الخميس 16 شوال 1445 ﻫ - 25 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

ثورة لبنان التي هزت عروش السياسيين مستمرة رغم كل محاولات التعتيم الإعلامي

17 تشرين الاول، يوم مجيد في تاريخ لبنان، ففي ذلك اليوم كانت بداية السيل الشعبي الذي نزل الى شوارع الوطن من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، معلناً الثورة على كل الطبقة الحاكمة ومطالباً بمحاسبة جميع المسؤولين واسترداد الاموال المنهوبة.

ازمات متراكمة دفعت اللبنانيين الى اعلان الثورة، من الحرائق التي اجتاحت الاحراج في عدة مناطق لبنانية وعدم تمكن السلطة من السيطرة عليها لعدم صيانة طائرات الهليكوبتر الخاصة باطفاء الحرائق، الى ازمة البنزين والقمح، والعقوبات الاميركية على مصارف لبنانية لها ارتباطات بحزب الله، وفشل الحكومة اللبنانية في إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية التي تلوح في الأفق، والضرائب التي ازدادت وتوسعت بشكل مخيف حتى وصل الحال الى اقتراح الوزير محمد شقير فرض ضريبة على مكالمة “الواتساب” لتكن بمثابة القطرة التي “طفح” كيل الشعب بسببها، وخلف ذلك كله ازدياد قوة ونفوذ “حزب الله” وسيطرته على مفاصل الدولة بقوة سلاحه غير الشرعي.

تفجرت الثورة في كل مدن ومناطق لبنان، ضد الطبقة الأوليغارشية المافيوية التي افلست خزينة الدولة بسرقاتها، وقد شارك فيها مواطنون من كل الطوائف والمذاهب،

ولاول مرة شهد لبنان مظاهرات في العمق الشيعي ضد “حزب الله” و”حركة امل”، وما ميز الثورة اللبنانية ان لا قائد لها، ولا تخضع لاي حزب او زعيم، وضد كل المسؤولين حيث الشعار الاساسي الذي رفعته “كلن يعني كلن”، وهذا ما ارعب السياسيين والاحزاب على رأسهم “حزب الله” حيث سارع حسن نصر الله الى اطلاق لاءاته بالقول في خطابه الشهيرة “قلنا إننا لا نقبل بإسقاط العهد ولا نؤيد إسقاط الحكومة ولا نقبل بموضوع الانتخابات المبكرة، ونحن نعمل لحماية البلد من الفراغ الذي سيؤدي إلى الانهيار، ونحن معنيون بحماية البلد ولا نحمي الفاسدين ولسنا ضد المتظاهرين، وجاهزون لتقديم دمنا وماء وجوهنا لحماية بلدنا”.

هزّت الثورة اللبنانية عرش الطبقة الحاكمة، تخبط الزعماء في جدران الفزع من ان يفقدوا ما ارسوه من نظام فاسد على مدى سنين،

سارعوا للبحث عن طوق نجاة، فاعلن الحريري عن ورقة اصلاحية تشمل خطة تقشفية من دون ضرائب جديدة في محاولة منه لامتصاص الغضب الجماهيري الا انه لم يفلح في ذلك ما دفعه الى تقديم استقالته، لينتقل و”نصر الله” الى الخطوة الثانية في محاولة الانقضاض على الثورة من خلال اللعب على العصب الطائفي للحفاظ على النظام السياسي الطائفي، سبق ذلك هجوم زعران الحزب و”حركة امل” و”التيار الوطني الحر” على خيم الثوار، وفتح الطرقات بالقوة من قبل القوة الامنية من أجل فرض ما يشبه الحياة الطبيعية وارغام الثوار على الانكفاء في الساحات، وعلى الرغم من ذلك صمد الثوار في وجه كل محاولات الطبقة الحاكمة التي سقط كذلك رهانها على الوقت لانطفاء الثورة.

