لذا في ظل الاحتجاجات الأخيرة التي شهدها العراق، وتلك التي شهدتها إيران، في ظل غياب أي حديث عن مفاوضات (أميركية – إيرانية) أو حل أوروبي للأزمة، نجد مؤخراً تزايد الهجمات العسكرية على منشآت عسكرية أميركية عراقية، فضلاً عن محاولة اقتحام السفارة الأميركية من قِبل متظاهرين تابعين إلى (كتائب حزب الله).
تعتقدُ الحكومة الأميركية أن إيران تقف وراء سلسلة من الهجمات الصاروخية المتقدمة، التي زادت مؤخراً، على منشآت عسكرية أميركية عراقية مشتركة، ويتوقع أن الهجمات نفذتها جماعات تدعمها إيران داخل العراق.
ووفقاً لمسؤول أميركي وقعت تسع هجمات صاروخية على منشآت عراقية أو بالقرب منها تستضيف القوات الأميركية في الشهور الأخيرة، كما أعلنت السلطات العراقية في الـ12 من ديسمبر (كانون الأول) أن صاروخين سقطا بالقرب من قاعدة عسكرية تضم الجنود الأميركيين بالقرب من مطار بغداد الدولي، ويوجد تصوّر أن (كتائب حزب الله)، إحدى الميليشيات المدعومة من إيران، تقف وراء هذا الهجوم.
هنا يتجلّى كيفية توظيف الأداة الرئيسة التي تتبعها إيران في كل الدول التي تدخلت بها عبر تأسيس ميليشيات مسلحة تدمجها في النظام السياسي الداخلي، والعمل على توظيف تلك الأدوات في علاقاتها الخارجية.
لذا، يمكن القول إن ضرب الأهداف الأميركية في هذا الوقت له بعدٌ خاصٌ، لأنه يتزامن مع الاحتجاجات القائمة بسبب استياء وغضب المواطنين من سوء الإدارة الحكومية التي تتحكّم طهران في اختيارها بداية ثم سياستها، لذا كان الغضب الشعبي من الدور الإيراني الذي تسبب في أوضاع اقتصادية وسياسية واجتماعية متدهورة.
أمَّا بالنسبة إلى إيران، فهي تريد الانتقام من الاحتجاجات التي تأججت في العراق ورفعت شعارات معادية ضدها، معتبرة أن الولايات المتحدة تقف وراءها، ولا تريد طهران أن تغير مدركاتها كون هذه الاحتجاجات تعبيراً عن استياء شعبي من إدارة سياسية لشؤون البلاد من قِبل نخبة تسيطر على النظام السياسي العراقي الذي تحكّمت هي في تأسيسه منذ العام 2003،
لذا فإن توقف هجمات التنظيمات المسلحة في العراق ضد الأهداف الأميركية لا يرتبط بالوجود الأميركي بالعراق بقدر ما هو يرتبط بمنحنى العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران وشدة الصراع بينهما ومساحات التوافق إن وجدت مستقبلاً.