الخميس 9 شوال 1445 ﻫ - 18 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

دياب "التكنوقراطي".. اختصاصي خسارة المعارك

لا تخرج الحكومة من مطب، إلا لتقع في آخر. ما أن تردّ صفعة حتى تتلقى أخرى. فبعد أيام من محاولة إيجاد حلّ للمشكلة التي أثيرت مع أركان الطائفة الأرثوذوكسية، حتى بادرت الحكومة إلى افتعال مشكلة مع الطائفة الكاثوليكية: “تعيين رئيس مجلس إدارة لتلفزيون لبنان”.

 

ألعوبة العهد

رئيس الجمهورية وجبران باسيل يريدان تعيين شخص ماروني في هذا المنصب، الذي يحكم العرف أن يكون لشخص من الطائفة الكاثوليكية. رئيس الحكومة حسان دياب يستجيب فوراً، تحت عنوان أنه غير طائفي ويريد إحداث تغييرات. وزيرة الإعلام تستجيب سريعاً، تحت شعار: من حق أي كان، مهما كانت طائفته، التقدم لإجراء الامتحان اللازم على أساس الكفاءة.

وثارت ثائرة الطائفة الكاثوليكية. فعقد في الربوة اجتماع للمطارنة الكاثوليك، رافضين التهميش. ليست هذه المرّة الأولى التي يجيد فيها رئيس الجمهورية وباسيل استخدام حسان دياب في معاركهما، وتركه يذهب إلى النهاية في خوضها، فلا يصل إلى مكان، فيما هما يعملان على عقد مفاوضات لإيجاد الحلول والتسويات.

حصل مثل هذا مع الطائفة الأرثوذوكسية في مسألة تعيين محافظ لبيروت. استُخْدِم دياب في هذه المعركة التي أثارت أعيان الأرثوذوكس. واستقبل رئيس الجمهورية المطران الياس عودة وعقد معه اتفاقاً لحل المشكلة بالتفاهم بينهما. ووجد دياب أنه مخدوع وخارج التأثير.

وهذا ما يتكرر في تلفزيون لبنان، وفي محطات كثيرة آتية.

صفعات متتالية

وهناك الصفعة التي تلقتها الحكومة في ما يتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي. فالخطّة المقدمة لم يظهر أنها جدية أو إصلاحية. فهي تحتوي على تمنيات من دون اقتراح حلول. وأول المشاكل المثارة هي ملف الكهرباء. والتيار العوني تلقى صفعة قوية في ملف سلعاتا. فالوزراء لم يصوّتوا على إنشاء معمل في سلعاتا، الذي كان يتمسك به باسيل ويصر عليه. جرى التصويت على بناء معملين في دير عمار والزهراني. وتداعيات ذلك ستكون مزيداً من الصراعات بين مكونات حكومة الفريق الواحد.

ينتشي دياب بتلقي الصفعات، وبالصفات التي يتشبث بها لنفسه وحكومته: التكنوقراطية التي لا علاقة لها بالسياسة ولا بحسابات السياسيين. اللاطائفي وعدم الخضوع لحسابات زعماء الطوائف.

لكن ما يغيب عن باله أن المستفيد من ادعاء تحلّيه بهذه الصفات أو الطبائع، إنما يستثمرها في حساباته السياسية والطائفية. وهذا ما تكرر في أكثر من محطة ومناسبة. أبرزها محطة هجوم دياب على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قبل مدة، ثم السكوت والتراجع إعلامياً.

يريد دياب تسجيل مواقف وإنجازات في سجله: النجاح في إقالة أحد أكبر رموز الصيغة المالية والاقتصادية المتحكمة بالبلاد. يحسب أنه لم يفشل في معركته هذه، بعد إعلانه عنها على الملأ. لذا يستمر في معركة صامتة مع سلامة. في المقابل يصطدم بحسابات مختلفة لكل من عون وباسيل. ومن جهة ثالثة هناك حسابات لحزب الله وحركة أمل، تختلف عن حساباته.

الموقف من سلامة

لكل من الأطراف التي تتقنع بحكومة حسان دياب حساباته المختلفة: عون وباسيل يريدان إقالة سلامة أو دفعه إلى الاستقالة، بتكثيفهما الضغوط عليه، وإثارة ملفات قضائية ضد مصرف لبنان والتجاوزات الحاصلة. وهذا لتعيين بديل من سلامة مؤيد لهما، ولإحراقه وتشويه صورته وإجهاض أي طموح سياسي لديه، فيما هما يسيطران على القطاع المالي في البلد.

أما حسابات حزب الله وحركة أمل، فمختلفة كلياً. فهما يعلمان أن إقالة سلامة أو دفعه للاستقالة، لا يمكن أن تتحقق من دون موافقة أميركية، ومن دون اختيار الأميركيين الشخص البديل، والذي يلتزم بشروطهم. حزب الله لا يريد ذلك، لأنه خبر التعاطي مع سلامة، وطريقة إدارته التي يستوعبها لتخفيف حدّة العقوبات عليه. أما الرئيس نبيه بري فيعتبر أن من تعرفه أفضل من الذي لا تعرفه وتريد التعرف عليه في هذه المرحلة العصيبة.