ومنذ انطلاق الثورة لجأ النظام الفاسد الى وسيلة الضغط المالي على الشعب اللبناني من خلال رفع سعر صرف الدولار امام الليرة اللبنانية، ترافق ذلك مع شح الدولار من السوق واتخاذ المصارف اجراءات غير قانونية بحجز اموال المودعين لديها، فيما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يتصرف وكأنه خارج الموضوع، فلم يحرك ساكناً عند تقييد حركة الأموال وتخفيض سقف السحوبات الى المئة دولار في الاسبوع. لا بل ذهب بعض السياسيين الى الحديث عن مجاعة قادمة على لبنان وذلك من باب التهويل على المواطنين وترهيبهم وحسهم على ترك الثورة والانشغال بلقمة عيشهم.

بعد استقالة الحريري عمد الى حرق اسم كل من طرح بديلا عنه لرئاسة الحكومة، ليتخذ بعدها “حزب الله” قرار المواجهة، مرشحا وزير التربية السابق في حكومة الرئيس ميقاتي الدكتور حسان دياب لرئاسة الحكومة قبل ساعات من بدء الاستشارات النيابية ليتم تكليفه بـ 69 صوتاً،

وها هو يعمل لتاليف حكومة “حزب الله” التي سيقتصر دوره فيها فيما لو شكلت على التوقيع،

في حين سيلعب رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل فيها دور “الكومبارس” وستعكس قبضة الحزب على لبنان، وتضعه في مواجهة الدول الغربية والاقليمية وسيكون المواطن اللبناني الخاسر الاكبر بعد تدهور الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي بسببها.

نجحت الثورة اللبنانية في تمددها وتجاوزها العقبات الطائفية، وبالتحام المواطنين حول قضية العدالة الاجتماعية، وقد باتت مثالا يحتذى به لكل شعوب العالم، بعدما نقلت معظم القنوات التلفزيونية اللبنانية صورة تحركات الثوار على الارض في بدايات الثورة، حيث كان الاعلام رأس حربة في الثورة، فقطعت القنوات برامجها المعتادة فاتحة الهواء لنقل التظاهرات وأصوات الثوار،

فيما انخرطت القنوات التابعة لاحزاب السلطة ببروباغندا تدافع عن الطبقة الحاكمة، ليتفاجأ اللبنانيون بعدها بالتعتيم الاعلامي من خلال تقليص التغطية الاعلامية الى درجة كبيرة وذلك بعد ان سرب خبر تعرض القنوات التلفزيونية الى ضغوط من قبل الاحزاب لوقف تغطية التظاهرات تحت تهديد فتح ملفات فساد لها، لا بل سرب خبر اتصال رئيس الجمهورية شخصيا طالبا ذلك من وسائل الاعلام، وان نفت دوائر القصر الجمهوري ذلك واضعة الامر في خانة الشائعات كذلك اعلن مدراء الشاشات، الا ان ما حصل ويحصل على ارض الواقع يثبت صحة الاخبار التي تداولت.

احد الدلائل على ضغوط السلطة على وسائل الاعلام قرار اقالة مديرة الوكالة الوطنية للاعلام لور سليمان من منصبها، وتعيين زياد حرفوش مكانها،

لمجرد تغطيتها لتحركات الثوار، اضافة الى امتناع “تلفزيون لبنان” عن تغطية الاحتجاجات الى حين دخول عدد من الفنانين اليه مطالبين الشاشة الوطنية بنقل صوت المواطنين، وحجب الشاشات التي واكبت الثوار منذ البداية الصورة عنهم، مستعيضة عن ذلك بإعادة فتح الهواء للسياسيين.

ضغوط السلطة للتعتيم على الثوره قابله الاعلام البديل، حيث اصبح كل مواطن مراسل من خلال بثه المباشر على حسابه في صفحته على فايسبوك، او تسجيل فيديوهات لما يدور ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت مصدرا للأخبار ومعها تحول عدد كبير من الناشطين إلى مصادر موثوقة للآخرين، كما تحوّلت مجموعات الأخبار إلى مرجع لمتابعة الأحداث.

يعلم الثوار علم اليقين ان طريق الحرية طويل ومعبد بالاشواك، وهم يظهرون يوما بعد يوم اصرارهم على متابعة “المشوار” حتى الوصول الى كامل الاهداف، وبعد ان امتلكوا الشارع واسقطوا السلطة بشكل رمزي سيصلون بالتأكيد الى التغيير الفعلي الذي يطمحون اليه.