة 36% من ميزانيتها على الدين العام، ليعود الربح الى المصارف فتموّل مشاريع انمائية من خلال الحكومة من دون ان تعود بفائدة على الشعب، بل فقط على اصحاب المصارف، وذلك بالتواطؤ مع مصرف لبنان، فالطقم السياسي الذي يمعن في الفساد يرفض وضع استراتيجية لانقاذ الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، سواء عبر سياسة مصرف لبنان، أو السيطرة على المصارف وتغييب دور وزارة المال.فالارباح الخيالية لقطاع المصارف هي احد اعمدة النظام الاقتصادي المترهل، فهذا القطاع ابتلع الدولة وامتلكها، وانفرد بارباح تتخطى الناتج المحلي لدول كبرى بأضعاف.

في ورقة عمل بعنوان “تشريح الأزمة النقدية” نشرها الخبير في الشؤون المالية توفيق كسبار، حمّل خلالها سلامة مسؤولية اندلاع الأزمة النقدية القائمة بسبب لجوئه إلى هندسات مالية أغرقت مصرف لبنان في الالتزامات بالعملة الأجنبية، وحوّلت صافي احتياطاته منها إلى “سلبي” بقيمة 48.9 مليار دولار. و شرح كسبار ان اعتماد سعر صرف لليرة ثابت مقابل الدولار في ظل سياسات مالية فضفاضة وغير خاضعة للرقابة، يعد مصدراً للفساد السياسي والمظالم الاقتصادية التي شكّلت المحرك الأساسي للانتفاضة الشعبية المستمرّة، اضافة الى “فقدان لبنان لسيادته”، وكما قال كسبار فإن إقرار حزب الله علناً بخضوعه أيديولوجياً وسياسياً وعسكرياً للمرشد الأعلى في الجمهورية الإيرانية، يعني أن قراراته السياسية والعسكرية الكبرى خاضعة لسلطة أجنبية وغير قانونية “لا يمكن أن تُبقي أي بلد مستقراً أو مزدهراً”.

الازمة المالية دفعت الثوار الى الاعتصام عدة مرات أمام عدد من المصارف، تعبيراً عن رفضهم لسياساتها لاسيما سياسة مصرف لبنان المركزي في التعامل مع الأزمة المالية والاقتصادية في البلاد، كما اعتصم الثوار أمام جمعية المصارف وسط بيروت، تحت شعار “مش دافعين”، كدعوة إلى عدم تسديد أقساط قروض المصارف، حيث طالبوا سلامة، باسترجاع الأموال المنهوبة ودعم السوق المحلية، وإزالة القيود التي وضعتها المصارف على أصحاب الودائع، ليقع في الامس الانفجار الشعبي ضد المصارف والطبقة الأوليغارشية وإمبراطورياتها، مع العلم ان مصرف لبنان وباقي المصارف يلعبون دورا في توجه وسائل الاعلام، بعد تداخل المصالح بينهما، اما من خلال منح قروض من دون فائدة لاصحاب المؤسسات او من خلال برعايتها لبرامج في القنوات، والدليل وصف وسائل الاعلام الداعمة للثورة ما حصل في شارع الحمرا من تكسير للمصارف باعمال شغب وتخريب.

المصارف هي احد هياكل الفساد في لبنان، التي اوصلت الشعب الى الجوع، لذلك كانت ثورة الجياع على هذه المافيا التي عاثت فساداً في لبنان حتى اوصلته الى الافلاس.